تحركات عسكرية بين بغداد وأربيل بهدف التنسيق الأمني والاستخباري

تحركات عسكرية بين بغداد وأربيل بهدف التنسيق الأمني والاستخباري

12 فبراير 2019
البشمركة عاودت الانتشار في محاور ديالى وكركوك(Getty)
+ الخط -
كشفت مصادر عسكرية عراقية في بغداد، اليوم الثلاثاء، لـ"العربي الجديد"، عن تحرك وحدات عدّة من القوات الكردية "البشمركة"، في محاور ديالى وكركوك وصلاح الدين واتخاذ مواقع جديدة لها، في ساعة متأخرة من ليلة أمس الاثنين، وذلك ضمن اتفاق أبرم أخيراً مع وزارة الدفاع العراقية، ينص على تنظيم وجود القوات الكردية في بعض المناطق وإعادة تموضعها للتنسيق الأمني والاستخباري بين الطرفين لحين حسم النزاع على المناطق المتنازع عليها، ضمن المادة 140 من الدستور، وهو ما لا يمكن تنفيذه حالياً إلا في حال وجود إحصاء سكاني مستقل بإشراف الأمم المتحدة، ما يعني أن الانتشار الحالي سيكون لعامين مقبلين على أقل تقدير.

وتراجعت قوات "البشمركة" من مواقعها عقب إطلاق بغداد حملة عسكرية ضخمة إثر تداعيات تنظيم أربيل استفتاء للانفصال عن العراق نهاية عام 2017، أسفر عن طرد القوات الكردية من 30 بلدة وناحية وقضاء شمال العراق ضمن محافظات نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين، كانت قد استولت عليها عقب اجتياح "داعش" للعراق منتصف 2014.

وضغطت بغداد حينها لإعادة "البشمركة" إلى ما اصطلح عليه الخط الأخضر وهو حدود المحافظات الكردية الثلاث (دهوك وأربيل والسليمانية) التي كانت ضمن نظام الحظر الجوي المفروض على نظام الرئيس الراحل صدام حسين قبل عام 2003، بمعنى عودتها لحدودها الإدارية التي كانت عليها سابقاً.

إلا أن الاتفاق الحالي الذي أبرمته بغداد مع أربيل رغم غموضه وعدم وضوح عدد من بنوده كونه تم بالاتفاق بين وزارتي الدفاع ووزارة "البشمركة" يثير قلقاً بالغاً بين القوى العربية والتركمانية والمسيحية في مناطق التماس بين الطرفين بسبب التاريخ السيئ لـ"البشمركة" في السنوات الماضية مع السكان وتورطهم في عمليات تغيير ديمغرافي طاولت العرب والتركمان تحديداً تمثلت بهدم ما لا يقل عن 250 قرية وطرد سكانها، عدا عن حملات تهجير في كركوك وسنجار ومخمور ومكحول والطوز ومناطق أخرى.

ووفقاً لمصادر عسكرية عراقية في بغداد تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإنّ "وحدات من البشمركة تحركت من مواقعها السابقة وتقدمت في مناطق حدودية ضمن محافظة ديالى شرقي العراق حدودية مع محافظة السليمانية كانت فيها سابقاً"، لافتةً إلى أنّ "قرى في التون كوبري شهدت أيضاً تحركات من هذا القبيل".

وأشارت إلى أنّ "التحرك والاتفاق الحالي لا يشمل دخول البشمركة إلى المدن الرئيسة مثل كركوك والطوز وربيعة وغيرها بل تبقى على حدود التماس وأن الهدف هو التنسيق بشأن المناطق المشتركة التي باتت نشاطات تنظيم داعش فيها بارتفاع مستغلاً عدم التنسيق بين الجانبين في هذا الإطار".

وتدعم الولايات المتحدة هذا الاتفاق، بحسب المصادر ذاتها.

من جهته، قال آمر لواء "البشمركة" في صلاح الدين، جمال وزاني، في تصريح نقلته وسائل إعلام محلية عراقية، إنّ "قوات البشمركة أحكمت مواقعها قرب قرية القاهرة ومنطقة فوري جاي بمحوري قرة تبة وجبارة"، موضحاً أنّ "لجنة مشتركة من وزارتي الدفاع العراقية والبشمركة أشرفت على تحديد النقاط العسكرية في تلك المناطق".

