الإعلام الدنماركي والسويدي عن تهديدات ترامب ضد إيران: "جدية"

الإعلام الدنماركي والسويدي عن تهديدات ترامب ضد إيران بعد اغتيال سليماني: "جدية"

05 يناير 2020
العالم يتوجّس من حرب أميركية إيرانية (Getty)
+ الخط -

قرأت الصحافة في الدنمارك والسويد اغتيال واشنطن لقائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس "الحشد الشعبي" بالعراق أبو مهدي المهندس فجر الجمعة الماضي، من زاوية أوروبية غير معجبة من ناحية بسياسات طهران المتهمة بمحاولة استهداف معارضين على أراضيها، والخشية من الناحية الأخرى من تصاعد التوتر وانفجار الوضع في المنطقة.

وتعقيباً على تهديد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم الأحد، بضرب 52 هدفاً إيرانياً إذا ما استهدفت طهران مصالح أميركية، انتقاماً لمقتل سليماني، رأى خبراء في الدنمارك والسويد أن "هذا التهديد يجب أن يؤخذ على محمل الجد بشكل كبير".

ونقلت التلفزة الدنماركية ووكالة الأنباء الرسمية، "ريتزاو"، عن أحد كبار الخبراء في القضايا العسكرية الأميركية في "أكاديمية الدفاع" بكوبنهاغن، فيكو ياكوبسن، أن "الولايات المتحدة الأميركية ترسل تهديداً يحمل الكثير من الموثوقية وبخطط واضحة لتصعيد الموقف إذا ردت إيران". ويرى هذا الخبير أنه بعد تغريدة ترامب على "تويتر" فسيترتب الآن "على الإيرانيين البحث عن الحدود الدقيقة، بمعنى أن الانتقام الإيراني لا يجب أن يدفع الأميركيين إلى استخدام المزيد من القوة العسكرية".

ورغم أن ياكوبسن يرى أن الطرفين الإيراني والأميركي يقومان الآن بلعبة تخويف بعضهما من خلال لغة الخطاب التحذيري، إلا أن التحذير الأميركي، حسبه، جدي إلى حد بعيد.

وقال في هذا الصدد إن "قيام واشنطن باغتيال أرفع شخصية إيرانية يعتبر أيضاً ضربة نفسية تصعب الأمور على الإيرانيين بعد أن وضع ترامب حدودا جديدة في تهديده لضرب مواقع إيرانية كثيرة، وهو ما سيجعل الإيرانيين يفكرون كثيراً قبل استخدام قوتهم العسكرية، فرغم أنهم صرخوا كثيرا عن قصة الانتقام إلا أنهم يعلمون جيدا أن واشنطن يمكنها أيضا تخطي خطوط حمراء أخرى في اللعبة، وهو ما يمكن أن يجعل طهران تتردد كثيراً في طبيعة ردها".

وغير بعيد عن ذلك، اعتبر التلفزيون السويدي أن الاغتيال "تصعيد خطير قد يؤدي إلى مزيد من انتشار الأعمال الإرهابية حول العالم". ولم تساهم التهديدات الإيرانية وغيرها، التي نقلتها وسائل الإعلام في الدنمارك والسويد، بتخفيف المخاوف تلك وفي الذاكرة لديهم اتهامات للاستخبارات الإيرانية بمحاولة استهداف معارضين ولاجئين في البلدين. ومن اللافت أن التلفزيون السويدي اعتبر أن "ترامب كان مضطراً للذهاب إلى خطوة الاغتيال بعد الهجوم على السفارة في بغداد، على الأقل لإظهار قدرته على التصرف أمام ناخبيه بقتل قائد تنظيم داعش (أبو بكر البغدادي) والآن سليماني"، وفقاً لما ذهب إليه محلل القناة الرسمية لشؤون المنطقة، ستيفان أوسبيرغ.

ورغم ذهاب قوى "معارضة الحروب"، وبعض اليسار، إلى اعتبار الاغتيال "سيفاقم الوضع"، مقابل موقف تقليدي متضامن بالعادة مع الحليف الأميركي، وخصوصاً في يمين الوسط، إلا أن الخارجية الدنماركية لم تتأخر مساء السبت في مطالبة مواطنيها بعدم السفر إلى إيران، وأوقفت رسمياً وزارة الدفاع، المشاركة بـ"التحالف الدولي" ضد تنظيم "داعش" بالعراق وسورية، وجمدت مشاركة جنودها في تدريب نظرائهم العراقيين.

