بحث إسرائيلي ألماني: المجر بمقدّمة الدول الأوروبية المنحازة للاحتلال

بحث إسرائيلي ألماني: المجر في مقدّمة الدول الأوروبية المنحازة للاحتلال

18 مايو 2019
المجر أكثر الدول الأوروبية انحيازاً لإسرائيل (بيتر كوهالمي/فرانس برس)
+ الخط -
أظهر بحث إسرائيلي ألماني مشترك، حول مواقف الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية، من الصراع العربي الإسرائيلي، أنّ دولة المجر هي أكثر الدول الأعضاء في الاتحاد التي تقوم بإحباط أي قرار إدانة لدولة الاحتلال وسياساتها، وأكثرها تأييداً لسياسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

في المقابل، بيّن البحث الذي نشرت نتائجه صحيفة "هآرتس"، اليوم السبت، أنّ أيرلندا هي الدولة الأكثر نشاطاً تجاه إدانة دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتضامن مع الشعب الفلسطيني.

وبحسب "هآرتس"، فإنّ البحث الذي أجراه المعهد الإسرائيلي "ماتفيم"، بالتعاون مع المعهد الألماني لشؤون الأمن والقضايا الدولية "SWP" ومنظمة "PAX"، أظهر أنّ المجر هي أكثر الدول الأوروبية بذلاً للجهود لمنع قرارات في الاتحاد الأوروبي تدين إسرائيل.

وتعتمد المجر في سياساتها على البند الذي ينصّ في دستور الاتحاد الأوروبي على وجوب حصول إجماع تام على كل قرار يتصل بالسياسة الخارجية للاتحاد. ووفقاً للبحث، فإنّه بين موقفي المجر وأيرلندا، تبرز فرنسا باعتبارها الدولة الأكثر تأييداً لاستئناف جهود السلام الدولية.

ويستعرض البحث قائمة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأكثر تأييداً لسياسات حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو، ويدرج في هذا السياق كلاً من: المجر، التشيك، سلوفاكيا، بولندا، النمسا، بلغاريا، رومانيا، كرواتيا، لاتفيا، ليتوانيا، إستونيا، اليونان وقبرص.

أما في الطرف الآخر؛ في خانة الدول التي تعتمد مواقف "معتدلة" أو "متزنة"، بحسب البحث، فتأتي كل من: بريطانيا، هولندا، إيطاليا وألمانيا.

وفي خانة الدول الأكثر انتقاداً لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، تظهر كل من: فرنسا، بلجيكا، السويد، أيرلندا، إسبانيا، الدنمارك، لوكسمبورغ، مالطا، البرتغال، سلوفينيا وفنلندا.

ووفق البحث، فإنّه على الرغم من أنّ موقف الاتحاد الأوروبي الرسمي، بشأن دعم حل دولتين، منذ بيان البندقية في عام 1980، إلا أنّ الاتحاد الأوروبي بدأ يفقد من كونه ذا صلة في كل ما يتعلق بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ويحدد البحث أنّ من بين الأسباب الرئيسية لتراجع دور ومكانة الاتحاد الأوروبي في هذا السياق، أسباباً تتعلّق بالهيكل الداخلي للاتحاد الأوروبي، وشرط الإجماع في اتخاذ القرارات، إذ يمكن لكل دولة في الاتحاد استخدام حق النقض، وهو أمر لا يؤثر فقط في الموقف من إسرائيل، لكنه انعكس مؤخراً على الموقف من روسيا.

إلى ذلك، يرصد البحث تأثير تراجع مكانة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في أوطانهم، وتأثير ذلك بالتالي على تراجع نفوذهم في الاتحاد الأوروبي، كما هو حاصل اليوم مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني.

ويرصد البحث في الباب الثالث، البعد الأيديولوجي والفكري للحكومات السائدة في مختلف الدول الأوروبية، والتباين بين مواقف الدول التقدمية، مقابل الدول القومجية ذات الأنظمة والحكومات المتطرفة قومياً وسياسياً لجهة التعصّب القومي اليميني، وهو ما يحول دون الوصول إلى قاسم مشترك في منظور هذه الدول ونظرتها لسياسات الأمن والسياسات الخارجية، تجاه بلدان الشرق الأوسط.

ويشكّل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، عائقاً إضافياً في طريق بلورة موقف أوروبي موحد.




ويلفت البحث إلى حقيقة اقتراب انتخابات البرلمان الأوروبي، المقررة في 23 مايو/ أيار، مبيّناً أنّه على الرغم من أنّ تأثير أعضاء البرلمان على السياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي محدود، إلا أنّهم يؤثرون في تحديد هوية رؤساء مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وما يترتب على ذلك من تغيير في مواقف رؤساء هذه المؤسسات طبقاً لمواقفهم السياسية والفكرية.

ويتصل هذا الوضع ويتأثر، بحسب البحث، بالسياسة المثابرة والجهود المتواصلة لنتنياهو، من أجل استغلال وتوظيف التناقضات الداخلية في الاتحاد الأوروبي، وبين مختلف الدول الأعضاء، لصالح ضرب دور وهيبة الاتحاد، والحد من سياسات مناهضة لإسرائيل.

ويمكن القول، إنّ نتنياهو يكرر نفس الأسلوب الذي يستخدمه لتغيير الأغلبية التي كان يحظى بها الموقف الفلسطيني في أروقة الأمم المتحدة، عبر استمالة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، لصالح دولة الاحتلال، من خلال تعزيز العلاقات الثنائية بين هذه الدول وبين دولة الاحتلال.

وقد ظهر ذلك جلياً في التقارب الكبير بين دول مجموعة "فيشغراد" (بأوروبا الوسطى وتضم دول المجر وبولندا وسلوفاكيا والتشيك) وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي، في العامين الماضيين، كما بدأ في نسج وتشكيل تحالف مع كل من قبرص واليونان، منذ تعثر وتدهور العلاقات بين إسرائيل وتركيا.

وهذا النهج هو نفس النهج الذي استخدمه نتنياهو، في العقد الأخير، لتعزيز الحضور الإسرائيلي في القارة الأفريقية، مستفيداً في العامين الأخيرين من العلاقات المميزة لحكومته مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وحاجة دول مختلفة كدول "فيشغراد"، كما في أوروبا للدعم الأميركي، كما حاجة دول أفريقية، وخاصة أنظمة قمعية لأن تغض الولايات المتحدة النظر عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان، مقابل دعم وتأييد سياسة واشنطن وإسرائيل.

وقد استغل نتنياهو في مسعاه هذا موضوع العداء للسامية، لوصم كل انتقاد لسياسات دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنه عداء للسامية، وإقامة علاقات متينة مع دول تحكمها أحزاب يمين متطرفة تحمل في صلب فكرها مواقف معادية للسامية، كما في حالة تعزيز العلاقات مع حكومة النمسا.

المساهمون