أسلحة عراقية بيد "الكردستاني"... والعبادي يتفادى الأزمة مع المليشيات

أسلحة عراقية بيد "الكردستاني"... والعبادي يتفادى الأزمة مع المليشيات

20 مايو 2016
يُصنّف "العمال" كمنظمة إرهابية في عدة دول (كاغداس أردوغان/Getty)
+ الخط -
على طول الطريق الرابط بين قرى العمادية وقلة دزه، أقصى شمال العراق، والمجاورة للحدود التركية، ينتشر عدد كبير من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، المصنف ضمن المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا ودول أخرى، فضلاً عن تركيا. ويتوزع هؤلاء على شكل مجموعات صغيرة ومتفرقة تتخذ من أخاديد وحفر وأنفاق حفرتها كملاذ لها من الجيش التركي الذي يسعى لإيقاف الاعتداءات التي ينفذها مقاتلو الحزب على المدن والبلدات التركية الواقعة على الشريط المحاذي للعراق وإيران وسورية.

وتتجنب حكومة إقليم كردستان الدخول في اشتباكات جديدة مع مقاتلي الحزب على غرار معارك عام 1999 ومعارك عام 2000 و2001 عقب مطالبة الإقليم لمقاتلي الحزب بمغادرة أراضيه. ويرى مراقبون أن سبب تجنّب الدخول في معارك جديدة مع مقاتلي الحزب الذي يسيطر على نحو 7 في المائة من أراضي الإقليم (المناطق الحدودية مع تركيا وإيران)، هو الحرص على عدم فتح جبهة جديدة تضعف قوات البشمركة التي تكمل عامها الثاني في معارك متواصلة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على طول حدود الإقليم الغربية والجنوبية مع الموصل وبغداد وكركوك.

وتمكن حزب "العمال" أخيراً من إيجاد موطئ قدم له في بغداد، لأول مرة منذ تأسيسه في أواخر 1979، بعد علاقة وثيقة جمعته مع مليشيات "الحشد الشعبي"، وجرى عقد سلسلة اجتماعات بين قيادات الحزب ووزير النقل السابق وقائد مليشيا "بدر" هادي العامري. وحصلت "العربي الجديد" على معلومات من مصادر حكومية في أربيل وبغداد، تفيد بحصول الحزب على أسلحة متطورة من بغداد بشكل غير رسمي، من بينها صواريخ مضادة للطائرات وقاذفات أنبوبية وأخرى مضادة للأشخاص. هذه المعلومات وثّقها أيضاً موقع مقرّب من حكومة كردستان، ناطق باللغة الكردية. ونقل الموقع الكردي عمن قال إنهم مسؤولون أكراد في أربيل، أن حزب "العمال" حصل على أسلحة متطورة من بغداد بناءً على طلب من الحزب، وتم ذلك من خلال مليشيات "الحشد" التي تمتلك سطوة على مخازن وزارة الدفاع والمعسكرات.

وبحسب المعلومات، فإن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي كان على علم بالموضوع ولم يتدخل تحاشياً لمشاكل جديدة مع مليشيات "الحشد" ولانشغاله بالأزمة السياسية التي تكاد تطيح به من منصبه، لافتاً إلى أن الأسلحة روسية وغربية، قسم منها حصل عليه العراق كمساعدات عسكرية عاجلة من الغرب بعد اجتياح "داعش" الموصل في يونيو/ حزيران 2014، مؤكداً أن من بين الأسلحة قاذفات أنبوبية مضادة للدروع وأخرى مضادة للأشخاص وصواريخ "سيتريلا" وأخرى تُعرف بـ"فيربا" روسية الصنع.

وكان قائد شرطة مدينة شوان، شمال أربيل، العقيد محمد سعيد أفندي، قد أعلن في الرابع من يناير/ كانون الثاني الماضي في بيان صحافي، أن قوات الأمن الكردية ضبطت شاحنة كبيرة محملة بالأسلحة والمتفجرات، آتية من بغداد ومتجهة إلى جبال قنديل الحدودية، معقل حزب العمال الكردستاني، وذلك على أثر انقلاب الشاحنة على الطريق قرب كركوك، وتم اعتقال اثنين بداخلها من قبل قوات "الأسايش" الكردية. وأوضح أن "الشاحنة تضم كميات أسلحة وعتاداً كبيراً، تضمنت عشرات الصناديق المحملة بالقنابل وقاذفات صواريخ"، مشيراً إلى أن الشاحنة تم ضبطها والسائق ومرافقه قيد الاعتقال من قبل الأمن الكردي. وبحسب المسؤول الأمني، فإن الشخصين المعتقلين مع الصفقة، تبيّن أنهما مهربان، سبق لهما أن وفرا الأسلحة والعتاد لحزب العمال الكردستاني. وكانت تقارير عدة قد أكدت موافقة الحكومة العراقية العام الماضي على فتح مكتب ممثلية للحزب ومده بالمساعدات العسكرية والمالية، رداً على ما تعتبره بغداد تدخّلاً عسكرياً تركياً في العراق.


