قراءة إسرائيلية: تقرير الرباعية يهدف إلى تثبيت حلّ الدولتين

قراءة إسرائيلية: تقرير الرباعية يهدف إلى تثبيت حلّ الدولتين

02 اغسطس 2016
من اجتماعات الرباعية في ميونخ الألمانية (ألكسندر شيرباك/Getty)
+ الخط -
لا يزال تقرير الرباعية الدولية وتوصياته، الصادر في 1 يوليو/تموز الماضي، محطة لقراءات إسرائيلية عدة حول أسباب تعثّر المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية وعدم التقدم في المسيرة السلمية. وترى إحدى القراءات أن التقرير الدولي، جاء ليخدم بالأساس الموقف الداعي لتسوية تقوم على حلّ دولتين، وضمان بقاء هذا الحلّ، وعدم إضاعته مما قد يفضي إلى حلّ "الدولة الواحدة".

في هذا السياق، تفيد قراءة وضعها كل من السفير الإسرائيلي السابق لدى الأردن، عوديد عيران، والباحثتان بنينيا باروخ، وميخال رودشيتسكي، من مركز "أبحاث الأمن القومي"، أن "مجموعة الرباعية الدولية التي تشكّلت وفقاً للقرار رقم 1435 الصادر عن مجلس الأمن، سعت من وراء تقريرها الأخير، إلى إعطاء دفعة جديدة لمباحثات بين إسرائيل والفلسطينيين، من خلال دمج ثلاثة لاعبين ضروريين لإكمال الوساطة الأميركية، وذلك عبر إضافة كل من الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن وروسيا".

ووفقاً للدراسة، فإن الرباعية الدولية تمكنت، لغاية الآن، من الإسهام بشكل إيجابي في أمرين، الأول هو خريطة الطريق التي اعتمدت وفق القرار الدولي رقم 1515، والثاني في تحديد ثلاثة شروط مسبقة لأي حوار مع حركة "حماس"، بعد نجاح الأخيرة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية لعام 2006.

وترى الدراسة أن تقرير الرباعية الدولية الأخير يعكس تقديرات تفيد أن الوضع الراهن يشجع على الترف والراديكالية، التي تسبب عدم الاستقرار، ومن شأنها أن تقود إلى دوامة من العنف المتصاعد. وعليه فإن التقرير يركز على "خطوات عملية وفورية يجب اتخاذها من أجل قلب التوجهات الحالية رأساً على عقب، والدفع قدماً لتطبيق حلّ الدولتين ميدانياً".





ويرى واضعو الدراسة أن تقرير الرباعية يُشخّص ويرصد، في هذا السياق، اتجاهين رئيسيين، يعرّضان فرص السلام للخطر: الأول هو استمرار العنف، وهجمات "الإرهاب" ضد مدنيين والتحريض على العنف. وفي هذا السياق تعتبر الدراسة أن تقرير الرباعية الدولية أورد استعراضاً متوازناً وغير متحيّز بشأن 250 عملية فدائية (وصفتها الدراسة بالإرهابية)، ومحاولات تنفيذ عمليات فدائية من فلسطينيين في الأشهر الأخيرة. في المقابل، ينتقد التقرير المتطرفين في الجانب الإسرائيلي ومنفذي عمليات "تدفيع الثمن" والتحريض الإسرائيلي وتصريحات مسؤولين إسرائيليين، أيدوا استخدام القوة الشاملة ضد منفذي العمليات الفلسطينيين.

أما الاتجاه الثاني فيطاول مسألة الاستيطان الإسرائيلي والبناء الاستيطاني المتواصل وتخصيص أراضي للاستيطان ومنع البناء والتطور الفلسطيني. وفي هذا السياق، يذكر التقرير أن ممارسات الحكومة الإسرائيلية تطرح تساؤلات بشأن مدى التزام الحكومة ونواياها المستقبلية بشأن القبول بقيام دولة فلسطينية، مع الإشارة لتصريحات عدد من الوزراء الذين أعربوا أنه يجب منع قيام دولة فلسطينية. وتلفت الدراسة الإسرائيلية إلى أن التقرير الدولي تحدث للمرة الأولى عن "أعداد المستوطنين الموجودين في عمق الضفة الغربية"، مما يشي باحتمالات التطرق بشكل خاص إلى هذه المستوطنات.

وبعد أن تستعرض الدراسة ما جاء في التقرير من توصيات بشأن الحلّ المستقبلي، فإنها ترصد ثلاثة مركّبات إيجابية بالنسبة لإسرائيل، على الرغم من الانتقادات التي وجهها التقرير لحكومة الاحتلال: الأول هو أن التقرير يُصنّف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بأنه نزاع سياسي يتقاسم فيه الطرفان بشكل متساوٍ المسؤولية عن الوضع الراهن.

كما أن التقرير بلهجته الحالية يحمل في طياته تجديداً مغايراً لتقارير سابقة كانت تؤطر النزاع في خانة حقوق الإنسان. مما يدلّ على أن الصفة الجديدة، هي الأفضل في خدمة الموقف الإسرائيلي وإعفائه من مقولة انتهاك حقوق الإنسان، باعتبار إسرائيل الدولة المحتلة صاحبة القوة التي تنتهك عمداً حقوقاً أساسية للضحايا الفلسطينيين.

والمركّب الثاني الإيجابي في التقرير، بما يخدم إسرائيل، هو إشارة التقرير بشكل واضح، وعملي تبنّيه للموقف الإسرائيلي، إلى "التحريض الفلسطيني" كممارسة ينبغي التطرق إليها ومعالجتها. كما يتطرق إلى العمليات الفدائية التي نفذها الفلسطينيون ويصفها أنها "هجمات إرهابية" تتحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية عنها.

والمركّب الرئيسي الثالث هو تحديد التقرير، أن أي اتفاق دائم للحل، يمكن تحقيقه فقط من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين، لا عبر خطوات من طرف واحد. بالتالي امتنع التقرير عن أي إشارة صريحة أو غير مباشرة لتأييد المجتمع الدولي للمسعى الفلسطيني لتدويل النزاع.

وترى الدراسة، أنه على الرغم من أنه لا يمكن التكهن بمدى صلة التقرير وأهميته السارية مستقبلاً، إذ من المحتمل أن يتم وضعه في الدرج، وأن يُنسى كلياً كغيره من المبادرات والوثائق السابقة الكثيرة، لكن من المحتمل من جهة ثانية، أن يُشكّل التقرير في المستقبل مخرجاً للمجتمع الدولي، خلال مداولات حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. بالتالي، فإن أياً سيكون مصير التقرير، فإنه يؤشر ليأس واضح لدى المجتمع الدولي، من إمكانية التوصل حقيقة إلى تسوية في الظروف الحالية. وعليه فإن الهدف الرئيسي للتقرير على ضوء ما سبق، هو تأكيد الحاجة الملحة لأن يأخذ الطرفان خطوات عملية في المدى المباشر، للحفاظ على حل الدولتين كحلّ.