الحوار الأفغاني في الدوحة يؤسس لاتفاق سلام في أفغانستان

الحوار الأفغاني في الدوحة يؤسس لاتفاق سلام في أفغانستان

10 يوليو 2019
استمرت الجولة الأخيرة من الحوار يومين (العربي الجديد)
+ الخط -



نجح الحوار الأفغاني - الأفغاني، الذي عُقد يومي الأحد والإثنين الماضيين في الدوحة برعاية قطرية ــ ألمانية، وبمشاركة 60 شخصية من حركة "طالبان" والحكومة الأفغانية والمعارضة والمجتمع المدني، شاركوا بصفتهم الشخصية، بوضع أسس قد تمهّد الطريق لتحقيق السلام في أفغانستان وتنهي عقوداً طويلة من الحروب التي ضربت هذه البلاد. ومما يزيد من أهمية مسار السلام، هو النجاح في الجولة الأخيرة من المفاوضات بين حركة "طالبان" وواشنطن التي تُعقد في الدوحة أيضاً، ويمكن أن تؤدي لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. وفي اختراق كبير في جدار دوامة العنف والقتل التي تضرب أفغانستان منذ أكثر من 18 عاماً، نجح الحوار الأفغاني - الأفغاني بالخروج بورقة تفاهمات تمهّد، كما قال المشاركون، لتحقيق السلام، وذلك بالتأكيد على "إيجاد الجو الآمن والملائم لبدء المفاوضات المباشرة بين الأطراف الأفغانية"، وفق ما جاء في التوصيات الصادرة عنها.

وأكدت ورقة التفاهمات ضرورة حماية المدنيين وتجنيبهم الآثار المترتبة على الصراع العسكري، والعمل على عودة المهجرين ورفض تدخّل القوى الإقليمية في الشؤون الداخلية الأفغانية. كما شددت على الحفاظ على استقلال أفغانستان، وإجراء الإصلاحات اللازمة في بنية الحكومة الأفغانية، ومنع استخدام لغة التهديد والانتقام. وفي الوقت الذي أصرّت فيه حركة "طالبان" على تضمين التوصيات التأكيد على الهوية الإسلامية للنظام الأفغاني، تعهّدت في الوقت نفسه بـ"ضمان حقوق المرأة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، وفقاً للإطار الإسلامي للقيم الإسلامية".

ووصف المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان" محمد سهيل شاهين، الحوار الأفغاني - الأفغاني، الذي رعته قطر وألمانيا، بـ"أنه إنجاز كبير"، وقال لـ"العربي الجديد"، إن "ما تحقق يعد إنجازاً كبيراً يمكن البناء عليه، ويمهد لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان".

من جهته، اعتبر المبعوث الخاص القطري لمكافحة الإرهاب وفض المنازعات، مطلق القحطاني، أن "البيان المشترك" الذي أصدره المجتمعون، خطوة أولى للسلام، موجهاً الشكر لهم لدعمهم المحادثات في دولة قطر التي يعتبرونها هامة وإيجابية في إنهاء الصراع الدائر في أفغانستان. وكان القحطاني قد دعا في افتتاح الحوار الأفغاني - الأفغاني إلى "خارطة طريق" تمهد لتحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان.

بدورها، رحّبت السلطات الأفغانية بما توصّل إليه حوار الدوحة من تفاهمات. وقال نائب وزير الخارجية الأفغاني للشؤون السياسية، إدريس زمان، في مؤتمر صحافي في العاصمة الأفغانية كابول، أمس الثلاثاء، إن "الحكومة الأفغانية ترحب بورقة التفاهمات التي توصل إليها الحوار الأفغاني في الدوحة"، مضيفاً أن "هناك نقاطاً إيجابية في الورقة نرى أنها تمهيد جيد لانطلاق حوار مباشر بين الحكومة الأفغانية وطالبان".

كما طلب الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية عبد الله عبد الله، من جميع الأطراف الالتزام بمحتويات ورقة التفاهمات. ودعا المتحدث باسم مكتب الرئيس التنفيذي فريدون خوزون، في تصريحات صحافية، "جميع أطراف الصراع إلى الالتزام بمحتويات ورقة التفاهمات، لا سيما أن فيها نقاطاً إيجابية جداً، وليكون ذلك تمهيد وبداية للحوار الأفغاني الشامل لينتج عنه وقف إطلاق نار شامل".