في سياق متصل، كشف سعيد حسن، المسؤول في "وحدات الدفاع عن سنجار" التي يطلق عليها اختصاراً YBS وهي تتبع حزب العمال الكردستاني، عن اتفاق الحزب مع الحكومة العراقية على توفير أسلحة مختلفة لهم. وقال حسن في تصريح لصحيفة "روداو" الأسبوعية الكردية، إن الحكومة العراقية تدفع مبلغ 875 ألف دينار عراقي (نحو 730 دولاراً أميركياً) لكل عنصر في القوة التي يقودها، مبيناً أن بغداد توفر مبلغ 437 مليون دينار شهرياً كرواتب لـ500 عنصر تابعين له، إضافة إلى بعض المساعدات العسكرية.

من جهته، اعترف عقيد في الجيش العراقي في اللواء الثامن مدرع المرابط شمال بغداد بما وصفه "تسرّب أسلحة إلى حزب العمال الكردستاني"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "عملية التسريب قد تكون من مليشيات الحشد أو من جماعة جلال" في إشارة إلى حزب الاتحاد الكردستاني الذي يرأسه جلال طالباني ويحظى بعلاقات جيدة مع حزب العمال الكردستاني، على عكس حكومة كردستان التي يرأسها الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البرزاني.

وأشار العقيد العراقي، الذي رفض كشف اسمه، إلى أن "المخازن مفتوحة والكل يأخذ تحت يافطة الحرب على داعش، والغرب يستمر بإيصال الذخيرة والأسلحة لنا"، مضيفاً: "عليهم أن يفتحوا تحقيقاً مع مسؤول المخازن العميد حسين الموسوي، فضلاً عن ضباط وآمري محاضر الاستلام في حال رغبوا بمعرفة كيفية انتقال أسلحة الجيش العراقي لحزب العمال الكردستاني"، نافياً أن يكون الموضوع متعمّداً من بغداد أو حكومة العبادي، قائلاً إن "الفوضى وحالة اللادولة تفعل أكثر من ذلك".

ونشر إعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني، السبت الماضي، تسجيل فيديو لعملية إطلاق صاروخ حراري موجّه ضد مروحية تركية في منطقة على الشريط الحدودي العراقي التركي، أدت إلى إسقاطها، وهي المرة الأولى التي يحصل فيها الحزب على هكذا نوع من الصواريخ التي بدت متطابقة تماماً مع الصواريخ التي يمتلكها الجيش العراقي وتُستخدم في التصدي للشاحنات المدرعة المفخخة التي يقودها انتحاريو "داعش".

كما نقل موقع "روجانا هوال" الإخباري المقرّب من سلطات إقليم كردستان في أربيل والناطق باللغة الكردية عن "مصادر خاصة"، أن "مسلحي حزب العمال الكردستاني تلقوا أسلحة من الحكومة العراقية قدّمت لهم بموافقة رئيس الوزراء حيدر العبادي". وأضاف أن "نوعية الأسلحة التي تم تزويد العمال الكردستاني بها متطورة"، من دون أن يكشف نوعيتها وكمياتها، لافتاً إلى أن "قسماً من تلك الاسلحة وصل بالفعل إلى مسلحي العمال الكردستاني في منطقة سنجار، شمال غرب محافظة نينوى العراقية".

وكشف الموقع أن العمال الكردستاني وزع على عناصره، يوم الأحد 15 مايو/ أيار الحالي، الأسلحة التي تلقاها من بغداد، وتوقع "أن يكون هناك تنسيق بين العمال الكردستاني والحكومة العراقية، وقد يجري الإيعاز لمسلحي الحزب بالتحرك على مواقع قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان في عدد من المناطق، كورقة ضغط من بغداد على أربيل". ويتركز تواجد الحزب في مناطق يسهل التواصل فيها مع مليشيات "الحشد" وعناصر حزب طالباني الذي يتمتع بعلاقة جيدة معهم، أبرزها سنجار، غرب الموصل، وطوزخورماتو في صلاح الدين، فضلاً عن جبال قنديل على الحدود العراقية الإيرانية، جنوب شرق أربيل، وفي مناطق وقرى العمادية وزاخو وقلعة دزه وسوران.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن في السادس عشر من مارس/ آذار الماضي، أن "هناك أسلحة روسية وغربية نجدها بحوزة حزب العمال الكردستاني المصنّف تنظيماً إرهابياً في تركيا". وأوضح أردوغان، خلال مشاركته في إحدى الفعاليات في العاصمة التركية أنقرة، أن "القوى التي تغذي هذه التنظيمات الإرهابية مختلفة. نحن نرى الغرب في أسلحة هذه التنظيمات". وانتقد تعامل الغرب مع "التنظيمات الإرهابية الناشطة في تركيا"، وطالبه بالصدق إذا كان يريد لمكافحة الإرهاب أن تكون مشتركة.

المساهمون