أسبوع هادئ بعد آخر هجمات كاتيوشا في العراق

أسبوع هادئ بعد آخر هجمات كاتيوشا في العراق

24 مارس 2020
العراق: احتمال تنفيذ هجمات جديدة ما يزال قائماً(فرانس برس)
+ الخط -
مرّ أسبوع على آخر هجمات الكاتيوشا التي طاولت معسكرات عراقية تستضيف قوات أميركية شمال وجنوبي بغداد، والتي رافقتها تهديدات من مليشيات مسلحة بتنفيذ مزيد من تلك الهجمات في حال لم تنسحب القوات الأميركية وباقي قوات التحالف الدولي من العراق. 

وكان الشهر الحالي أحد أكثر الشهور دموية للقوات الأميركية في العراق منذ تشكيل التحالف الدولي بقيادة واشنطن خريف 2014، إذا أُعلن فيه عن مقتل أربعة أميركيين، منهم جنديان قُتلا في منطقة مخمور شمال غربي الموصل خلال معارك مع مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي.

وقُتل الجنديان الأميركيان الآخران في الهجوم على معسكر التاجي في الحادي عشر من الشهر نفسه، فضلاً عن مقتل بريطاني وجرح 10 آخرين بالهجوم ذاته قبل أن يتكرر الهجوم على القاعدة ذاتها ويتسبب بإصابة 3 أميركيين آخرين ليرتفع إجمالي القتلى إلى 5، بينهم جندي بريطاني، والجرحى إلى 13.

وردت واشنطن على هجوم التاجي الأول بغارات جوية عنيفة استهدفت معسكرات ومواقع لمليشيات حزب الله والنجباء وفصائل أخرى في بابل وكربلاء والأنبار أسفرت عن خسائر بشرية ومادية. 

وسجل الهجوم الأخير على معسكر "بسماية"، جنوبي بغداد والذي تتواجد فيها قوات تابعة للتحالف الدولي تعمل ضمن نطاق الدعم اللوجستي لوحدات قتالية عراقية برية، خسائر مادية بسيطة يوم الثلاثاء الماضي. 

وقال مسؤول عراقي بارز في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن الإجراءات التي اتخذتها القوات العراقية في الأيام الأخيرة تضمنت نشر وحدات من الجيش العراقي بمحيط القواعد وعلى مساحة مناسبة تمنع وصول صواريخ الكاتيوشا إلى القواعد التي تتواجد بها القوات الأميركية ضمن مدى يصل الى 15 كلم، وتم إبلاغ الضباط بأنهم سيتحملون مسؤولية أي استهداف للقواعد وسيحالون للمحاكمات العسكرية في حال حصول أي هجوم.

ووصف المسؤول العراقي الوضع بأنه أفضل في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن هذا لا يمنع القول بإن احتمالية تنفيذ هجمات جديدة قائمة حتى الآن. 

وكشف عن أن أطرافا من هيئة الحشد الشعبي منها فالح الفياض، وقيس الخزعلي لعبا دوراً في وقف التصعيد ضد المواقع الأميركية وتجميد أي هجوم ضدها، من قبل جماعات متشددة تصفها واشنطن بأنها "وكلاء إيران في العراق".
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أبلغ بغداد رسمياً بأن أي هجوم جديد على قوات بلاده سيكون الرد عليه بأكبر منه، وهو ما لا تريده عدة أطراف تجد أن "أي مواجهة عسكرية بين الفصائل والولايات المتحدة سيكون تأثيرها سلبيا على القوى السياسية الشيعية في العراق"، حسب قوله. 
 

والأسبوع الماضي، أكملت القوات الأميركية عملية الانسحاب الكامل من قاعدة القائم أقصى غربي الأنبار على الحدود العراقية السورية، وذلك ضمن عملية إعادة تموضع شاملة تجريها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). 

