"ذا تايمز": تهديدات ورشى وبلطجة لتعزيز شرعية السيسي

مراسلة "ذا تايمز" المرحّلة من مصر: تهديدات ورشى وبلطجة لتعزيز شرعية السيسي

30 مارس 2018
إرغام على التصويت وتهديد المقاطعين بـ"العقاب" (العربي الجديد)
+ الخط -

نشرت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية تقريرًا لمراسلتها بيل ترو، التي تمّ ترحيلها من القاهرة، أكدت فيه أن اليوم الأخير من التصويت في الانتخابات المصرية،  شابه اتهامات بـ"استخدام السلطات أسلوب التهديد على نطاق واسع وعرْض الرشى" في محاولة لتعزيز نسبة المشاركة

واعتبرت ترو أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يحتاج إلى "مشاركة كبيرة لتعزيز مصداقية فوزه المحتوم" في الاقتراع الذي يرى الكثيرون أنه "مزوّر بشكل كبير".

وبيّنت أن "التصويت كان إجباريًا، إذ يؤدي عدم القيام بذلك إلى دفع غرامة تبلغ نحو 20 جنيهاً إسترلينياً"، وأنه على الرغم من ادعاء الهيئة الوطنية للانتخابات بأن المشاركة كانت "كثيفة"، فإن العديد من مراكز الاقتراع "بدت مهجورة إلى حد كبير"، مشيرة إلى أنه في الأسبوع الماضي حثّ السيسي جميع المصريين على التصويت، قائلًا إن "العالم بأسره" يحتاج إلى رؤيتهم في الشوارع.

وتابعت المراسلة أنه في عدة محافظات جنوبية، منها أسيوط وسوهاج والمنيا، قال شهود عيان إن الشرطة كانت تطرق الأبواب لحث الناس على الخروج إلى مراكز الاقتراع

وفي الدقهلية، في دلتا النيل، قال عامل في مستشفى حكومي إن الإدارة استخدمت سيارات إسعاف لنقل الأشخاص إلى مراكز الاقتراع. وفي أماكن أخرى، وبّخ مسؤولو وزارة الصحة الموظفين الذين لم يظهر حبرٌ على أصابعهم كدليل على تصويتهم. ونقلت عن إحدى السيدات قولها " يقولون إن أسماء هؤلاء سترسَل إلى الوزارة، وسيتم نقلهم إلى مستشفيات بعيدة عن قراهم".

وأشارت الصحافية البريطانية إلى روايات واسعة النطاق عن محافظين ورجال دين وأعمال، مرتبطين بالحكومة، أجبروا العاملين لديهم على التصويت من خلال المكافآت أو التهديد، مشيرة إلى منح نقدية تبلغ حوالي 5 جنيهات إسترلينية لأولئك الذين يتجهون للتصويت، وكذا تقديم وجبات الطعام في بعض المناطق الأكثر فقرا.

ونقلت عن مسؤول كبير في اتحاد البائعين الجائلين في القاهرة قوله، إنهم طلبوا من الباعة التصويت لتجنب حملات الشرطة عليهم ومصادرة البضائع.

وأضافت أنه في محافظة القليوبية، أصدر رجال دين في الأزهر تعليمات لرؤساء الأقسام لمرافقة الطلاب والموظفين إلى صناديق الاقتراع "ومراقبتهم". 

ونقلت عن عاملة في هيئة السكك الحديدية بالقرب من المنصورة، شمال القاهرة، قولها إن الموظفين تم تهديدهم باتخاذ إجراء قانوني إذا لم يصوتوا لصالح السيسي، مضيفةً "لقد أخبروني أنه يجب عليّ التصويت أو سأحال إلى قسم الشؤون القانونية. وكنت قلقة من خفض راتبي".

وفي التقرير، روى أحد أساتذة المدارس الحكومية في منطقة مجاورة قصة مشابهة، وقال: "خصصوا حافلات لنقل المعلمين إلى مراكز الاقتراع الخاصة بهم للتصويت لصالح السيسي. لا أحد يجرؤ على قول لا".

كما ذكرت المراسلة في تقريرها أن "السيسي حكم مصر بقبضة من حديد منذ توليه السلطة بعد الإطاحة بسلفه محمد مرسي، في عام 2013، باستخدام القوة العسكرية". وأضافت أنه "حقق فوزًا ساحقًا في الانتخابات الرئاسية بعد مرور عام، وقام بتمديد التصويت إلى ثلاثة أيام لزيادة نسبة المشاركة التي بلغت 48%". 

وأضافت "يود السيسي تحسين هذه النتيجة للرد على انتقاد انتهاكات الدولة وحملتها ضد الحريات. يحتاج قائد الجيش السابق إلى نسبة إقبال عالية من 60 مليون ناخب لمنح المصداقية لإعادة انتخابه. وانسحب سبعة من المرشحين المتنافسين من السباق أو سُجنوا، تاركين موسى مصطفى موسى كخيار وحيد". 




كما أشارت إلى أن مسؤولين في أربعة مراكز اقتراع بالقاهرة أكدوا أن نسبة المشاركة كانت منخفضة إلى 7 في المائة بنهاية يوم الاثنين.

يذكر أنه تم طرد مراسلة "ذا تايمز" البريطانية من مصر منذ أيام، وقالت الصحيفة إن طرد مراسلتها "تم من دون سبب وجيه". 

في المقابل، دافعت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الحكومية عن قرار السلطات بترحيل صحيفة "ذا تايمز"، واتهمتها بـ"مخالفة قواعد عمل المراسلين الأجانب في مصر".

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، إن ترو كانت تعمل من دون الحصول على تصريح.

وكانت الصحفية البريطانية قد ذكرت، يوم السبت، أن السلطات الأمنية في مصر احتجزت مراسلتها في 20 فبراير/ شباط الماضي لمدة 7 ساعات، وهددتها بمحاكمتها عسكريا إذا لم تغادر مصر على الفور، دون توجيه اتهامات، ووضعتها على متن أول طائرة مغادرة إلى لندن. 

ونقلت عن مصادر دبلوماسية قولها إن "ترو أصبحت غير مرغوب فيها داخل القاهرة، ولن يسمح بعودتها مجدداً"، وإن "اعتقالها والتهديدات التي تعرضت لها كافية لأن تعطي صورة بأن الأمر لم يكن خطأ، وأن السلطات المصرية لا تنوي السماح لها بالعودة الآمنة للقاهرة لتغطية الانتخابات الرئاسية". 

وأشارت الصحيفة إلى أن بيل ترو عاشت في مصر لمدة 7 سنوات، وعملت لحساب الصحيفة 5 سنوات منها.

وكتبت بيل ترو مقالا في "ذا تايمز" بعنوان: "أعشق مصر ولا أستطيع العودة... ولا أحد يستطيع أن يقول السبب". وقالت إن السلطات المصرية اعتقلتها عقب إجراء "مقابلة مع رجل فقير تعرّض ابن أخيه المراهق للغرق أثناء محاولته السفر على أحد قوارب المهاجرين إلى إيطاليا قبل عامين".