موازنة الأردن: صفقات سياسية لتمرير رفع الدعم عن الخبز

موازنة الأردن: صفقات سياسية لتمرير رفع الدعم عن الخبز

27 نوفمبر 2017
طرح الملقي ميزانية تقشف (فرانس برس)
+ الخط -


على غير العادة، أطال رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، الانتظار تحت قبة البرلمان في أعقاب الجلسة التي عقدت مساء أمس الأحد، وتلا خلالها وزير ماليته، عمر ملحس، خطاب الموازنة، المتضمنة إجراءات اقتصادية قاسية.

وأصر الملقي على البقاء تحت القبة محاطاً بعشرات النواب، حتى بعد أن أعلن رئيس المجلس عاطف الطراونة، رفع الجلسة التي أدارها بإستراتيجية "تكميم الأفواه"، حارماً نواباً من حقهم بتقديم قراءة أولية في مسودة قانون الموازنة.

ما فعله رئيس الوزراء يعتبر حدثاً نادراً، وهو الذي يؤخذ عليه منذ توليه المنصب في مايو/أيار 2016 عدم التزامه بحضور جلسات البرلمان، أو عدم استمراره فيها حال حضوره.

وتفسر مصادر نيابية، سلوك الملقي غير المعتاد، بمساعيه لضمان مرور آمن لمشروع قانون الموازنة، في مواصلة للمساعي التي بدأها قبل شهرين بسلسلة لقاءات شملت الكتل النيابية، لحشدها لصالح سياسات حكومته الاقتصادية، والتي كشفت أرقام الموازنة تضمنها رفع الدعم عن مادة الخبز، والتوجه لشمول مزيد من السلع بينها سلع أساسية بضريبة المبيعات.

لكن المصادر النيابية التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، قللت من تأثير اللقاءات التي عقدت مع الكتل النيابية على سلوكها التصويتي على مشروع قانون الموازنة، مؤكدة أن صفقات اللحظة الأخيرة التي يديرها النواب بشكل فردي لتحقيق مكتسبات شخصية أو فئوية أو مناطقية هي التي تحدد مسار التصويت.

وفيما لم يسبق أن رد مجلس نيابي أردني عبر التاريخ مشروع قانون موازنة، يبقى الحذر الحكومي قائماً ويزداد حرص الحكومة كلما اقترب موعد التصويت على تعظيم الأصوات المؤيدة.

ويحتاج مشروع قانون الموازنة لإقراره تصويت الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب، بواقع 66 صوتاً من أصل 130 وهو عدد أعضاء المجلس، في وقت تطمح الحكومة لتمريره بأكبر عدد ممكن من المؤيدين لتضفي على سياساتها الاقتصادية تأييداً من ممثلي الشعب، رغم ما تكشفه استطلاعات الرأي من ترجع ثقة المواطنين بالحكومة وبمجلس النواب.

وخلال دقائق الانتظار جدد النواب الذين أحاطوا برئيس الوزراء الشكوى من عدم تعاون بعض الوزراء معهم، كما عرضوا احتياجات خدمية لدوائرهم الانتخابية، في إصرار على اضطلاعهم بدور غير دورهم المحصور دستورياً في الرقابة والتشريع، وعلقوا توصيتهم لصالح الموازنة على تحقيق الخدمات أو الحصول على وعد بتحقيقها مستقبلاً.

الحرص الحكومي على استهداف كل صوت نيابي لصالح مشروع قانون الموازنة، يأتي رغم المؤشرات الأولية بعد تلاوة بيان الموازنة، والتي تصب في صالح التوجهات الحكومية، وسط اتهام بتواطؤ رئاسة المجلس ضد النواب المعارضين لتلك التوجهات.

وكان رئيس المجلس، عاطف الطراونة، استبق جلسة تلاوة بيان الموازنة بدعوة زملائه ألا تكون عباراتهم خلال المناقشة "نارية" أو "استفزازية"، واقتنص بعد تلاوة البيان قراراً بتحويل مشروع قانون الموازنة إلى اللجنة المالية دون إتاحة الفرصة أمام النواب لقراءة أولية، متفادياً بذلك استفزاز المواطنين وحشدهم ضد الموازنة من خلال الخطابات الشعبية الرافضة لقرار رفع الدعم عن الخبز.

وتعمدت رئاسة المجلس قطع الصوت عن النواب الرافضين لتحويل مشروع القانون للجنة المالية دون قراءة أولية، حيث يقول النائب نبيل غيشان، الذي حرمته رئاسة المجلس حق الكلام إنه "من حقنا أن نتكلم، ذلك منصوص عليه في النظام الداخلي، لكن رئاسة المجلس ترفض حتى النقاش".

وحسمت الحكومة أمرها برفع الدعم عن الخبز، والتوجه لشمول مزيد من السلع بضريبة المبيعات، متجاهلة نصائح مرجعيات أمنية بالإبقاء على دعم الخبز.

وفي الوقت الذي أعلنت الحكومة قرارها بتوزيع دعم نقدي على المواطنين لتعويضهم عن فرق أسعار الخبز، ما يزال التخوف من حدوث احتجاجات قائماً، خاصة في ظل ضبابية المعايير التي اعتمدتها الحكومة لتوزيع الدعم النقدي.