المجتمع الدولي يضغط على السعودية لكشف حقيقة اغتيال خاشقجي

المجتمع الدولي يضغط على السعودية لكشف حقيقة اغتيال خاشقجي

22 أكتوبر 2018
من تظاهرة أمام السفارة السعودية بجاكرتا (أديتيا إيراوان/Getty)
+ الخط -
التخبّط السعودي في توضيح ملابسات مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، لم يزد المجتمع الدولي إلا إصراراً على توضيح ملابسات ما جرى، بعد التشكيك الدولي في الروايات التي تم تقديمها عن ظروف مقتله.

ودعت بريطانيا، يوم الاثنين، إلى "توضيح عاجل" لملابسات مقتل خاشقجي، بعدما قالت السعودية إنها لا تعرف تفاصيل مقتله.

وطالبت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، الاثنين، بكشف "الحقيقة في قضية قتل خاشقجي".

وقالت ماي أمام البرلمان: "إنني واثقة من أن البرلمان بكامله سينضم إليّ للتنديد بأشد العبارات بقتل جمال خاشقجي، علينا الوصول إلى حقيقة ما حصل".

أما وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، فرفض، الاثنين، الزعم السعودي بأن خاشقجي توفي في مشاجرة، واصفا إياه بـ"غير المعقول".

وشدّد هانت أمام البرلمان: "الزعم بأن خاشقجي مات في مشاجرة لا يرقى إلى تفسير معقول". وأضاف أن أي رد بريطاني تجاه القضية سيتطلب انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيق.

وفي قت سابق، قال المتحدث باسم ماي، للصحافيين، وفق ما أوردت وكالة "رويترز"، إنّه "لا تزال هناك حاجة ملحة لتوضيح ما حدث، في ما يتجاوز الفرضية التي طرحها التحقيق السعودي".

وبعد ثمانية عشر يوماً على اختفائه، أقرّت الرياض، ليل الجمعة - السبت، بمقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول إثر "شجار" مع مسؤولين سعوديين، وقالت إنّها أوقفت 18 شخصاً سعودياً على خلفية الواقعة.

ولم توضح المملكة مكان جثمان خاشقجي الذي اختفى عقب دخوله قنصلية بلاده في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وأمس الأحد، قدّم مسؤول حكومي سعودي، وصفته "رويترز" بـ"الكبير"، رواية جديدة بشأن قتل خاشقجي، تفيد بأنّه "جرت محاولة إسكاته عندما شرع في الصراخ فمات".

وصرّح المصدر السعودي لـ"رويترز"، بأنّ خاشقجي "توفي" خلال محاولة الفريق الأمني إرغامه على الصمت عندما شرع في الصراخ.

وكانت السلطات التركية قد أعلنت لدى اختفاء خاشقجي، وصول فريق سعودي مؤلف من 15 شخصاً، بينهم خبير في الطب الجنائي، إلى إسطنبول في اليوم ذاته الذي قتل فيه خاشقجي، وتوجههم إلى القنصلية السعودية، ومغادرتهم البلاد في اليوم ذاته أيضاً.




وفي المواقف، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية، يوم الاثنين، إنّ الوزارة ستطلب من السفير السعودي الحضور لاجتماع بالوزارة لبحث تداعيات مقتل خاشقجي.

وأضافت، في مؤتمر صحافي، يوم الاثنين، بحسب "رويترز"، أنّه "من المقرر أن يجري حوار بوزارة الخارجية قريباً. يجري حالياً تحديد الموعد".

كما دعا وزير الاقتصاد الألماني الأوروبيين إلى تعليق أي عقد تسليح جديد مع السعودية ما لم تكشف حقيقة ما حدث حول مقتل خاشقجي. وأكد الوزير بيتر ألتماير، لقناة تلفزيونية ألمانية، أنّ "الرياض لن تتأثر ما لم تتفق جميع الدول الأوروبية على ذلك"، مشيراً إلى أنّ "التوضيحات التي قدمتها" لغاية الآن "ليست كافية". وأوضح "لن يكون هناك أي تأثير إيجابي إذا أوقفنا وحدنا الصادرات واستمرت الدول الأخرى بسد النقص".

وتأتي تصريحات الوزير المحافظ غداة قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعدم تصدير أسلحة إلى السعودية، فيما سيتم تنفيذ العقود التي أبرمت خلال الأشهر الماضية.

وأوضح المتحدث باسم المستشارة، من جهته، أنّ الحكومة ستبحث إمكانية تجميد الصادرات التي تمت الموافقة عليها خلال الأشهر الماضية، ولكن لم يجر تسليمها بعد.

والشهر الماضي، وافقت ألمانيا على تصدير أسلحة بقيمة 416 مليون يورو (480 مليون دولار) إلى السعودية لعام 2018.

وقال المتحدث شتيفن سايبرت، خلال لقاء دوري مع صحافيين، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس"، إنّ "الحكومة ستناقش هذه القضية" بدون مزيد من التفاصيل.

