ضغوط شعبية لسحب ترشح بوتفليقة: تلويح بخيارات تصعيدية

ضغوط شعبية لسحب ترشح بوتفليقة: تلويح بخيارات تصعيدية

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
26 فبراير 2019
+ الخط -
لا يزال الغموض يلف مستقبل المشهد السياسي في الجزائر، ففيما توجّه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إلى سويسرا لإجراء فحوصات طبية، تتوسع دائرة الغضب والرفض الشعبي لاستمراره في الحكم بعد إبريل/نيسان المقبل موعد الانتخابات الرئاسية، وينتظر الشارع الجزائري "بيان تنحيه عن الترشح" لأسباب صحية.

وتتصاعد الضغوط الشعبية رفضاً لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وهدد ناشطون في الحراك الشعبي بالعودة مجدداً إلى الشارع في حال لم يعلن سحب ترشحه قبل يوم الجمعة المقبل. وقال القيادي في "الحراك الشعبي" عبد الوكيل بلام لـ"العربي الجديد" إن "الشعب قال كلمته في الشارع، قال لا لعهدة خامسة للرئيس بوتفليقة، وهذا المطلب هو الوحيد والمركزي، ولم نطالب لا بإصلاحات ولا بندوة وطنية"، مضيفاً "إذا كانت السلطة مصرة على التضليل وتحويل المطلب المركزي إلى مطالب إصلاحات، فهذا يعني أنها بحاجة إلى أن نكرر الرسالة في الشارع، وفي هذه الحالة ليكن، نحن في الشارع وسنعود إليه".
بلام الذي كان اعتُقل صباح الجمعة الماضي قبل التظاهرات، قبل أن تطلق السلطات سراحه بعد تدفق المتظاهرين إلى الساحات، وتدعوه إلى المساعدة في إبقاء المسيرات سلمية وتلافي أي انزلاق، اعتبر أنه تمت دعوة كل الجزائريين، للنزول في التظاهرات المقررة يوم الجمعة المقبل، متوقعاً نزول مليوني متظاهر في العاصمة. وأشار إلى أن انكسار حاجز الخوف وإقرار السلطات بسلمية التظاهرات وحق التظاهر، هو مكسب سيحفز الجزائريين الرافضين لاستمرار هذا الوضع السياسي على النزول إلى الشارع، لافتاً إلى أن "محاولة بعض الشخصيات المستفيدة من فترة حكم بوتفليقة، استعادة أسطوانة مشروخة وتخويف الجزائريين بأزمة التسعينيات، نوع من العبث السياسي"، مضيفاً "بالنسبة للشارع لا أعتقد أنه يريد يسمع هكذا تضليل، كل ما يريد أن يسمعه الشعب الآن هو بيان التنحي عن الترشح، الجزائر أكبر من أي مرشح".

في هذه الأثناء، يدرس ناشطون خيارات تصعيد أخرى في حال تمسك بوتفليقة بالترشح لولاية خامسة، بينها الدعوة إلى عصيان سلمي وإضراب عام في كامل البلاد قبل الخامس من مارس/آذار المقبل، إذ يغلق المجلس الدستوري باب الترشح لانتخابات الرئاسة في الثالث من مارس، قبل أن يعلن نهائياً في حدود العاشر من مارس عن القائمة النهائية للمرشحين. ويستهدف الناشطون، في حال أصر بوتفليقة على إيداع ملف ترشحه، إلى الضغط على المجلس الدستوري لرفض ملف بوتفليقة لأسباب صحية، وهو أمر يعتقد المراقبون أن التطورات لن تصل إلى هذه النقطة.

وثمة سؤال يشغل المراقبين السياسيين في الجزائر، عما إذا كانت الانتخابات ستجري في موعدها في حال أصر بوتفليقة على الترشح وتمسك الشارع بموقفه الرافض. حتى الآن تبدو الحكومة الجزائرية واثقة من عدم وجود أي مفاجأة على هذا الصعيد. وأعلن رئيس الحكومة أحمد أويحيى أمس الإثنين أمام البرلمان أن "الانتخابات ستجري في وقتها، بعد أقل من شهرين، ومن حق كل شخص أن يدعم أي مرشح أو يعترض على كل مرشح، لكن الفصل سيكون في الصناديق بطريقة حضارية". لكنه أبدى تهرباً لافتاً من المطلب المركزي للمتظاهرين، واعتبر أن المطالب السياسية التي طرحها المتظاهرون، (تتعلق بإصلاحات عميقة بحسب رأيه) "متضمنة في تعهدات الرئيس بوتفليقة في رسالة ترشحه، إذ تعهد بتنظيم ندوة وطنية مفتوحة للجميع لمناقشة كل شيء باستثناء الثوابت الوطنية، ندوة غير مسبوقة في الجزائر مفتوحة لكل الأطراف والمنظمات والأحزاب".