فيما أكد ضابط بالجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "البشمركة انتشرت بين الطريق الرابط بين بلدتي كفري بكركوك وطوزخورماتو في صلاح الدين"، مبيناً أنّ "العشرات من عناصر البشمركة بأسلحتهم المختلفة أخذوا مواقعهم بشكل كامل".

وأوضح أنّ "تلك القوات ستعمل على تأمين تلك المناطق، وستفعّل العمل الاستخباري فيها لمتابعة أي حراك لخلايا تنظيم داعش فيها".

وأثار الانتشار العسكري لـ"البشمركة" مخاوف أهالي تلك المناطق من المكونين العربي والتركماني، اللذين طالبا بتعزيزات عسكرية من القوات العراقية، توازي وجود تلك القوات.

وقال عضو تحالف "الإصلاح" عن محافظة صلاح الدين، هاشم السامرائي، لـ"العربي الجديد"، إن "وجود البشمركة في تلك المناطق أثار القلق لدى الأهالي من جديد، فهو خطوة استفزازية للأهالي، ونطالب بمراجعة قرار انتشارها، الذي تم بمعزل عن إرادة مكونات وإدارة المحافظتين".

وشدد على "ضرورة أن يتم إرسال تعزيزات عسكرية من القوات العراقية النظامية، لتكون موازية للبشمركة، وأن تكون البشمركة عاملة تحت إمرة تلك القوات ليتم ضبط تحركاتها"، محذراً من "خطورة استغلال خلايا داعش لهذا الانتشار، وتنفيذ عمليات تنسب إلى هذه الجهة وتلك، لإعادة الفتنة في مناطقنا، والتي عاشت فترة من الهدوء، منذ أكثر من عام".

بدوره، عبّر عضو الجبهة "التركمانية" بكركوك، أحمد حيدر، عن "الرفض لأي اتفاقات سياسية تخص أمن واستقرار كركوك، بعيداً عن مكونات المجتمع الكركوكي". وقال في تصريح صحافي، إنّه "خلاف ذلك ستكون هناك تداعيات لتلك الاتفاقات وتبعات سلبية على الوضع الأمني، وربما يعيدها إلى الإرباك كما كان قبل عام ونصف العام".

وشدّد في الوقت نفسه على أنه "لا يحق لأي طرف خارجي التدخل في صنع القرارات الأمنية والسياسية الخاصة بكركوك"، مشيراً إلى أن "أي قرار يجب أن يمثل وحدة مكونات المحافظة، ونرفض عدم إشراكنا فيه".

كذلك، اعتبر القيادي في تحالف "البناء" والنائب في البرلمان منصور البعيجي إعادة نشر قوات "البشمركة" في كركوك أنه "نسف لعملية فرض القانون التي فرضتها الحكومة الاتحادية".

وحذّر البعيجي في بيان تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، الحكومة من مغبة "إعادة محافظة كركوك إلى المربع الأول بعد أن تم فرض القانون ونشر القوات الاتحادية في المحافظة بعد إخراج قوات البشمركة التي كانت تفرض سيطرتها على المحافظة بعيداً عن الحكومة الاتحادية".

وأضاف أن "محافظة كركوك هي عبارة عن عراق مصغر يضم جميع الطوائف والمكونات، ويجب أن تكون إدارة هذه المحافظة وفرض الأمن فيها عن طريق الحكومة الاتحادية"، معتبراً أنّ "إعادة نشر قوات البشمركة في محافظة كركوك يعتبر نسفا لعملية فرض القانون ونشر القوات الاتحادية في المحافظة الذي جرى بعد إجراء استفتاء الانفصال غير الدستوري في المحافظة".

وأوضح البعيجي أنّ "فقرات الدستور تنص على إدارة محافظة كركوك من قبل الحكومة الاتحادية بعيداً عن الأحزاب والمكونات، لذلك يجب الابتعاد عن أي اتفاقات سرية من شأنها أن تعيد تسليم محافظة كركوك وبعض مناطقها إلى الإقليم لأن هذا الأمر غير قانوني أو دستوري ولا يمكن القبول به نهائيا".

المساهمون