تحقيقات استهداف "الحشد": بعض الهجمات انطلقت من مناطق "قسد"

تحقيقات استهداف "الحشد": بعض الهجمات انطلقت من مناطق "قسد"

24 سبتمبر 2019
مقاتلون من "الحشد" في الحويجة بالعراق عام 2017 (Getty)
+ الخط -
علمت "العربي الجديد"، من مصادر في مديرية الأمن الوطني العراقية وأخرى داخل "الحشد الشعبي"، أن نتائج التحقيقات الجارية حول الاستهدافات التي طاولت حتى الآن ستة مقرات ومستودعات سلاح تابعة لـ"الحشد" في ديالى وصلاح الدين وبغداد والأنبار في العراق، خلصت إلى أن الأراضي السورية كانت منطلقاً لبعض الهجمات، وتحديداً المناطق التي تسيطر عليها مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد). إلا أن الرئيس المشترك لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، رياض درار، رد على هذه الاتهامات معتبراً إياها "فاسدة ومثيرة للسخرية"، ومحذراً بالرد في حال وقوع أي اعتداء على مناطق سيطرة "ٌقسد".

وقال مسؤول رفض الكشف عن اسمه ويعمل في مكتب مستشار الأمن الوطني العراقي رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "أغلب تفاصيل التحقيقات جاهزة، لكنّ الإعلان عن النتائج وإرسالها إلى البرلمان منوطان برئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وقد يحدث ذلك في الأيام المقبلة". وأوضح أنّ "نتائج التحقيقات في استهداف معسكر آمرلي في صلاح الدين، كانت مختلفة عن نتائج التحقيق باستهداف معسكر الصقر، جنوبي بغداد، من حيث نوعية القصف وحيثياته"، مؤكداً أنّ "اغتيال أبو علي الدبي القيادي في كتائب حزب الله قرب القائم، هو الأكثر وضوحاً حتى الآن في سير التحقيقات، حيث تمّ بطائرة مسيرة ثابتة الجناح". وأشار المسؤول نفسه إلى أنّ "جميع الهجمات تمّت بما يمكن اعتباره صواريخ مجهولة النسب، وهو ما يؤكد أنها عملية استخبارية أكثر من كونها عسكرية، على غرار اعتداءات الصهاينة على أهداف داخل سورية".

وتابع "التحقيقات الحالية خلصت إلى أنّ الهجمات لم تكن كلها مباشرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهناك مؤشرات تؤكد أنّ العدو تلقى مساعدة من أطراف داخل الشرق السوري"، كاشفاً عن أنّ "جميع الأدلة التي تمّ جمعها لا يوجد فيها ما يمكن اعتباره صاروخاً أو سلاحاً إسرائيلياً، لتقديمه كدليل إلى مجلس الأمن الدولي".

ومنذ التاسع عشر من يوليو/ تموز الماضي، انطلقت سلسلة تفجيرات داخل معسكرات تابعة لـ"الحشد الشعبي" في العراق، أولها في بلدة آمرلي بمحافظة صلاح الدين، أعقبها تفجير آخر في 28 من الشهر نفسه داخل معسكر "أشرف" في ديالى، شرقي العراق، ثمّ معسكر "الصقر"، جنوبي بغداد، في 13 أغسطس/ آب الماضي. وبعد ذلك بأيام عدة، وقع تفجير آخر في معسكر "بلد"، قرب تكريت، ثمّ اغتيال قيادي في كتائب "حزب الله" العراقية، يدعى أبو علي الدبي، قرب مدينة القائم على الحدود مع سورية في الشهر ذاته. وآخر الاستهدافات كان لقاعدة بمنطقة المفرق العراقية الواقعة ضمن المثلث الحدودي العراقي الأردني السوري، غربي الأنبار، مساء أول من أمس الأحد.

من جهته، قال القيادي في "الحشد الشعبي" محمد البصري، لـ"العربي الجديد"، إنه "وفق نتائج التحقيق، فإنّ قسماً من الطائرات المسيرة التي قصفت مقرات الحشد الشعبي داخل العراق، انطلقت من الأراضي السورية التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية (قسد)". وأضاف "هناك احتمال أن تكون هذه العمليات قد نفّذت من قبل تنظيم قسد نفسه، بالتنسيق مع الكيان الصهيوني، أو أنها نفذت من مناطقها فقط"، مستدركاً "تمّ حسم أكثر من 90 في المائة من التحقيق، ويبقى الإعلان عن النتائج بيد القائد العام للقوات المسلحة وهو من يقرر ذلك".

