تردُّد أميركي إزاء مخرجات الرياض... وهيئة التفاوض تباشر عملها

تردُّد أميركي إزاء مخرجات الرياض... وهيئة التفاوض تباشر عملها

11 ديسمبر 2015
هناك 11 ممثلاً للفصائل المسلحة في المفاوضات (إيمين سنسار/الأناضول)
+ الخط -
لا يلبث أن ينتهي اجتماع حول الحرب السورية، ليبدأ آخر، مما يشير إلى أنّ عجلة الحلّ السياسية تدور بشكل أسرع، تمهيداً للقاء متوقع بين المعارضة السورية، والنظام السوري، في بداية العام المقبل. 

اقرأ أيضاً: بيان مؤتمر الرياض حول سورية: نظام جديد دون الأسد

وبعد إنجاز المعارضة السورية الذي تمثل بمخرجات مؤتمر الرياض، قبل يومين، وأبرزها تشكيل وفد موحد للتفاوض مع النظام حول المرحلة الانتقالية وسورية الجديدة بلا رأس النظام وأركانه، برز موقف أميركي غير واضح المعالم، أعلن عنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بقوله إن لدى بلاده مشكلة في نقطتين وردتا في البيان الختامي لمؤتمر الرياض، من دون أن يحددهما. وفي السياق، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن كيري سيجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف في موسكو يوم الثلاثاء المقبل، "لمناقشة الوضع في سورية وأوكرانيا". وأضافت الوزارة، في بيان، أن كيري "سيحضر أيضاً محادثات بشأن سورية في باريس يوم 14 ديسمبر/كانون الأول".

وحول الموقف الأميركي من مخرجات مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، قال كيري إن "بعض المسائل وتحديداً نقطتين في رأينا بحاجة إلى معالجة". ونظراً للتقارب الأميركي ــ الروسي الذي يكاد يصل إلى مستوى التحالف حول سورية، ربما تكون اعتراضات واشنطن هي نفسها لدى موسكو، إذ أشار لافروف إلى أن إصرار الغرب على إزاحة الأسد قبل أن يعمل بشكل وثيق مع روسيا في مكافحة تنظيم الدول الإسلامية، هو خطأ فادح". أكثر من ذلك، فإن "مواطني سورية هم الذين يختارون رئيساً جديداً للبلاد، وليس روسيا" على حد تعبير ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم رئاسة الدولة التي تشن حرباً دموية ضد السوريين لمنع سقوط النظام ورأسه. وورد كلام بيسكوف في معرض تعليقه على مؤتمر الرياض، لافتاً إلى أن "الجهود تنصب الآن على وضع قوائم بالمنظمات التي تعتبر إرهابية، وتلك التي تعتبر معارضة معتدلة يمكنها، بل وينبغي لها أن تكون جزءاً من التسوية السياسية. توجد خلافات بين دول معينة والمواقف تتقارب".

وكان مؤتمر الرياض عرضة لهجمة عنيفة من محور النظام السوري وحلفائه، بدءاً برأس النظام بشار الأسد، الذي ادّعى، في مقابلة مع وكالة الأنباء الإسبانية، "إي إف إي"، أن "تركيا شريان الحياة الوحيد بالنسبة لداعش"، وأن "السعودية وتركيا وقطر هي الأطراف الرئيسية المتواطئة في ارتكاب بشاعات داعش".

وأعرب الأسد عن موافقته "المشروطة" على الحوار مع المعارضة السورية المنبثقة عن مؤتمر الرياض. وقال إن "المعارضة يجب أن تحوز شرطين حتى تسمى معارضة ويؤدي الحوار معها إلى نتيجة: أولاً أن يكون نشاطها سياسياً فقط، لا عسكرياً، ثانياً أن يكون ولاؤها وقاعدتها في البلد لا في الخارج".