ويوم الاثنين، قال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في بيان، إنّه تحدّث مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد، وبحثا قضية خاشقجي والوضع في سورية.

وكان ترامب قد تحدّث هاتفياً أيضاً إلى الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، مساء الأحد، وشدد على "ضرورة الكشف عن ملابسات قضية خاشقجي بجميع جوانبها"، وفق ما أوردت وكالة "الأناضول".

إلى ذلك، ندد وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، بمقتل خاشقجي.

وقال، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده يوم الاثنين بالعاصمة التونسية مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، إن "تونس لا يمكن أن تقبل أبدا بأن يعامل صحافي بهذه الطريقة".

من جانبه، أعرب وزير الخارجية الفرنسي عن انشغال بلاده بقضية مقتل خاشقجي، داعيا السلطات السعودية إلى ضرورة توضيح ملابسات وعملية القتل.

واعتبر لودريان أن ما جرى في القنصلية السعودية بإسطنبول "خطير جدا، خصوصا أن المقتول صحافي"، وأكد أنه "رغم تحقيقات وتصريحات النائب العام السعودي، إلا أن لا شيء واضح حتى اليوم".

وفي المواقف أيضاً، قالت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرسودي، إنّ رئيس إندونيسيا جوكو ويدودو دعا إلى إجراء تحقيق "شفاف وشامل" في مقتل خاشقجي، خلال اجتماعه، يوم الاثنين، مع وزير خارجية المملكة عادل الجبير.

وقالت مرسودي للصحافيين، إنّ ويدودو اجتمع مع الجبير و"أبدى قلقه" إزاء القضية. وتابعت قائلة بعد الاجتماع في القصر الرئاسي الذي حضرته: "تأمل إندونيسيا بأن يكون التحقيق شفافاً وشاملاً".

والتقى ويدودو بالجبير في القصر الرئاسي على مشارف العاصمة جاكرتا لبحث مجموعة من القضايا بينها مقتل خاشقجي، لكنه تفادى عقد مؤتمر صحافي عقب المحادثات. وقالت مرسودي إنّ الجبير نقل "تفسيراً" إلى ويدودو عن القضية، إلا أنّها لم تخض في التفاصيل.

واعتبر رئيس السلطة القضائية في إيران، صادق آملي لاريجاني، أن قتل خاشقجي "فضح طبيعة المملكة العربية السعودية التي تربي الإرهاب"، حسب تعبيره.

واتهم لاريجاني الأطراف الغربية بـ"التصرف وفقا لمعايير ازدواجية، ففي الوقت الذي شجبت فيه هذه الأطراف الجريمة التي وقعت بحق خاشقجي وأعربت عن متابعتها، إلا أنها بذات الوقت مازالت تتجاهل الجرائم المرتكبة في اليمن".

وفي السياق، ذكر المساعد الأول لرئيس مجلس الشورى الإسلامي للشؤون الدولية، حسين أمير عبد اللهيان، أنه "على الرئيس الأميركي أن يقدم تفسيرا للعالم حول الفضيحة المتعلقة بخاشقجي ودعمه لفرقة الاغتيال في الرياض".

وأضاف عبد اللهيان أن "السعودية تنتهك حقوق الإنسان في اليمن والبحرين، وهي المتهم الأول بقتل الصحافي السعودي، ما يعني ضرورة إخراجها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، حسب رأيه.

وتأتي هذه التعليقات بعد أن فضلّت السلطات الرسمية في إيران عدم إبداء وجهة نظرها حول قضية خاشقجي.

من جانبها، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الإثنين، قادة العالم إلى رفض محاولات السعودية "التنصّل" من مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وقالت المنظمة الحقوقية، في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني: "ينبغي على الولايات المتحدة وتركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى، رفض محاولة السعودية التنصل من مقتل جمال خاشقجي".

وأضافت: "يبدو أن بيان السعودية بشأن وفاة خاشقجي يهدف لحماية ولي العهد محمد بن سلمان من المزيد من التدقيق، ولمنع المساءلة الكاملة عن مقتل خاشقجي".

ونقل البيان عن مايكل بيدج، نائب مدير شؤون الشرق الأوسط بالمنظمة، قوله: "من منطلق كذب السعودية المتكرر على العالم حول اختفاء ومقتل خاشقجي، فإنه لا سبب يدعو لأخذ نتائج أي تحقيق داخلي على محمل الجد".

واعتبر بيدج أن "عزل مسؤولين كبار ككباش فداء، لن يزيل رائحة مقتل خاشقجي عن محمد بن سلمان"، داعيا الدول المعنية بهذه القضية إلى "المطالبة بتحقيق أممي لتحديد ظروف مقتل خاشقجي بشكل مستقل".

ولفت إلى أن الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب وفر غطاء بشكل متكرر لتفسيرات السعودية "السخيفة"، ومحاولاتها الواضحة لتغطية الحقيقة بشأن المسؤول، في النهاية، عن مقتل خاشقجي.