هل أخفق جنتيلوني بانتزاع "تفويض" أميركي لإدارة الملف الليبي؟

هل أخفق جنتيلوني بانتزاع "تفويض" أميركي لإدارة الملف الليبي؟

25 ابريل 2017
تحركات إيطالية لجمع الفرقاء الليبيين (بيت ماروفيش/Getty)
+ الخط -
تباينت قراءات المتابعين بشأن صحة تمكّن رئيس الوزراء الإيطالي، باولو جنتيلوني، من انتزاع "تفويض" أميركي يخول بلاده إدارة الملف الليبي والوضع الأمني في البحر المتوسط عقب لقائه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في واشنطن يوم الجمعة الماضي.

ورأى العديد من المراقبين أن إيطاليا أرادت من وراء جمع رئيسي البرلمان ومجلس الدولة الليبية، عقيلة صالح وعبد الرحمن السويحلي، يوم الجمعة في روما، التغطية على الإخفاق في الحصول على التفويض الأميركي، والتأكيد على أنها لا تزال فاعلة في ليبيا ويمكنها التأثير. 

وفي السياق نفسه، علقت صحف ليبية على الخبر، الذي بثته وكالة "رويترز" بشأن لقاء مرتقب بين اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، بأنه جاء على خلفية تصريحات مسؤولين إيطاليين تصبّ في الاتجاه ذاته، في الوقت الذي لم تؤكد فيه واشنطن ذلك إلى الآن.

وبحسب المراقبين، ربما تشير الخطوة الأميركية، بعدم منح روما تفويضا لتدبير الملف الليبي، إلى خلاف ما فهم من تصريحات ترامب في مؤتمره الصحافي مع جنتيلوني، والتي أكد فيها أنه لا يرى دورا حاليا لبلاده في ليبيا، إذ قد تعكس عدم رضا الإدارة الأميركية الجديدة على الدور الإيطالي المتصلّب في دعم الاتفاق السياسي وحكومة الوفاق، وضرورة جمع قادة ليبيا على طاولة واحدة للتفاوض من جديد لتجاوز الخلافات.


وقد تشير إلى صحة هذه التحليلات كلمة مندوبة أميركا في مجلس الأمن، نيكي هيلي، خلال جلسة خصصها مجلس الأمن للأوضاع في ليبيا قبل زيارة جنتيلوني بيوم واحد، إذ أشارت إلى عدم رضاها عن ممثلي الأطراف الليبية الحاليين بالقول: "الوضع الراهن، وفي ظل وجود مسؤولين يدعون أنهم يتحدثون باسم الشعب الليبي، لن يدوم"، قبل أن تشدد: "هذه هي الرسالة التي يتعين على كل منّا أن يقدمها إلى الطرفين، وهكذا يمكننا أن نتوقف عن الحديث عن ليبيا كتهديد للسلم والأمن، وأن نركز بدلاً من ذلك على الفرص المتاحة لليبيا للنماء".

وتعبّر كلمة هيلي عن سياسة أميركية جديدة في التعاطي مع الملف الليبي، تشير إلى عدم الرضى عن تعامل أطراف دولية وإقليمية مع الأزمة، لكنها لا تعكس رغبة واشنطن في الابتعاد عن الساحة الليبية، التي تسعى روسيا إلى إيجاد موضع قدم فيها، إسوة بغيرها من مناطق التوتر في المتوسط، وخاصة سورية.

ويرى محللون، أيضا، أن أولوية القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في ليبيا لا تعني انحسار الدور الأميركي، فقد سبق لترامب أن ناقش الملف الليبي مع قادة دول آخرين، لكن إهماله لمساعي إيطاليا في منحها تفويضا لقيادة الملف الليبي لا يعكس إلا عدم رضا إدارته عن التعاطي مع الأزمة الليبية.

وكان جنتيلوني قد شدّد، في مداخلة بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، قبل اجتماعه مع ترامب مباشرة، على وجوب "عمل الولايات المتحدة المزيد من أجل ليبيا لدعم استقرارها وتوسيع الدعم لحكومة طرابلس، ليشمل فاعلين آخرين"، مركزاً على أن "تقسيم ليبيا ليس فكرة صائبة"، وأن التقسيم "سيكون خطيرا على مصر وتونس، وعلى مصالح أوروبا"، وهو المشروع الذي سبق أن كشفت عنه صحيفة "ذا غارديان"، نقلا عن مسؤولين قالوا إن سيباستيان غوركا، مساعد الرئيس دونالد ترمب، تقدم بمشروع لتقسيم ليبيا إلى ثلاثة أقاليم كحل للأزمة، وهي الأنباء التي أشيع أن الجزائر طلبت، بشكل رسمي، من الولايات المتحدة توضيحا بشأنها.

ولا يمكن التهكن بشأن صحة المساعي الأميركية الجديدة في ليبيا، لكن يمكن ربطها بتصريحات مستشار ترامب السابق للشؤون الخارجية، وليد فارس، الذي أكد أن "إدارة الرئيس ترامب ستدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر"، ليتساءل مراقبون: "هل حفتر الأداة المناسبة لمشروع التقسيم، لا سيما أن جيشه يحظى بدعم واسع من القوى الفيدرالية شرق البلاد، والتي سبق أن كونت جسما سياسيا في عام 2013 تحت مسمى (المكتب السياسي لبرقة)".​