تونس بعد الإضراب: سياسيون يدعون إلى عودة الحوار

تونس بعد الإضراب: سياسيون يدعون إلى عودة الحوار

18 يناير 2019
حقق الإضراب نسبة قياسية في المشاركة الشعبية(Getty)
+ الخط -

دعا نواب وأحزاب في تونس، اليوم الجمعة، الى عودة الحوار بين الحكومة و"اتحاد الشغل"، بعد الإضراب العام الذي شهدته البلاد أمس الخميس، مؤكدين أن لا بديل عن الحوار والجلوس مجدداً حول طاولة المفاوضات، ومعتبرين أن الوضع الذي وصلت إليه تونس، والذي قاد إلى الإضراب العام، "لا بد أن يعالج بحكمة"، و"أن يتم الركون إلى صوت العقل".

ولئن ثمنت الطبقة السياسية نجاح الإضراب العام، والذي عمل "اتحاد الشغل" على تأطيره جيداً، الى جانب جهود المؤسسة الأمنية التي أحسنت إدارة الوضع، إذ لم تسجل أي أحداث عنف أو شغب "من شأنها أن تفشل الإضراب العام والخيار الدستوري"، فإنها لم تخفِ مخاوفها من خيار التصعيد في الأيام المقبلة.

وشدد الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري"، عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على "ضرورة تجنيب تونس المزيد من التوترات، لأن الأوضاع لا يمكن أن تسلم في كل مرة"، معتبراً أنه "لا بد من العودة الى المفاوضات الجدية، بما يلبي انتظارات الشغالين ويرضي الطرف النقابي"، ورافضاً "أي مبررات لاستثناء الموظفين العموميين وحرمانهم من مطالبهم المشروعة".

وقال الشابي إن "الكرة في يد الحكومة، وهي المسؤولة الأولى والأخيرة عن تفكيك الأزمة خاصة"، مبيناً أن المبررات التي ساقتها الحكومة حول صعوبة الوضع ودقته "لا معنى لها، لأن الحكومة اختارت الحلول السهلة، واتجهت إلى الاستدانة المفرطة، ولم تفاوض جيداً صندوق النقد الدولي، لذا لا يمكن أن يتحمل طرف آخر المسؤولية بدلاً عنها، وبالتالي فالقضية لا تتعلق بإمكانيات الدولة فقط، بل بالسيادة الوطنية، ولذلك رفع أمس شعار السيادة قبل الزيادة".

وأكد الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" على نجاح الإضراب العام "الذي حقق أرقاماً قياسية في المشاركة نادراً ما يمكن تحقيقها حتى في دول متقدمة"، لافتاً إلى أن "هذا النجاح يعود إلى مكانة الاتحاد كمنظمة عريقة لها تاريخها النضالي، وقد أحسنت تأطير الاحتجاج، ولم يسجل أي تجاوز في كامل المحافظات التونسية"، لافتاً إلى أنّ الإضراب بيّن أيضاً أن تونس "تخطو خطوات راسخة نحو الديمقراطية".

بدوره، رأى النائب عن "الائتلاف الوطني" وليد جلاد أنه "لا بديل عن الحوار اليوم بعد نجاح الإضراب العام، لأن الحلول لا تتحقق إلا بالحوار، ولا مخرج للأزمة سوى العودة إلى طاولة المفاوضات"، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "بغض النظر عن الجانب السلبي في الإضراب والمتمثل في تعطيل مصالح التونسيين، إلا أن هناك جانباً إيجابياً يتعلق بسلمية الإضراب، حيث أن البعض أراد إخافة التونسيين بالإضراب العام، وصل إلى حدّ الحديث عن خميس أسود، لكنه كان خميساً أبيض".

وقال النائب عن "الجبهة الشعبية" عمار عمروسية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الإضراب العام لا يعتبر حدثاً عادياً، بل استثنائي وكبير، مقارنةً مع إضراب العام 1978 الذي كان يوماً أسود على الشعب التونسي بالقمع والإيقافات التي طاولت القيادات النقابية وعشرات الجرحى والشهداء". أما أمس، بحسب عمروسية، فقد كان "أسود على الحكومة والائتلاف الحاكم، لأن كثيرين طالبوا الحكومة بالرحيل".

ورأى النائب عن "الجبهة الشعبية" أنه "رغم أن الإضراب ليس غاية في حد ذاته، فالمسؤولية تقع على عاتق الحكومة بعد مفاوضات عسيرة، وبعد عبث بالتفاوض"، مشيراً الى أن الإضراب "ليس من أجل الأجور فقط، بل للدفاع عن السيادة الوطنية والدفاع عن المرفق العمومي، خاصة أن صندوق النقد الدولي هو المتحكم في الوضع".

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، اعتبر النائب الصحبي بن فرج أن "أهم خطوة الآن هي الحوار، لأن التصعيد لا أفق له، وكل من يحاول استثمار الأزمة لتحقيق أي مكاسب سياسية تبين أنه فشل، كما لا يمكن للرأي العام تحمل مزيد من التصعيد، ولا يمكن الذهاب إلى النهاية وبالتالي لا حل إلا التعقل".

ودعا بن فرج الحكومة "لكي تتحمل المسؤولية وتصارح الشعب بالوضع وتقدم مقترحاتها الجدية بوضوح"، منوهاً بـ"حسن إدارة الاتحاد العام للإضراب، محذراً في الوقت ذاته من أن الإضرابات العامة "هي سلاح وورقة أخيرة لا يمكن إطلاقها بطريقة متوترة ومضطربة لأنها ستفقد قيمتها وأهميتها وستفقد الدعم الشعبي لها، فليس من مصلحة أحد أن تتعطل المصالح العامة".

وأخيراً، وصف القيادي في "التيار الديمقراطي"، محمد الحامدي، السياسات المتبعة من قبل الحكومة بـ"غير المسؤولة، حيث لم يتم الذهاب في إجراءات لحماية القدرة الاستهلاكية والنظر في مسالك التوزيع"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الإضراب عند النقابيين "هو أبغض الحلال، لكنه وسيلة  للدفاع عن حقوق الشغالين، على أمل أن تستمع الحكومة لصوت العقل بعد الإضراب وتفهم مبرراته".

ورداً على دعوات الحوار، شدد المتحدث باسم "الاتحاد العام التونسي الشغل"، سامي الطاهري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أن الحكومة "تراجعت عن الاتفاقات السابقة واختارت العودة عن وعودها وطريق المماطلة بعد المفاوضات معها، والتقدم الذي كان حصل في الحوار"، مؤكداً "تمسك الاتحاد بالحوار"، ومعتبراً رغم ذلك أن "أجندات الحكومة الانتخابية طغت على تحقيق المطالب".