لكن اللافت في التطورات الأخيرة سحب أويحيى، المعروف عنه تشدده، للتهديدات الحادة التي كان أطلقها في الثاني من فبراير/شباط بقمع أي تظاهرات في الشارع ومنع أي قوى شعبية أو سياسية تخرج للتظاهر في الشارع، والتعليمات التي كان وجهها في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي للولاة وحكام الولايات في مؤتمره السنوي باستخدام قوات الدرك والشرطة لقمع ومنع أي محاولة للتظاهر في الطرق والساحات العامة والشارع. وللمرة الأولى يتحدث أويحيى عن الحق الدستوري للجزائريين في التظاهر السلمي، بما فيها العاصمة التي كان يعتبر أن التظاهر فيها ممنوع بموجب مرسوم منذ يونيو/حزيران 2001. وقال أويحيى في خطابه أمس أمام نواب البرلمان، بمناسبة عرض بيان السياسة العامة للحكومة، "يوم الجمعة الماضي خرج عدد معتبر من المواطنين في مسيرات مطالبة بالتغيير، وهنا نذكّر أن الدستور يكفل حق التظاهر". لكن أويحيى أبقى على شكوك بشأن الجهات التي تدعو إلى التظاهر، وطالب المتظاهرين بالتحلي باليقظة "لكون النداءات لهذه المسيرات تأتي من مصادر مجهولة وهو ما يدعو إلى التخوف من الانزلاقات الخطيرة"، مشيراً إلى ما اعتبره "محاولة استدراج تلاميذ للخروج في مسيرات ذات طابع سياسي"، في إشارة منه إلى مسيرة نظمها تلاميذ القسم الثانوي في منطقة جيجل شرقي الجزائر، دعماً لمسيرات رفض العهدة الخامسة.

ورأى المحلل والناشط السياسي إسماعيل سعيداني، أن تراجع أويحيى عن التهديد باستعمال الحل الأمني، وإقراره بحق التظاهر، "ليس قناعة سياسية منه، فأويحيى معروف عنه اللجوء إلى الخيارات الأمنية، لكن مستوى الحشد الشعبي في التظاهرات، وغياب مبررات استعمال القوة، دفعه إلى التراجع". وفي السياق نفسه، أشارت بعض التسريبات إلى أن قيادة الجيش قد تكون أدت دوراً في دفع السلطة السياسية والأمنية إلى تخفيف القيود على الشارع والمتظاهرين وتجنّب الاستفزاز والصدام.

وتتوسع دائرة الاحتقان والرفض الشعبي والمدني ضد ترشح بوتفليقة، والتحقت الجامعات الجزائرية، والأساتذة الجامعيون والطلبة، بركب القوى المطالبة برفض استمرار بوتفليقة في الحكم، إذ تشهد الجامعات مسيرات داخل الحرم الجامعي اليوم الثلاثاء استجابة لنداء لجان طالبية مستقلة عن التنظيمات الطالبية العشرة التي اختارت دعم بوتفليقة. وحثّت اللجان الطالبية، الطلبة على إبقاء الشعار المركزي هو رفض الولاية الخامسة لبوتفليقة من دون أي شعارات أيديولوجية أخرى. كما أصدر الأساتذة والباحثون الجامعيون في الجزائر بياناً أكدوا فيه انحيازهم للإرادة الشعبية "ودعم مسيرة التغيير". وفي السياق، أعلن الصحافيون عن وقفة احتجاجية يوم الخميس في ساحة حرية الصحافة وسط العاصمة، للمطالبة بتحرير الصحافة، فيما تجري نقابات التربية والتعليم التي قررت الدخول في إضراب لأسباب مهنية مشاورات لإدراج بند يتصل بدعم مطالب الشعب.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.