"شيك على بياض" لمزيد من القمع

من ناحية ثانية، رأت صحيفة "انفارماسيون" أن ما يجري حالياً هو تصعيد للصراع، مشيرة إلى أنه يستهدف إمكانات "الهلال الشيعي" الممتد من العراق وسورية إلى لبنان. ورأت أن الضربة الأخيرة باستهداف سليماني جاءت "في أوج تحركات شعبية في لبنان والعراق، حيث حرقت القنصلية الإيرانية 3 مرات في النجف وجرى تخريب مكاتب تابعة لحزب الله في لبنان، وإحراق المتظاهرين العلم الإيراني منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي".

وتابعت أنه رغم تاريخ قوة البنى العسكرية الإيرانية في تلك المناطق، إلا أن المسؤولين في طهران ظهروا أكثر ضعفاً في الناحية السياسية، إذا ما أضفنا إلى ذلك ضعف ثقة الإيرانيين أنفسهم بنظامهم بعد احتجاجات جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.


وترى الصحيفة أن التطورات الأخيرة تسير باتجاه معاكس لطموح القادة الإيرانيين، لا سيما سياسيا واقتصاديا، محذرة من أن يقدم الاغتيال متنفساً جديداً لقادة إيران وشيكاً على بياض لقمع المحتجين وغير الراضين عن النظام. ولفت كبير صحافيي "انفارماسيون" والخبير في الشرق الأوسط، لاسا إلاغورد، إلى أنه "من المحتمل أن يقوم الإيرانيون بالانتقام بطريقة أخرى من خلال استهداف منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية، ولكن ذلك قد لا يمر بدون ضربة عسكرية لإيران". وإلى جانب ذلك يرى إلاغورد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال في بغداد، عادل عبد المهدي، سيقع تحت ضغوط كبيرة من طهران "لإخراج 5200 جندي أميركي من قواعد العراق، وهو ما يعني أيضاً سحب القوات الدنماركية التي تقدم تدريبات للجيش العراقي".

من ناحيته طرح التلفزيون النرويجي فرضيات كثيرة حول ما يمكن أن يجري بعد اغتيال سليماني، وتحدث القناة الرسمية، "ان أر كي"، عن "قدرة إيران على تعطيل الملاحة في خليج هرمز، ما سيؤدي إلى ارتفاع جنوني لأسعار النفط، لكن هذا الخيار قد يدفع الأميركيين أيضاً لاستهداف إيران"، غير مستبعدة سيناريو وضع لوائح استهداف محتملة للسفارة والقنصلية الأميركية في بغداد وأربيل.

وقالت إن "حلفاء إيران في فصائل الحشد الشعبي يمكنهم التنفيذ إذا ما تلقوا أوامر بذلك، وعلى طريقة استهداف السفارة الأميركية في بيروت 1983 أثناء الحرب الأهلية، التي ذهب ضحيتها 63 أميركياً، ويمكن من خلال انتحاري أن يجري الأمر ذاته في العراق".

ولم تستبعد القناة النرويجية أن تكون سورية واليمن ساحتي انتقام إيراني "حيث تتمدد إيران بقوة على الصعيدين العسكري والسياسي". واعتبرت أيضاً أن المصالح الأميركية في كل دول الخليج العربي باتت مستهدفة "فالحليف السعودي لواشنطن تلقى في سبتمبر/ أيلول الماضي ضربتين موجعتين لحقول نفط شركة أرامكو، وتبنى حلفاء إيران الحوثيون تلك الضربات، ويعتقد على نطاق واسع أن الحرس الثوري الإيراني هو من أعطى الأوامر، لكن هذه المرة إن أعطى أوامر شبيهة فهذا سيؤدي إلى حرب كبرى، ما سيؤدي إلى انعكاسات خطيرة على سوق النفط العالمي".

وإلى جانب تلك الفرضيات ترى القناة الرسمية النرويجية خطراً آخر يتهدد الأميركيين في الخليج "من خلال القوارب الإيرانية السريعة، ما قد يؤدي لإغلاق مضيق هرمز وبحر عمان، حيث يمر نحو 20 في المائة من الطاقة العالمية".

المساهمون