ونهاية العام الماضي، بدأ التوتر بين القوات الأميركية والمليشيات العراقية على خلفية قيام فصائل مسلحة بقصف قاعدة "كي وان" في محافظة كركوك شمالي البلاد، والتي تستضيف قوات أجنبية، ما أدى إلى مقتل متعاون أميركي، ردت بعدها أميركا بقصف مقرات للجماعات المسلحة على الحدود العراقية السورية، وردت عليها مليشيات مسلحة بمهاجمة السفارة الأميركية واقتحام حرمها، وهو ما أدى إلى تنفيذ الولايات المتحدة عملية اغتيال قائد "فيلق القدس"، بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس مليشيات "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس بضربة جوية قرب مطار بغداد الدولي، مطلع العام الحالي. 

وقال علي الطائي، وهو أحد العناصر البارزة في مليشيا الخراساني لـ"العربي الجديد"، إن الهجمات التي كانت تستهدف القواعد الأميركية تنفذ من قبل عملاء أميركيين بطلب أميركي حتى يتم إيجاد حجة لضرب الحشد، حسب قوله. 

وأوضح أن الفصائل لو كانت تريد تنفيذ هجمات لنفذت بشكل أكثر قوة وجدية، وأن صواريخ الكاتيوشا باتت قديمة وأنهم يمتلكون صواريخ أكثر تطوراً، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة هي من تمتلك مفاتيح التوتر بالعراق وليس فصائل المقاومة الإسلامية. 

وعبر عن أمله في أن يستمر الهدوء، مشدداً على أن العراق يمر حالياً بحالة سيئة بسبب أزمتي انهيار أسعار النفط وتفشي وباء كورونا.  

إخراج القوات الأميركية لم يعد أولوية 

وفي السياق، قال كريم النوري، وهو متحدث سابق باسم "الحشد الشعبي" إن المشاكل التي يعاني منها العراق بسبب وباء كورونا، والانسداد في ملف تشكيل الحكومة، ومحاولة وضع العراقيل أمام رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، أمور جعلت قضية إخراج القوات الأميركية ليست أولوية في الوقت الحاضر، موضحاً في حديث لـ "العربي الجديد" أن الأمر متروك لمجلس النواب، وتقديرات الحكومة العراقية التي يمكن أن تضع سقفا زمنيا لإخراج كل القوات الأجنبية.

وبيّن أن وجود أزمة صحية بسبب كورونا، وأخرى سياسية متعلقة بتشكيل الحكومة لا يمكن أن يعني إهمال الجانب المتعلق بالقوات الأجنبية، مضيفا "أعتقد أن الفترة المقبلة قد تشهد إثارة ملف القوات الأجنبية، ولكن ليس بالطريقة التي جرت بعد اغتيال سليماني والمهندس"، في إشارة إلى الهجمات الصاروخية المتكررة للفصائل المسلحة على قواعد عسكرية تضم قوات أميركية بعد مقتلهما. 

ويعتقد الباحث في الشؤون العسكرية والأمنية ماجد البياتي أن الهدوء الحذر الذي يشهده العراق، خلال الأيام الأخيرة على مستوى الهجمات بين القوات الأميركية والفصائل المسلحة قد يكون مرتبطا بشكل أو بآخر بالحراك السياسي الذي تشهده البلاد لتشكيل الحكومة الجديدة. 

وأكد البياتي لـ "العربي الجديد"، أن الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة تمثل أطرافاً مهمة في مفاوضات اختيار بديل لعدنان الزرفي في تشكيل الحكومة الجديدة، وفي حال نجحت في ذلك فلا داعي للقصف لإخراج الأميركيين، لأنها ستتبع السبل الدبلوماسية والضغوط السياسية.

وتوقع أن تزداد المناوشات بين المليشيات والأميركيين، في حال تم تكليف رئيس وزراء غير راغب بخروج القوات الأميركية. 

ويرى الكاتب العراقي مصطفى سالم أن المواجهة بين الأميركيين من جهة، وإيران وحلفائها بالعراق واقعة لا محالة، مضيفاً في تغريدة على موقع تويتر "كورونا لن يمنع المواجهة الأميركية الإيرانية في العراق، وللتخلص من المليشيات تعتمد واشنطن على مظالم السنة في مناطقهم، ورفض أطراف شيعية لمصاعب اقتصادية وسياسية خلفتها طهران لهم، وليس سراً هناك في واشنطن من بدأ يشكك بشرعية حكومة تغطي على جرائم المليشيا".

 

 

 

 

 

المساهمون