الاعتداءات الإرهابية في العراق: استغلال الفراغ الأمني لترهيب الاحتجاجات؟

الاعتداءات الإرهابية في العراق: استغلال الفراغ الأمني لترهيب الاحتجاجات؟

03 ديسمبر 2019
"الحشد" تسعى لتخويف المتظاهرين (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
لليوم الثالث على التوالي، تعلن السلطات الأمنية العراقية عن وقوع اعتداءات إرهابية في مدن عدة شمالي البلاد وشرقه، وتحديدًا في محافظة ديالى، الخاصرة الشرقية للعراق مع إيران، خلفت عددا من القتلى والجرحى في صفوف قوات الأمن وعناصر مليشيات "الحشد الشعبي" التي لم تفوت الحدث دون ربطه بالتظاهرات، في تلميح إلى أن تصاعد عمليات "داعش" يأتي بسبب التظاهرات وتركيز جهود قوات الأمن عليها.

وأمس الاثنين، قال بيان لمليشيات "الحشد" إن تنظيم "داعش" ينفذ هجمات بعدد من المناطق، مستغلاً الوضع السياسي الراهن، مشيراً إلى أن "عددا من المناطق المحررة تتعرض منذ أيام لهجمات متكررة من قبل جماعات "داعش" الإرهابية التي تحاول استغلال الوضع الأمني والسياسي المتدهور في البلاد، ومن أهم هذه المناطق محافظة ديالى بمنطقة "إمام ويس" التي شهدت معركة شرسة، الاثنين، والتي أدت إلى مقتل 6 عناصر من "الحشد" وجرح 17 آخرين، من بينهم قائد اللواء 20".

ويبدو تعليق "الحشد الشعبي" على المعركة التي تحدَّث عنها في محافظة ديالى العراقية رسالة إلى المسؤولين بغداد، كما أنه "ترويع مباشر للمتظاهرين وتحميلهم مسؤولية الإرهاب الذي يستهدف المدن المحررة من التنظيم الإرهابي"، كما قال مسؤول حكومي يُساند التظاهرات الجارية في العراق لـ"العربي الجديد".

وبين المسؤول الحكومي أن "وجود فراغات أمنية يشكل خطراً على أمن المحافظات، ولكن تتحمله القوات المنتشرة على حدود المحافظات، وليس استغلال الأخطاء الأمنية في محاولة ضرب المحتجين وتحميلهم مسؤوليات لا علاقة لهم بها". وأوضح أن ""الحشد الشعبي" يسيطر أمنياً على ديالى، وبالتالي لا مجال للحديث عن أن "داعش" يستغل الأوضاع السياسية المتدهورة، لأن الوضع السياسي المضطرب في بغداد وجهود الناشطين والمتظاهرين بعيد عن الإمساك الأمني بالمناطق".

في السياق، أكد عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة ديالى، عبد الخالق العزاوي، أن "المحافظة تعاني من الفراغات الأمنية التي تشكّل خطراً عليها"، مبيناً في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "أكثر من سبع مناطق في ديالى، وأبرزها مناطق حمرين وكنعان، الملاصقة للحدود مع العاصمة بغداد، تشهد ضعفاً أمنياً واستخباراتياً، وبالتالي لا بد من معالجة الأخطاء الأمنية كي لا تؤثر على المواطنين ومصالحهم، كون ديالى هي بوابة بغداد ومن الضروري حمايتها".

من جهته، أشار ضابط في قيادة العمليات المشتركة (المسؤولة عن الأمن في العراق) إلى أن "قادة من "الحشد الشعبي" يسعون إلى تخويف وترهيب المحتجين وتحمليهم مسؤولية الخروقات الأمنية، مع العلم أن "الحشد" هو من يتحمل سوء الخطط الأمنية في مناطق التي يمسك أمنها"،

وأكد الضابط، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ديالى هي المنطقة الأكثر تعقيداً من الناحية الأمنية، و"داعش" مستمر في تهديد أمن هذه المحافظة، كونها تمثل طريق الوصول إلى بغداد، إلى جانب أنها تمثل الرئة الاقتصادية للتنظيم، بالنظر إلى المزارع التي فيها، ناهيك عن كون التنظيم الإرهابي لديه جواسيس داخل المنظومة الأمنية، ويدرك تداخل الصلاحيات بين قوات الجيش و"الحشد" والشرطة، وهو يعمل على ضرب الفراغات الأمنية، وليس للأمر علاقة بالتظاهرات الجارية في بغداد والجنوب، لكن قادة الفصائل، وهم ضمن التحالف المعارض للاحتجاجات، يسعون إلى التقليل من شأن الجهود الأمنية التي تبذلها القطعات العسكرية، واستغلال أي خلل أمني لتجييره لمصالح فئوية".

أما عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، وهو قيادي بـ"الحشد الشعبي" كريم عليوي، فقد أكد أن "القوات الأمنية تمتلك معلومات استخبارية تفيد بتخطيط تنظيم "داعش" لضرب الأمن في بغداد ومحافظات الجنوب التي تشهد تظاهرات، في سبيل دفع الحكومة إلى قمع المحتجين، بحجة أنه بسببهم وقعت الجرائم والتفجيرات التي قد يرتكبها "داعش"، وبالتالي المستفيد الوحيد سيكون من هذا الخراب أميركا وإسرائيل"، وفقا لقوله.

من جهته، بيَّن النائب عن محافظة ديالى رعد الدهلكي أن "بعض الفصائل المسلحة التي من المفترض أن تحمي المدن المحررة من الاعتداءات الخارجية والإرهابية مشغولة بأعمالها السياسية والاقتصادية، وتتخذ من تواجدها لحماية العراقيين في تلك المدن أداة لتنفيذ مشاريع يقع في أدناها الاهتمام بالملف الأمني"، مستكملا حديثه، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، بأن ""داعش" يهدد كل المدن المحررة، وديالى من أولويات التنظيم الإرهابي، وعلى جميع القوات العراقية، ومن ضمنها "الحشد الشعبي"، التعامل مع الأحداث الأمنية بحزم، وعدم استغلالها في التعبير عن مخاوف لها ملامح سياسية وأبعاد إقليمية".

بدروه، رأى الخبير العسكري سرمد البياتي أن ""تنظيم "داعش"، ومنذ خسارته الأراضي التي سيطر عليها في العراق، انتقل إلى طريقة النيل والانتقام من القوات الأمنية، لذلك هو يبحث دائماً عن الثغرات التي لا تعالجها القيادة العسكرية في العراق، إضافة إلى الأماكن الواهنة أمنياً، ولعل ديالى ومناطق شرق بغداد هي الأكثر وهناً"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "داعش لا يسعى لضرب المتظاهرين أو الاحتجاجات في بغداد، وهي خارج أهدافه. هو يسعى فقط لإزعاج واستفزاز القوات العراقية، كما أنه يسعى بين فترة وأخرى للإعلان عن وجوده، وأنه لم ينته بعد".