"فيينا الليبي" يضع حكومة الوفاق أمام تحديات: التسلّح وحفتر

"فيينا الليبي" يضع حكومة الوفاق أمام تحديات: التسلّح وحفتر

17 مايو 2016
تواجه حكومة السراج تحدي انتشار المسلحين في ليبيا(Getty)
+ الخط -
دعت حالة الانسداد السياسي في ليبيا المجتمع الدولي إلى عقد مؤتمر في العاصمة النمساوية فيينا، أمس الاثنين، بهدف إخراج البلاد من أزمتها المستمرة. وفور انتهاء المؤتمر، أعلن المجتمعون خلال بيانهم الختامي، تأكيدهم دعم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق وإمكانية تمرير طلب يتقدم به المجلس الرئاسي لمجلس الأمن من أجل رفع الحظر عن توريد السلاح إلى ليبيا.

غير أنّ مسألة التسلّيح كانت النقطة الأكثر إثارة للجدل في بيان المؤتمر، إذ إنّه في حال تمكّنت الحكومة الليبية برئاسة فائز السراج من الدخول إلى العاصمة بمساعدة الأمم المتحدة وسط استمرار مواقف معارضيها، غير أنّها لا تمتلك قوة عسكرية بعد، ما يزيد من الغموض حول الجهة العسكرية التي ستتمتع بمزايا رفع الحظر. ما يطرح أسئلة عدّة، منها: هل ستذهب الأسلحة لقوات اللواء خليفة حفتر، المعروف بموقفه الرافض لحكومة الوفاق؟ أم إلى المجموعات المسلّحة في مصراته التي تعاني هي الأخرى من انشقاق في موقفها حيال الحكومة؟

وبحسب مصادر مُقربة من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في طرابلس، فإنّ الدول المشاركة في المؤتمر حاولت الوصول إلى صيغة مشتركة لتضمين قوات حفتر في الحرس الرئاسي، الذي أعلن عن تشكيله السراج قبل أيام، من خلال منح البرلمان في طبرق (الموالي لحفتر) الشرعية لحكومة الوفاق.

ويعتبر حفتر أبرز التحديات التي تواجهها حكومة الوفاق لنجاحها في قيادة البلاد، فبعد سيطرته على أجزاء واسعة من بنغازي وأجدابيا، وتقدمه باتجاه الهلال النفطي بدعم من حلفائه السياسيين في طبرق، فضلاً عن الدعم العسكري من مصر، راهن على مخاوف المجتمع الدولي من إعلانه الاستقلال بشرق ليبيا تحت مظلة "مجلس عسكري" طالما لوّح به مؤيدوه الفدراليين في شرق ليبيا أكثر من مرة.

وبالتالي، فإنّ التحدي الأكبر أمام حكومة الوفاق لا يقتصر فقط على منحها الثقة إنما يمتد أيضاً إلى كيفية استعادة المنطقة الشرقية لسلطة الدولة. ويبرز سؤال هنا حول نيّة حكومة الوفاق في بناء جيش من خلال احتكارها للسلاح، وبالتالي إضعاف قوة حفتر لاستعادة سيطرتها على المنطقة الشرقية.

خلافات دولية خارج حدود ليبيا

ولكن مؤتمر فيينا كشف أيضاً عن خلافات خارج حدود ليبيا، فالتصريحات المصرية الإيطالية كشفت عن تصادم في المواقف، فبينما طالب وزير الخارجية المصري سامح شكري بضرورة مراجعة أسباب الانسداد السياسي في البلاد، معلناً دعم بلاده لـ"طبرق وجيشها"، وضرورة حصول حكومة الوفاق على شرعية البرلمان في طبرق، أعلن وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتليوني عن موقف بلاده الداعم بلا حدود للمجلس الرئاسي في طرابلس، واعتبار "الحرس الرئاسي" الذي أعلن السراج عن تشكيله الفترة الماضية هو "القوة الشرعية في البلاد".

وبحسب مراقبين للشأن الليبي، فإن العلاقات المتوترة بين مصر وإيطاليا بسبب قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة كانت عاملاً مهماً في تصادم المواقف حيال ليبيا.

ويبدو أن البيان الختامي للمؤتمر لم يعكس حقيقة الخلافات الدولية كاملة داخله، فالتصريحات الصحافية لوزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، كشفت عن وجود مساعٍ دولية لتسوية الخلافات بين طبرق وطرابلس.

شتاينماير عكس من خلال تصريح صحافي، أمس، موقف بلاده الذي لم يتضمنه البيان الختامي، قائلاً إن بلاده "تدرك أن حفتر شخصية أسياسية ويتوجب علينا أن نطلب منه تأييد حكومة الوفاق في طرابلس".

وأعلن الوزير الألماني عن مساعٍ "خلال الأيام القليلة المقبلة لإيجاد حل للخلاف بين طبرق وطرابلس، بحيث يتم إشراك حفتر في العملية السياسية بغرض تجنيب البلاد خطر التقسيم"، بل أكّد أيضاً أنّ الأمر "كان محوراً لنقاشات واسعة في فيينا".

وفي موقف جديد منفصل عن المؤتمر، أعلنت روسيا، المتغيّبة عن مؤتمر فيينا، اليوم الثلاثاء، على لسان نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف، أنّ "قضية رفع حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا لا يمكن مناقشتها إلا بعد انتهاء العملية السياسية التي ستجمع كل المكونات الأساسية في البلاد"، معتبراً أنه من الضروري أن تنال حكومة الوفاق الثقة من البرلمان في طبرق.

وبين هذه المواقف الدولية المتضاربة، يبدو أن البيان الختامي لمؤتمر فيينا لن تكون له نتائج ملموسة في القريب العاجل سوى الاستمرار في الدفع بالعملية السياسية بعيداً عن دعم أي فصيل مسلح في البلاد.