أستانة السوري: مراوحة رهن التفاهمات الدولية

أستانة السوري: مراوحة رهن التفاهمات الدولية

03 مايو 2017
حضر الملف السوري في مباحثات بوتين وميركل(ألكسندر نمينوف/فرانس برس)
+ الخط -
أعاد اجتماع أستانة السوري، الذي بدأت لقاءاته التحضيرية لجولته الرابعة على مستوى الخبراء، أمس الثلاثاء، على أن تنطلق الجولة رسمياً اليوم الأربعاء، إحياء المشاورات السياسية الإقليمية والدولية حول سورية، لا سيما بعد المقترح الروسي بإقامة "مناطق تخفيف التصعيد" في 4 مناطق داخل سورية. ولا شك أن المقترح الروسي المفاجئ سيكون محور نقاشاتٍ طويلة في اليوم الأول لاجتماعات "أستانة 4"، لكن نتائج المحادثات ستكون رهينة مروحة واسعة من المشاورات السياسية بين الدول المعنية بالملف السوري، لا سيما في ظل المباحثات التي يجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في روسيا، اليوم، وبعد أيام في الولايات المتحدة.
وتنطلق محادثات أستانة 4 رسمياً اليوم الأربعاء، بمشاركة وفد النظام برئاسة بشار الجعفري، ووفد فصائل المعارضة الذي يمثله رئيس المكتب السياسي لـ"جيش الإسلام"، محمد علوش، فضلاً عن الدول الثلاث الضامنة، تركيا وروسيا وإيران. ويمثل الوفد التركي وكيل وزارة الخارجية التركية، سادات أونال، فيما يمثل الوفد الروسي ممثل الرئيس الروسي الخاص في سورية، أليكساندر لافرينتيف، والوفد الإيراني نائب وزير الخارجية، حسين جابري أنصاري. ومن المتوقع مشاركة مستشار وزير الخارجية الأردني، نواف وصفي التل، ونائب مسؤول شؤون الشرق الأدنى في الخارجية الأميركية، ستيوارت جونسون، كمراقب. فيما لم يتم، بحسب مسؤول في المعارضة السورية، تأكيد توسيع دائرة الدول المشاركة لتشمل قطر والسعودية، وهو ما كانت الدولة المضيفة للمباحثات (كازاخستان) قد تحدثت عنه. كما يشارك المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، في الاجتماعات التي تختتم غداً الخميس.