لكنّ الرئيس المشترك لـ"مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، رياض درار، نفى هذه الاتهامات. وقال في حديث مع "العربي الجديد": "أولاً لا توجد لدى قواتنا مثل هذه الوسيلة (الطائرات المسيّرة) في معاركها، وبالتأكيد هي تهمة فاسدة ومثيرة للسخرية، لا سيما لجهة تعاملنا مع إسرائيل". وتابع "بالنسبة لنا، لسنا في صدد مواجهة الحشد الشعبي لأنه لا مبرر لهذه المواجهة، وإذا اعتدوا على مناطق شمال وشرق سورية فسوف نردّ وبغير ذلك. نحن ليست لنا أي علاقة بما يحصل معهم، فلهم أعداء كثر وهم يعلمونهم".

في هذه الأثناء، أكدت كتلة "صادقون" البرلمانية، التابعة لمليشيا "عصائب أهل الحق"، أنّ نتائج التحقيقات بقصف مقرات ومخازن أسلحة "الحشد الشعبي" داخل الأراضي العراقية، ستعلن خلال الأسبوع المقبل. وقال النائب عن الكتلة فاضل الفتلاوي، لـ"العربي الجديد": "الأسبوع المقبل، ستصل نتائج التحقيقات الرسمية إلى مجلس النواب، ثمّ سيتم الإعلان عنها، هذا ما أبلغنا به مستشار الأمن الوطني، رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض".

وحول المعلومات الحالية المسربة من لجنة التحقيق، قال "جميع الأنباء أو المعلومات التي تسرّب بشأن نتائج التحقيقات، لا يمكن تأكيدها أو نفيها إلا بعد إعلان النتائج من قبل الجهات التحقيقية المختصة، فنحن ومجلس النواب العراقي لم نطلع عليها حتى الساعة".

واعتبر الفتلاوي أنّ "تأخير إعلان هذه النتائج ليس في مصلحة العراق إطلاقاً، إذ يمكن أن تستغلّ الجهات التي نفذّت عمليات القصف هذا التأخير بشنّ عمليات قصف جديدة. ولهذا يجب الإسراع بإعلان النتائج لمنع تكرار هذه العمليات، وحتى يتخذ العراق الخطوات القانونية والرسمية للردّ عليها وفق الطرق التي يراها مناسبة".

بدوره، أكد النائب في تحالف "سائرون"، المدعوم من قبل التيار الصدري، محمد الغزي، أنّ "مجلس النواب العراقي سيتخذ قرارات بشأن الاعتداء على مقرات الحشد الشعبي"، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "البرلمان لغاية الساعة، ينتظر وصول نتائج التحقيقات بشكل رسمي من قبل اللجان الحكومية، ثمّ ستكون له كلمة وموقف". وأكد أنّه "بعد وصول نتائج التحقيق ودراستها من قبل لجان مجلس النواب المختصة، سيصدر البرلمان العراقي قرارات عدة تدعم وتساند نتائج التحقيقات، كما سيصدر قرارات وتوصيات إلى الحكومة، من أجل حفظ سيادة البلاد واستقرارها".

ومطلع شهر أغسطس/ آب الماضي، أمر رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، بتشكيل لجنة تحقيق بتفجير استهدف معسكر "الصقر"، وحدّد مهلة أسبوع واحد للكشف عن النتائج، إلا أنّ اللجنة المشكّلة من وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني والحشد الشعبي إضافة إلى جهاز المخابرات الوطني، لم تعلن لغاية الآن عن أي نتائج لهذا التحقيق.

وتتهم جهات سياسية عراقية مختلفة دولة الاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراء الهجمات، محمّلة واشنطن مسؤولية توفير غطاء لها، لكن المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد" أكدت وجود مشكلة لدى السلطات في إثبات أنّ إسرائيل هي التي تقف وراء القصف، وهو ما يعيق تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي حول ذلك. علماً أن الاستهدافات لمعسكرات "الحشد" تسببت بأزمة سياسية داخل العراق حول طبيعة الردّ المفترض.