لماذا لم تنفذ مليشيات عراقية تهديداتها باستهداف القوات الأميركية؟

مليشيات عراقية: لهذه الأسباب لا نستهدف القوات الأميركية

08 يونيو 2020
شهران على إعلان المليشيات القوات الأميركية قوات احتلال(مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

مر شهران على بيان مشترك لثمانية فصائل عراقية مسلحة موالية لطهران، أعلنت فيه عن اعتبار القوات الأميركية في العراق، "قوات احتلال"، وأنها باتت "أهدافا مشروعة لها"، وهو الإعلان الذي تسبب في نشر قوات إضافية من قوات الجيش العراقي بمحيط القواعد والمعسكرات التي تستضيف قوات أميركية، تحسبا لتنفيذ تلك المليشيات تهديدها.

إلا أنه ورغم مرور شهرين على الإعلان الذي وُصف بأنه إعلان عسكري تم تكييفه دينياً من قبل تلك الفصائل، فإن أيا منها لم ينفّذ أي هجمات على القوات الأميركية، رغم رصد أرتال وعربات أميركية في عدة مناطق من شمال وغرب البلاد تتواجد في داخلها تلك المليشيات.

وأصدرت ثمانية فصائل عراقية مسلحة بياناً مشتركاً هو الأول من نوعه، في 4 إبريل 2020، وبثته وسائل إعلام محلية عراقية، قالت فيه إنها قررت معاملة القوات الأميركية كقوات احتلال، مهددة بأن ردها مجتمعة لن تتحمله القوات الأميركية.

وجاء في البيان، الذي حمل توقيع كل من "العصائب"، و"الخراساني"، و"النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"سرايا عاشوراء"، و"كتائب الإمام علي"، و"الأوفياء"، و"جند الإمام"، وهي من أبرز الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، أنه "بعد قرار البرلمان بالخروج الفوري للقوات الأجنبية، وجدنا بالدليل القاطع أن القوات الأميركية ازدادت عتوا وطغيانا وقامت بمزيد من الاعتداءات، لذا اجتمع الغيارى من أبناء فصائل المقاومة، على اعتبار القوات الأميركية قوات احتلال"، مهددة بأنها ستحول "أرض العراق وسماءه جحيما".



ضغوط على واشنطن

وحول هذا الموضوع، قال عضو بارز في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، إن "أغلب بيانات الفصائل منذ أشهر طويلة تأتي ضمن الضغوطات على الجانب الأميركي، لا أكثر، من أجل دفعه إلى الانسحاب من العراق، وكذلك الضغط على القوى السياسية والحكومة العراقية، لتنفيذ قرار البرلمان القاضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق".

وكشف عضو تحالف "الفتح"، الذي فضل عدم ذكر اسمه، عن أن الأميركيين بعد يوم من البيان هددوا برد غير مسبوق على أي هجوم تتعرض له قواتهم.

وأضاف أن "إيران في الوقت الحالي لا تريد أي تصعيد مع واشنطن في العراق وتميل إلى التهدئة، لذا قرار الفصائل المسلحة ليس ملكا لها"، مستدركا بالقول إن "عدة فصائل مسلحة تصدر بيانات التهديد بين وقت وآخر، لابتزاز قوى سياسية وكذلك الحكومة".

في المقابل، قال عادل الكرعاوي، المتحدث باسم حركة "الأوفياء"، وهي إحدى الفصائل الموقعة على البيان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنهم قرروا منح "فرصة كبيرة وواسعة للحكومة العراقية لحل بعض القضايا والملفات المهمة عن طريق الطرق الدبلوماسية والسياسية الرسمية"، وفقا لقوله.

وبين الكرعاوي أن البيان جاء "بعد سلسلة من الاستهتار الأميركي باغتيال سليماني والمهندس وقصف عدد من مقار الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، فصدر هذا التهديد من الفصائل، لكن بعد هذا التهديد انسحب جزء من القوات الأميركية من أكثر من قاعدة، وتم تسليمها رسمياً إلى الجانب العراقي، وهذا الانسحاب جاء نتيجة تهديد الفصائل، خصوصاً ان الجانب الأميركي يدرك صدق تلك الفصائل في تنفيذ تهديداتها".

 وأضاف "نراقب التواجد الأجنبي بصورة عامة والأميركي بصورة خاصة، فهناك انخفاض كبير في أعداد تلك القوات، ما تبقى إلا القليل من تلك القوات ببعض القواعد العسكرية، خصوصاً أن هذا التواجد لا شرعية ولا قانونية له، بعد قرار البرلمان العراقي، القاضي بإخراج كل القوات الأجنبية من العراق".

 واعتبر المصدر نفسه، أن "الوضع العام في العراق والمنطقة لا يسمح بفتح أي باب للمواجهة، ولهذا نحن الآن نعطي فرصة للحكومة العراقية لإخراج القوات الأميركية وإلا سيكون للفصائل موقف آخر"، وفقا لقوله.

وأكد معلومات سابقة حصل عليها "العربي الجديد"، من أن الحكومة العراقية، طلبت من الفصائل عدم التصعيد مع الجانب الأميركي في الوقت الحاضر، لحين إكمال خروج القوات الأجنبية من العراق وفق الأطر السياسية والدبلوماسية، "ونحن مازلنا نراقب التحرك الحكومي، ونتابع كل التطورات بهذا الملف".



القرار بيد إيران

في المقابل، قال الخبير بالشأن السياسي والأمني العراقي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "عدم تصعيد تلك الفصائل، لوجود تهدئة بين الجانب الأميركي والإيراني، الذي على ضوئه جاءت حكومة مصطفى الكاظمي، وهذه التهدئة والاتفاق بين واشنطن وطهران، هو الذي جعل الفصائل غير عدوانية تجاه التواجد الأميركي".

وبين الشريفي أن "الفصائل المسلحة في العراق تتبع سياسة طهران، فإذا كانت طهران ذاهبة بتجاه التفاوض والتهدئة، فالفصائل تكون مع هذا التوجه، خصوصاً ان الآن الكل يميل إلى مبدأ التفاوض والحوار والتهدئة".

وأكد الخبير بالشأن السياسي والأمني أن "الفصائل المسلحة غير قادرة على الخروج عن الأوامر والقرارات الإيرانية، بشن هجومات مخالفة لتهدئة طهران، وأي فصيل يتصرف هكذا يتم رفع الغطاء عنه، ويكون أمام تحد للحكومة العراقية، وأمام تحد أكبر بالمواجهة مع الجانب الأميركي، خصوصاً أن واشنطن تمتلك قدرة الرد، ولا يوجد أي تكافؤ بين الفصائل والقوات الأميركية، ولهذا الفصائل لن تتمرد على القرارات الإيرانية".

المساهمون