واستبقت العديد من الدول المعنية بالملف السوري، بما في ذلك الدول الضامنة، بدء محادثات أستانة 4، بإعادة التذكير بمواقفها حيال سورية. الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اختار الحفاظ على موقعه كمدافع أول عن النظام السوري، ومحاولاً منحه فرصة التنصل من جرائمه، بما في ذلك جريمة استخدام السلاح الكيميائي في خان شيخون، في شهر إبريل/نيسان الماضي. وقال بوتين، خلال مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود، أمس الثلاثاء، إن روسيا تدين أي استخدام للأسلحة الكيميائية وتريد إجراء تحقيق كامل ونزيه في هجوم بالغاز السام في مدينة خان شيخون. ولفت بوتين إلى أنه "يجب الوصول إلى المذنبين ومعاقبتهم. لكن لا يمكن فعل هذا قبل تحقيق نزيه"، معتبراً أنه "لا يمكن التوصل إلى حل في سورية إلا عبر الوسائل السلمية وتحت إشراف الأمم المتحدة". من جهتها، قالت ميركل: "لقد بحثنا الوضع في سورية. وأكدت بصفتي المستشارة الألمانية، على أننا نود القيام بكل ما يمكن من أجل دعم التهدئة، ووقف إطلاق النار من أجل مساعدة السكان".
كذلك ينتظر أن يحضر الملف السوري، بشقيه السياسي والعسكري، خلال مباحثات بوتين، اليوم الأربعاء، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أكد، أمس، أنه سيبحث العمليات المحتملة في منبج والرقة مع بوتين أولاً ومن ثم مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت لاحق في شهر مايو/أيار الحالي. وأضاف أردوغان، خلال مراسم نظمت للاحتفال بعودته لعضوية حزب العدالة والتنمية الحاكم عقب التعديلات الدستورية، إنه يأمل أن تؤدي المباحثات المقبلة مع بوتين وترامب إلى بدء مرحلة جديدة في سورية والعراق، معيداً التأكيد على أن "تركيا لن تسمح للجماعات الكردية المتمردة بتحقيق أهدافها في شمال سورية".
كما يفرض المقترح الروسي بإنشاء "مناطق تخفيف التصعيد" نفسه كبند أساسي في المباحثات حول سورية. وفي ما بدا تمهيد تركي للقاء، أعلن نائب مدير قسم الشؤون السورية في الخارجية التركية، مصطفى يورلاكول، "لقد استلمنا هذه الاقتراحات بشكل رسمي. وستكون موضوعاً للمناقشات في أستانة وفي سوتشي"، مشيراً إلى أن "تركيا تقيم هذه الاقتراحات بشكل إيجابي". كما قال المسؤول التركي للصحافيين، بحسب وكالة سبوتنيك الروسية، "الرئيسيان سيبحثان أيضا مسألة تعزيز نظام وقف النار ووضع الأسرى وإزالة الألغام. لدينا الكثير من الأفكار التي سنطرحها على الورق".
بدوره، قال السفير التركي لدى موسكو، حسين ديري أوز، إن تركيا وروسيا تتعاونان بشكل بنّاء، فيما يتعلق بمساعي إيجاد حل للأزمة السورية. ولفت إلى أن هدف مباحثات أستانة هو تسهيل الانتقال السياسي في سورية، ودعم مفاوضات جنيف.
أما الدولة الثالثة الضامنة، أي إيران، فقد استبقت بدء محادثات أستانة بإعلان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أمس الثلاثاء، عن ثقته بحل الأزمة السورية، في رسالة بعث بها إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، في الوقت الذي كان قائد القوات البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، محمد باكبور، يؤكد أن عسكريين من هذه القوات انضموا إلى جانب عناصر من فيلق القدس في سورية، مشيراً إلى أنه تم إرسالهم كـ"مستشارين ميدانيين"، حيث يتواجد بعضهم على الأرض هناك في الوقت الراهن، مؤكداً أيضاً أن هذه القوات سترسل المزيد من المستشارين في المستقبل.
وكان التحضير لإطلاق جولة أستانة 4 عملياً بدأ، أمس الثلاثاء، من خلال اجتماع تقني انعقد بين خبراء عسكريين من الدول الضامنة، بمشاركة ممثلين للأمم المتحدة، بينهم مسؤول خدمات قضايا إزالة الألغام في الأمم المتحدة، أغنيس مارسيللو.
ويلقي مقترح موسكو الذي قفز بشكل مفاجئ، أول أمس، إلى الواجهة بظلاله على هذه الاجتماعات، التي اعتبر رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني السوري، أحمد رمضان، أنها لن تخرج بنتائج إيجابية. وأضاف "نحن نعتقد أن الروس غير جادين لوقف إطلاق النار، لكنهم يعملون على كسب الوقت، بينما يواصلون مع النظام ارتكاب المجازر، ولاحظنا أن روسيا صعدت، في الأيام القليلة الماضية، من حملة الغارات في مناطق المدنيين شمالي سورية". ورأى المسؤول في المعارضة السورية، أن "لموسكو أهدافاً عدة من خلال مقترحها إنشاء ما سمته مناطق تخفيف التصعيد، ومن بينها تركيز الحديث في اجتماعات أستانة على هذا المقترح لتظهر بمظهر الفاعل الإيجابي الباحث عن حلول في سورية، ولفت الأنظار في أستانة عن مجزرة الكيميائي في خان شيخون، واستمرار استخدامها لحق النقض الفيتو لحماية الأسد". وقد لوحظ تعاطي كل من المعارضة السورية والنظام، بحذرٍ شديد مع هذا المقترح. ويتحدث المقترح الروسي الذي سيكون موضع نقاشٍ في "أستانة 4"، عن إنشاء مناطق لـ"تخفيف التصعيد"، هي أقرب ما تكون إلى مناطق عازلة، على الجبهات الساخنة بين النظام والمعارضة في إدلب وريف حمص الشمالي وغوطة دمشق الشرقية وجنوب سورية، على أن يطبق لثلاثة أشهر قابلة للتجديد، فيما تحدثت مصادر عن أن تركيا طلبت إضافة منطقة التماسّ بين النظام والمعارضة بريف اللاذقية الشمالي، يتراوح عرضها بين 1 و2 كيلومتر.



المساهمون