إجراءات السفارة الأميركية ببغداد تجمّد قراراً أمنيّاً للحكومة العراقية

العراق: جدل بشأن تجميد إجراءات السفارة الأميركية قرار الحكومة فتح المنطقة الخضراء

19 مايو 2019
السفارة الأميركية تحفظت على قرار فتح المنطقة الخضراء(فرانس برس)
+ الخط -

جمّدت السفارة الأميركية في بغداد، قراراً اتخذه رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي مطلع الشهر الحالي، يقضي بفتح "المنطقة الخضراء" المحصنة وسط العاصمة، أمام العراقيين بشكل كامل، وذلك ضمن حزمة إصلاحات واسعة وعد بها عقب منحه الثقة، نهاية العام الماضي.

وبينما أكد أمنيون وجود مخاوف من استهداف السفارة بعد التصعيد الأميركي الإيراني، دعا آخرون إلى أن يكون القرار العراقي مستقلاً عن الإرادات الخارجية.

والمنطقة الخضراء التي تضم مقارّ الحكومة العراقية ورئاسة الجمهورية ومكاتب أمنية، ومنازل المسؤولين الكبار، وعدداً من البعثات الدبلوماسية الأجنبية؛ أبرزها السفارتان الأميركية والبريطانية، كان عبد المهدي قد فتح أجزاءً منها بعد تسلّمه رئاسة الحكومة، مثل شارع الزيتون والجسر المعلق، وأعلن من خلال مكتبه، مطلع الشهر الحالي، موعداً جديداً كان مقرراً الأسبوع الماضي، لافتتاح المنطقة بشكل كامل.

ووفقاً لبيان الحكومة السابق، فإنّ المنطقة الخضراء كان مقرراً لها أن تفتح بشكل كامل أمام العراقيين، في 10 مايو/ أيار، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وقال مسؤول أمني رفيع في قيادة عمليات بغداد لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إنّ "قرار الفتح الكامل للمنطقة الخضراء تم تجميده حالياً، لأسباب ترتبط بالأزمة الحالية في المنطقة، واتخاذ السفارة الأميركية إجراءات مشددة حول محيطها، ومقارّ وجود موظفيها في المنطقة الخضراء".

وأوضح أنّ "السفارة الأميركية ببغداد تحفظت على قرار فتح المنطقة الخضراء، ولا سيما أنّها صعّدت حالة التأهب تحسّباً لأي استهداف قد تتعرّض له، واتخذت إجراءات أمنية مكثّفة في محيطها داخل المنطقة".

وبيّن أنّ "القرار أُجّل على الأقل في الوقت الحالي، بسبب المخاوف التي يبديها أعضاء البعثات الدبلوماسية الأجنبية في المنطقة الخضراء، وخاصة الأميركية، عن وجود تهديد قد يطاولها من قبل بعض الفصائل المسلّحة الموالية لإيران".

وأكد أنّ "الجانب العراقي لا يمكنه تجاوز تلك المخاوف، لكون القرارات الأمنية تبطل بحسب الواقع الميداني، أي إنّ أي معلومات تؤشر إلى خطورة أي قرار، ستؤدي إلى تجميده تلقائياً إلى أن يزول الخطر".

يأتي ذلك في وقت طلبت فيه الولايات المتحدة الأميركية، من موظفيها الحكوميين "غير الضروريين"، العاملين بسفارتها لدى بغداد وقنصليتها في إربيل، مغادرة العراق "على الفور"، كما شددت من إجراءاتها الأمنية في عدد من قواعدها العسكرية.

وأسف سياسيون عراقيون، التزام الحكومة العراقية الصمت، إزاء قرارات دول عديدة تتعلق بوضع رعاياها في العراق.

وقال عضو الحزب "الشيوعي" العراقي خالد العزاوي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إنّ "أربع دول أجنبية طالب رعاياها بالحيطة والحذر أو المغادرة، وأخرى أوقفت أنشطتها في العراق، فيما الحكومة في وضع المتفرّج".

وأضاف أنّ "الأزمة بين طهران وواشنطن، بينما الصدى في العراق أقوى، وهذا يؤكد مدى النفوذ والهيمنة الإيرانية في العراق، وقدرتها على التلاعب بأمن البلاد واستقراره".

واعتبر العزاوي أنّ "قرار فتح المنطقة الخضراء يصبّ لصالح المواطن"، مؤكداً أنّ "الحكومة يجب أن تكون لها سيادة بقراراتها، إذ لا يمكنها أن تتراجع عن قرار وفقاً لإملاءات خارجية ومن أي جهة كانت".

وأوضح أنّ "القرار يخدم مصلحة المواطن العراقي التي يجب أن تكون فوق المصالح الخارجية"، داعياً الحكومة إلى "المضيّ بتفعيل القرار، ولا سيما أنّها وعدت بذلك".



وأثار عدم إيفاء الحكومة بوعدها بشأن فتح المنطقة الخضراء في بغداد، انتقادات في الشارع العراقي، وسط دعوات إلى عدم إطلاق وعود غير قابلة للتنفيذ.

وقال أبو جلال وهو أحد أهالي بغداد لـ"العربي الجديد"، إنّ "التراجع عن القرار يؤشر إلى ضعف الإرادة العراقية أمام القوى الخارجية. يجب على الحكومة أن تفي بوعدها وتتخلّص من الإرادات الأخرى"، مضيفاً أنّ "على الحكومة ألا تورّط نفسها بوعود لا قدرة لها على تنفيذها".