الصدر يضغط لإنهاء التظاهرات العراقية...وحكومة علاوي خلال 3 أسابيع

الصدر يضغط لإنهاء التظاهرات العراقية... وحكومة علاوي خلال 3 أسابيع

04 فبراير 2020
تتواصل الاحتجاجات ضدّ تكليف علاوي(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

لم تعد المواجهة محصورة بين المتظاهرين العراقيين وقوات الأمن في بغداد، وجنوب البلاد ووسطها، إذ شهدت الساعات الماضية مواجهات بين المحتجين ومناصري زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذين اقتحموا عدداً من ساحات وميادين الاعتصامات، في محاولة لفضها بالقوة، مستخدمين عصياً وهراوات وسكاكين، وفي بعض المدن تمّ إطلاق النار في الهواء. وقد شهدت مدن النجف وبابل والكوت وبغداد، أسخن تلك المواجهات، إذ تحوّلت الشرطة في الحلة (مركز محافظة بابل)، والنجف إلى قوة فضّ نزاع بين الجانبين.

ويأتي ذلك مع إطلاق رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد توفيق علاوي، حراكه لتشكيل حكومته الجديدة، وسط تسريبات حصلت عليها "العربي الجديد"، تؤكد أنه يسعى إلى إعلان حكومته خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وبتشكيلة وزارية كاملة، يتم اختيارها بالتوافق بين كتلتي "سائرون" و"الفتح"، بعد تنصّل كتل أخرى من المشاركة في الحكومة أو حتى دعمها، فيما يصرّ الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني)، على حصتهما من المناصب الوزارية، معتبرَين أن ذلك يتماشى مع استحقاق انتخابي ومكوناتي لا قابلية للتنازل عنه.

وبحسب عضو في البرلمان العراقي، تحدّث لـ"العربي الجديد"، فإنّ علاوي سيقدّم الحكومة هذا الشهر، موضحاً أنه "أجرى لقاءات عدة مع قوى سياسية يوم أمس الإثنين، كانت ترتكز على طلب منحه حرية الاختيار"، مستدركاً بالقول: "لا يبدو أنّ ذلك متاح، على الأقل بما يتعلق بالوزارات السيادية والحساسة مثل الدفاع والداخلية والخارجية والنفط والمالية والتخطيط".

وبشأن اختيار محمد علاوي، الذي كان بارك مقتدى الصدر تكليفه، واعتبره "خيار الشعب العراقي"، أكد عضو مجلس النواب العراقي، كاظم الصيادي، أنّ "عملية الاختيار جاءت بعد صفقة فاسدة بين أطراف سياسية هدفها المحافظة على مناصبها والحصول على مكتسبات جديدة، وقتل المتظاهرين، وإنهاء الاحتجاجات بطريقة ثانية". وأوضح في اتصال مع "العربي الجديد"، أنّ "علاوي يعتقد بأنه سيكون بمأمن من الضغوط السياسية بسبب الحالة العامة في البلاد، لكن الأحزاب ستفرض أسماء للوزارات والمناصب الرفيعة والدرجات الخاصة وغيرها، وكلها ستكون شريكة، حتى تلك التي تدعي المعارضة، والأخرى التي تدعي الإصلاح".

وتابع أنّ "البرلمان وما فيه من كتل سياسية، لا تزال مؤمنة بالمحاصصة القومية والطائفية، ولن تسمح بتمرير أي شخصية لأي منصب ما لم يكن متّفقاً عليها بواسطة الأحزاب"، معتبراً أنّ "كل الأحزاب التي وافقت على محمد علاوي، اتفقت في ما بينها على ضرب توجهات العراقيين والمتظاهرين عرض الحائط".

في الأثناء، ومع استمرار التظاهرات الرافضة لعلاوي، وعلى خلاف ما جرت عليه أشهر التظاهرات الماضية، بدا أنّ المحتجين باتوا في مواجهة مع "أصحاب القبعات الزرق"، التابعين لمقتدى الصدر، وليس مع قوات الأمن العراقية، إذ هاجم أنصار الصدر ساحات التظاهر والتجمعات الاحتجاجية في عدد من المدن مثل واسط والبصرة والنجف وبابل والمثنى وبغداد واشتبكوا مع المتظاهرين، وذلك خلال محاولتهم فتح الطرق وفضّ الاعتصامات والتجمعات بالقوة.

وانتشر "أصحاب القبعات الزرق"، بالمئات في مدن عدة جنوب العراق وبغداد، وقاموا بفتح الطرق المغلقة بالحجارة والإطارات من قبل المتظاهرين. كما انتشروا قرب الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات، قبل أن تقوم سيارات ثُبِتت عليها مكبرات صوتية بدعوة الناس للعودة إلى "حياتهم الطبيعية"، واستئناف الدوام، مهددةً في الوقت نفسه المتظاهرين بـ"إجراءات قاسية"، في حال أعادوا إغلاق الطرق أو أعاقوا الحركة في المدن. وهو ما أدى إلى صدامات في السماوة مركز المثنى، والكوت مركز واسط والنجف، وقرب الكوفة وفي الحلة مركز بابل، وفي البصرة، فضلاً عن العاصمة بغداد.

