قراءة إسرائيلية للمصالحة مع أنقرة: تل أبيب الرابح الأكبر

قراءة إسرائيلية للمصالحة مع أنقرة: تل أبيب الرابح الأكبر

22 اغسطس 2016
وصول أسطول "ليدي ليلى" إلى غزة بعد الاتفاق(بيرك أوزكان/الأناضول)
+ الخط -
أعادت مصادقة البرلمان التركي، الأسبوع الماضي، على اتفاق المصالحة مع إسرائيل، طرح مسألة التعاون التركي ـ الإسرائيلي في المستقبل إلى الواجهة، والفوائد التي تجنيها إسرائيل من هذا الاتفاق. وفي هذا السياق، يعتبر الصحافي، يوسي ميلمان، المختص في مسائل الأمن القومي والاستخبارات، التأكيد، في مقال له، أن إسرائيل هي الرابح الأكبر من الاتفاق المذكور، وأنها لم تقدم عملياً تنازلات جادة أو ملموسة إذا ما قورنت بالفوائد التي ستجنيها من الاتفاق.

ويستذكر ميلمان البنود المعروفة والمعلنة بشأن شروط المصالحة، خصوصاً ما اعتبره عدم تراجع إسرائيلي بشأن منح تركيا حرية نقل المساعدات الإنسانية لغزة من دون إخضاعها للرقابة الإسرائيلية، وتعهد تركي بإغلاق مقر الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في تركيا، وهو ما تشكك الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في مدى جدية الالتزام به من قبل أنقرة. ويبرز العنصر الأهم في الاتفاق، من وجهة نظر إسرائيل، وهو عملياً الحصانة التي سيحصل عليها جنود الاحتلال، خصوصاً كبار قادته الذين تورطوا في جريمة اعتراض أسطول الحرية وعملية الإنزال العسكري على متن السفينة مافي مرمرة عام 2010، وفي مقدمتهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي سابقاً، غابي أشكنازي.

وبموجب الاتفاق، سيسنّ البرلمان التركي قانوناً يحول دون محاكمة أي من قادة جيش الاحتلال أو ضباطه المشاركين في "مجزرة مافي مرمرة"، في مايو/أيار 2010، أو تقديم دعاوى ضدهم مستقبلاً، وهو أيضاً أحد شروط الاتفاق الذي سبق أن نُشر.

ومع إشارة هذا الكاتب إلى ما حصلت عليه تركيا في المقابل، وتحديداً الاعتذار الإسرائيلي، ورصد مبلغ 21 مليون دولار تعويضات لعائلات الضحايا، يعتبر أن الأهم من كل ذلك، وحتى من استعادة العلاقات الدبلوماسية، هو حقيقة أن الحديث يدور عن خطوات رمزية، إذ إن العلاقات بين البلدين، حتى خلال سنوات الأزمة، لم تتأثر من حيث حجم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي. ويُتوقع أن يتطور هذا التعاون أكثر بعد توقيع صفقة تزويد تركيا بالغاز الإسرائيلي، ومدّ أنابيب الغاز في مياه المتوسط إلى تركيا، ومنها إلى باقي الدول الأوروبية.

ولم يفوّت هذا المحلّل الفرصة للحديث عن أن الولايات المتحدة كانت الطرف الذي دفع وحثّ إسرائيل، على مرّ السنوات الماضية، للتوقيع على اتفاق المصالحة، معتبراً أن تركيا التي وقّعت معها إسرائيل اتفاق المصالحة قبل نحو شهرين ليست تركيا الحالية، في إشارة إلى التحولات التي طرأت وتلك الجارية في تركيا بعد محاولة الانقلاب من جهة، وبعد التغيير في شبكة العلاقات التركية مع أطراف إقليمية ودولية. ويضيف الصحافي ذاته أنّه ليس مؤكداً أن الولايات المتحدة ليست نادمة على دورها المسرع للمصالحة، خصوصاً بعد التوتر في العلاقات بينها وبين أنقرة على إثر محاولة الانقلاب، ورفض واشنطن تسليم زعيم حركة "الخدمة"، فتح الله غولن للسلطات التركية من جهة، واستعادة أنقرة علاقات جيدة مع كل من موسكو وطهران.


ويرصد ميلمان في هذا السياق، "نغمة جديدة لدى أنقرة، لا تتحدث عن إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد كما في السباق، بل عن ضرورة المحافظة على سورية كاملة، وذلك لمنع الأكراد من الحصول على كيان مستقل لهم".

وعلى الرغم من أن صحف ووسائل إعلام غربية شككت في الأنباء التي ترددت، أخيراً، عن نقل الولايات المتحدة ترسانتها النووية الموجودة في تركيا إلى رومانيا، ولو لأسباب تقنية وفنية، منها عدم وجود قواعد عسكرية مهيأة لاستيعاب هذه الترسانة، يردد ميلمان هذا الخبر ليقول إنه "يعكس تحولاً أميركياً لجهة انعدام ثقة واشنطن في تركيا التي بدأت تصبح في نظر الأولى بلداً غير مستقر".

ويقترح الكاتب ذاته على إسرائيل بعض النقاط في علاقاتها المستقبلية مع تركيا، منها اعتماد توجه حذر على نمط المثل الروسي المشهور "احترمه واحذره"، الذي طالما ردده الزعيم السوفييتي السابق، ميخائيل غورباتشوف. ويرى ميلمان أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيواصل دعم وتأييد حركة حماس، "وهناك شك في أن يوافق أصلاً على أن تستأنف أجهزة المخابرات التركية علاقاتها مع الموساد. كما أن فرص واحتمالات عودة تركيا للتزود بالسلاح من إسرائيل ليست كبيرة، وإن كانت تركيا لن تتردد في شراء أسلحة وطائرات من دون طيار، في حال احتاجت لها في حربها ضد الأكراد"، وفقاً للصحافي.

والأهم من كل ذلك، وفقاً لميلمان، هو أن على إسرائيل أن تحاذر كي لا تظهر كطرف أو جزء من عملية إقامة نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، هدفه الأساسي دفع الولايات المتحدة خارجاً، لا سيما أن واشنطن غير راضية عن اللقاءات المتكررة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما أنّ الإدارة الأميركية غير مقتنعة بأن هدف هذه اللقاءات والاتصالات (أربعة لقاءات خلال أقل من عام) تهدف فقط إلى تعزيز آلية التنسيق بين الطيران الحربي للطرفين في الأجواء السورية.

دلالات

المساهمون