من جانبه، ذكر المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة الأفغانية زلماي خليل زاده، في تغريدة له عبر "تويتر" باللغة البشتوية، أن "الحوار الأفغاني في الدوحة انتهى في جو من الإيجابية، وأهنئ جميع المشاركين من ممثلي طالبان وكبار المسؤولين في الحكومة على التوصل إلى ورقة تفاهمات". كما شكر دولة قطر وألمانيا على تنظيم وإتاحة الفرصة للحوار الأفغاني. وأضاف أن "هذا الحوار يتيح الفرصة لنواصل مساعينا من أجل القضاء على ويلات الحرب المستمرة في أفغانستان منذ 40 عاماً، وسنستأنف جولة الحوار مع طالبان بعد توقف يومين".

وكادت محاولة جمع الطرفين على طاولة حوار واحدة، أن تخفق في المرحلة الأولى من الحوار الذي شاركت فيه ناشطات أفغانيات وممثلات للمرأة الأفغانية للمرة الأولى، حين خاطب ممثل حركة "طالبان" الحوار الأفغاني بوصفه يمثل "إمارة طالبان الإسلامية"، فما كان من الوفد الحكومي الأفغاني إلا أن رد بخطاب في الاجتماع باسم الرئيس الأفغاني أشرف غني، ليتم في ما بعد تجاوز نقطة الخلاف هذه بسرعة.

وترافق هذا النجاح في الحوار الأفغاني - الأفغاني مع الإعلان عن تقدّم كبير في المفاوضات بين واشنطن وممثلي حركة "طالبان" في الدوحة، منذ مطلع العام الحالي. وأكد المجتمعون ضرورة التفاهم بين حركة "طالبان" وباقي الأطراف الأفغانية، على شكل التفاوض المباشر مع واشنطن مستقبلاً وما إذا كان التفاوض سيجري بين "طالبان" والحكومة الأفغانية وباقي الأطراف المحلية الأخرى، إذ لا تزال الحركة ترفض التفاوض المباشر مع الحكومة الأفغانية.

وأعلن خليل زاده أنّ الجولة السابعة من محادثات السلام التي تجريها الولايات المتحدة مع "طالبان" هي "الأكثر إنتاجية حتى الآن". وقال في تغريدة على حسابه الرسمي على "تويتر": "للمرة الأولى يمكنني القول إننا أجرينا نقاشات معمّقة، مفاوضات، وأحرزنا تقدّماً في النقاط الأربع، وهي الإرهاب وانسحاب القوات الأجنبية والمفاوضات الأفغانية الداخلية ووقف إطلاق النار". وتربط واشنطن بين توقيع اتفاق سلام في أفغانستان ونجاح الحوار والمفاوضات بين جميع الأطراف الأفغانية، بمن فيهم حركة "طالبان" والحكومة الأفغانية. وأعرب المتحدث باسم "طالبان" في قطر محمد سهيل شاهين، عن ارتياح الحركة للمحادثات مع الولايات المتحدة، وكتب على تويتر: "نحن مسرورون بالتقدم الذي أحرز ونأمل أن يتم إنجاز العمل المتبقي. لم نواجه أي عراقيل حتى الآن".

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر أفغانية وثيقة الصلة بالمفاوضات بين ممثلي "طالبان" وخليل زاده، لـ"العربي الجديد" في كابول، أن "المبعوث الأميركي قدّم للحركة خلال الجولة السابعة من المفاوضات، مسودة اتفاق تنص على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بالتدريج وخلال عامين ونصف، بشرط بدء ونجاح المفاوضات بين طالبان والحكومة الأفغانية". ولم تؤكد مصادر حركة "طالبان" أو تنفي هذه المعلومات. وكان المبعوث الأميركي للسلام قد قال في تغريدة، إنه سيتوجه إلى الصين ثم إلى واشنطن لإجراء مشاورات بشأن تحقيق السلام في أفغانستان.

ويفترض أن يتضمن الاتفاق بين واشنطن و"طالبان" نقطتين رئيسيتين، هما الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتعهّد الحركة بعدم توفير قاعدة لجماعات إرهابية، وضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الولايات المتحدة وحلفائها. وتربط واشنطن توقيع الاتفاق الشامل للسلام في أفغانستان، باتفاق الأفغانيين أنفسهم ونجاح المفاوضات في ما بينهم.