وفي السياق، أعلن قائد شرطة بابل، اللواء علي كوة، عن تشكيل حاجز صدّ بين المتظاهرين وأنصار الصدر في مدينة الحلة، مضيفاً في تصريحات صحافية، أنّ المدينة كانت "هادئة قبل هجوم أصحاب القبعات الزرق على المتظاهرين". من جهتها، أصدرت قيادة شرطة النجف بياناً حذّرت فيه أي جهة من تهديد الأمن، في إشارة إلى أنصار الصدر الذين هاجموا تجمعاً للمتظاهرين قرب مجسر ثورة العشرين وساحة الصدرين وسط المدينة. فيما أكد العقيد أحمد الموسوي، من قيادة شرطة كربلاء، لـ"العربي الجديد"، أنّ الأخيرة تلقّت طلبات من المتظاهرين بحمايتهم في ساحة الأحرار (ساحة التربية)، مشدداً على أنّ الشرطة لم تخوّل أي جهة تولي فضّ التظاهرات أو حتى محاولة منعها.

وامتدت المواجهات بين الصدريين والمتظاهرين إلى جامعة واسط مع طلاب كلية اللغات، الذين حاولوا التوجه بشكل جماعي من الكلية إلى ساحة التظاهر، لكن عناصر من "القبعات الزرق" اعترضوا على ذلك، وجرت مواجهات بالحجارة والعصي والسكاكين بين الطرفين، أسفرت عن إصابة عدد غير قليل من الطلاب.

وفي البصرة، رفعت عبارة "ليس من حق أحد أن يمنع العراقي من التعبير عن رأيه أو التظاهر بالشكل السلمي"، وهي عبارة كان رددها المرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني. ورفعت العبارة كردّ على خطوة مقتدى الصدر، التي ما زالت محل صدمة داخل الأوساط العراقية، إذ تحوّل من متظاهر وداعم للانتفاضة والإضراب إلى قامع لها.

ووثّق المتظاهرون خلال اليومين الماضيين عشرات المقاطع المصورة بهواتفهم، التي أظهرت سلسلة من الاعتداءات طاولت ناشطين ومحتجين، على مرأى ومسمع من القوات العراقية، وهو ما دفع الكثير من المتظاهرين إلى الانسحاب من الاحتجاجات السلمية.

وعن "انقلاب الصدر"، وهو مصطلح ظهر خلال اليومين الماضيين، مثَّل الرؤية الشعبية لحراك زعيم التيار الصدري الأخير المناهض للاحتجاجات، قال قيادي في هذا التيار، لـ"العربي الجديد"، إنّه "من المعروف عن الصدر أنه داعم أساسي للاحتجاجات، وقد ساهم خلال الأشهر الماضية بحماية المتظاهرين من عنف قوات الأمن وبعض المليشيات المنفلتة، إلا أنّ كل ما يحدث حالياً هو محاولة تطهير الانتفاضة من مندسين وعملاء يهدفون لإحداث فوضى وتكرار السيناريو السوري في الجنوب العراقي". ووصف الاعتداءات على المتظاهرين بأنها "تصرفات فردية، وهناك تهويل من قبل أطراف خارجية لكثير منها".

وأقرّ القيادي نفسه، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في الوقت ذاته، بأنّ اتفاقاً أُجرِي في قُم الإيرانية أخيراً، خلال اجتماع لقادة فصائل وقوى سياسية عراقية، ينصّ على "تطهير التظاهرات من المندسين ووقف عرقلة الحياة العامة". وكشف القيادي أنه من ضمن بنود الاتفاق الذي نتج من اجتماع قُم، إعادة مصالحة الفرقاء داخل البيت الشيعي، إذ يسعى حالياً زعيم فصيل "بدر"، هادي العامري، إلى مصالحة مقتدى الصدر بزعيم ائتلاف "دولة القانون"، نوري المالكي، لا سيما أنهما على خلافٍ منذ أكثر من عشر سنوات، إضافة إلى توحيد مواقف الأطراف الشيعية تجاه الأزمات التي تُهدد النظام السياسي، وفق المصدر نفسه.

من جهته، قال عضو تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لمليشيات "الحشد الشعبي"، عامر الفايز، إنّ "توجهات الصدر الأخيرة بشأن التظاهرات هي من أجل منع أي جهات خارجية تسعى للاستفادة من الاحتجاجات وقطع الطريق على الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية بتنفيذ الأجندة الضارة بالمجتمع والنظام العراقي. وبالتالي، فإنّ الصدر بادر بنفسه بعد أن كان مؤيداً للاحتجاجات، إلى تشذيبها ومنع المخربين".

المساهمون