حراك ألماني "لاحتواء التصعيد" بين أميركا وإيران

بعد مقتل سليماني... حراك ألماني "لاحتواء التصعيد" بين أميركا وإيران

07 يناير 2020
تحركات ألمانية عالية المستوى للحد من تداعيات مقتل سليماني(Getty)
+ الخط -
استنفرت تصرفات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، السلطات السياسية والأمنية والدبلوماسية الألمانية، إذ رُصدت العديد من التحركات على أعلى المستويات، بهدف الحد من تداعيات اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني في العراق، نهاية الأسبوع المنصرم. 

وسيكون هذا الأسبوع حافلا باللقاءات على المستوى الدولي، لمناقشة آخر التطورات التي من ضمنها تصويت البرلمان العراقي على انسحاب القوات الأجنبية من البلاد. ويأتي ذلك في ظل إعلان العديد من المسؤولين الألمان معارضتهم سياسات الرئيس ترامب في المنطقة، والتي قد تدفع إلى توريط حلفائه في حلف الأطلسي في حرب تكون نتائجها كارثية على الجميع.

وبدا واضحا توزيع الأدوار بين كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إذ ستلتقي المستشارة أنجيلا ميركل ووزير الخارجية هايكو ماس، الرئيس بوتين، يوم السبت، في موسكو، بينما تولّى الرئيس الفرنسي التواصل مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، فيما يتواصل رئيس الوزراء البريطاني جونسون مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويبدو واضحا أن ألمانيا باتت أمام واجب لا يتعلق باحترام الذات، بل يتعلق بالحكمة الاستراتيجية، وإزاء ذلك يمكن القول إن برلين تتقن لغة الحوار ومد الجسور بعدما أعيد الوضع إلى حالة حرب وشيكة، لا سيما وأن هناك دعوات من السياسيين الألمان إلى حث المسؤولين في البلاد على عدم اقتصار التواصل مع باريس ولندن وبروكسل، واعتماد دبلوماسية مكوكية للوقوف على رأي وسطاء محتملين كالصين واليابان وروسيا وتركيا.




وفي هذا الإطار، ورغم ترحيبه بالخطوات المزمع القيام بها، دعا زعيم الحزب الليبرالي الحر كريستيان ليندنر، ميركل، إلى زيارة واشنطن، لإجراء محادثات مع الرئيس ترامب، لأن دوافعه لا تزال محيّرة، وفق تعبيره.

أما نائب رئيس كتلة الاتحاد المسيحي الديمقراطي، يوهان فاديبول، فانتقد، في حديث إذاعي، اليوم الثلاثاء، مع روند فونك برلين وبراندنبورغ، الإدارة الأميركية لقتلها سليماني، معتبرا أن العملية لم تزد من مستوى الأمان "وإنما ستزيد من "عدم اليقين" (...)، كما أنها "ستمثل تهديدا لأوروبا، وهذا ما سيظهر في المستقبل، وعلينا أن نجعل أنفسنا أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة في السياسة الأمنية".
من جهة ثانية، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية، راينر برويل، أمس الاثنين، "تنقصنا المعلومات من أجل تفهّم التعليل الأميركي للتصعيد"، قبل أن يلفت إلى أن وزير الخارجية ماس سيتواصل مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف.
أما فيما يخص وضع الجنود الألمان الموجودين على الأراضي العراقية، بعد تصويت البرلمان العراقي بالموافقة على انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، اعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية أن القوات الألمانية تستعد لانسحاب محتمل وسريع من العراق. قبل أن يضيف من برلين، أمس الاثنين، أن القيادة تدرس جميع الخيارات، حتى تتمكن من استعادة الجنود الألمان إذا لزم الأمر، ومع ذلك أكد أنه ينبغي أولا متابعة التطورات ومراقبة الوضع الأمني عن كثب مع انتظار قرار الحكومة العراقية. 




وفي السياق، ذكرت "شبكة إيه آر دي"، اليوم الثلاثاء، أن وزارتي الدفاع والخارجية أبلغتا، في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين، القيادة بأن يغادر مؤقتا جزء من الوحدات الألمانية العراق، والاستعداد للانتقال إلى الكويت والأردن، وهذا ما حصل بالفعل، إذ تم نقل 3 جنود إلى الكويت صباح اليوم، و32 آخرين في طريقهم إلى معسكر التاجي في الأردن. 

وأوضحت أن الأمر ينطبق بشكل خاص على موقعين، أي عددا قليلا من العناصر الموجودين ضمن قوات التحالف و32 من المدربين الموجودين في معسكر التاجي، على بعد 30 كلم من العاصمة بغداد، ولم يتم ذكر الجنود المتمركزين في أربيل، شمال العراق، حيث يُعد الوضع هادئا نسبيا، وفق ما بينت الرسالة.
وفيما يخص الأمن الداخلي، برزت العديد من المناشدات التي تطالب الأجهزة الأمنية باليقظة، في ظل الحديث عن تواجد مؤيدين لحزب الله اللبناني في ألمانيا، وفق ما بينت صحيفة "بيلد".
وحيال ذلك، اعتبرت خبيرة شؤون الدفاع في كتلة حزب اليسار، سيفيم داغديلين، أنه يجب إغلاق القواعد العسكرية الأميركية في ألمانيا كرد فعل على التهديدات التي صدرت عن الرئيس ترامب بحق إيران ووصفتها بجرائم حرب ضد طهران، مشيرة إلى أن العملية خلت من المسؤولية، ولا يمكن أن تبقى من دون عواقب. 
واعتبرت داغديلين أن ترامب ينتهك الحظر المطلق لاستخدام العنف، وفق ما تنص عليه مواثيق الأمم المتحدة، محذرة من استخدامها كمنصة لجرائم أميركية فاحشة في حرب ضد إيران، ومطالبة الحكومة الألمانية بأن تعلن بوضوح أنها لن تقدِم على المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا العنف.