هجوم الأسد على مؤتمر الرياض يأتي كترجمة للغضب الإيراني إزاء الاجتماع ونتائجه، وقد عبر عنه نائب وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، المحسوب على الحرس الثوري الإيراني، وقد وصف أطرافاً مشاركة في المؤتمر بأنها "إرهابية". في المقابل، زعم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن موسكو تدعم الجيش السوري الحر بالأسلحة والذخيرة والدعم الجوي "في عمليات مشتركة مع القوات السورية النظامية في مواجهة المتطرفين". وأضاف: "يساعد عمل قواتنا الجوية في توحيد جهود القوات الحكومية والجيش السوري الحر"، مضيفاً أن "الجيش السوري الحر يشارك الآن الكثير من وحداته، التي يزيد قوامها عن 5000 فرد، في عمليات هجومية ضد الإرهابيين، إلى جانب القوات النظامية في محافظات حمص وحماة وحلب والرقة". وتابع: "نسانده من الجو كما نساند الجيش السوري. نساعدهم بالأسلحة والذخيرة ونقدم لهم دعماً مادياً".

هيئة عليا للمعارضة

وتفيد التسريبات الواردة من العاصمة السعودية، بأن المعارضين رفعوا أعضاء الـ"هيئة العليا للتفاوض" مع نظام بشار الأسد، إلى 34 شخصية لتمثيلها في المفاوضات مع النظام والمجتمع الدولي. ويرتقب أن تشكّل الهيئة، بدورها، وفداً لمفاوضة النظام السوري خلال المفاوضات المتوقعة في أوائل العام المقبل. ويتألف الوفد المفاوض من 15 شخصية، يتم اختيارها إما من المعارضين السوريين المشاركين في مؤتمر الرياض، أو خارجه.

 وأفاد مصدر مطلع من داخل قاعة الاجتماع، لـ "العربي الجديد"، بأنّ الهيئة العليا للتفاوض مع النظام عقدت أول اجتماع لها صباح أمس، وتم الاتفاق على البنية التنظيمية للهيئة وآلية عملها، متوقعاً أن تكون هناك جلسة ثانية لوضع أسس تشكيل الوفد المفاوض.

وأضاف المصدر أنّ هناك انقساماً بين قادة حركة "أحرار الشام" الإسلامية، وكان ذلك واضحاً من خلال تخبط ممثل "أحرار الشام"، لبيب نحاس، داخل قاعة الاجتماعات.

وبالنسبة للهيئة العليا للتفاوض، التي تم الانتهاء من تشكيلها أمس، فقد ضمت 11 ممثلاً من الفصائل العسكرية، و9 من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، و5 من هيئة التنسيق، و9 من الشخصيات المستقلة.

وضمت الهيئة من المستقلين كلاً من أحمد الجربا، لؤي صافي، هند قبوات، عبدو حسام الدين، يحيى قضماني، رياض نعسان آغا، عبد العزيز شلال، ولؤي حسين، فيما ضمت من هيئة التنسيق كلاً من: منير بيطار، صفوان عكاش، أحمد عسراوي، محمد حجازي، وزياد وطفة.

ومن الائتلاف الوطني تمثل في الهيئة كل من رياض حجاب، فاروق طيفور، جورج صبرا، عبد الحكيم بشار، سهير الأتاسي، منذر ماخوس، خالد خوجة، رياض سيف، وسالم المسلط.

لكن وطفة قال لـ"العربي الجديد"، إن ممثلي هيئة التنسيق في الهيئة العليا للتفاوض قيد البحث والتشاور، على أن يصدر قرار رسمي "مساء الجمعة (أمس)".

وأضاف: "تحفظنا على اعتماد الرياض كمقر للهيئة التفاوضية واقترحنا القاهرة، لكن القرار في النهاية كان اعتماد الرياض كمقر من قبل المشاركين في اللقاء". وتابع: "سنعود إلى دمشق، ولا نعتقد أن الهجوم السياسي والإعلامي للنظام وحلفائه على لقاء الرياض، سيصل إلى أن يتحول لخطر أمني على سلامتنا وتواجدنا في الداخل، فنحن منذ البداية لم نكن مع السلاح أو مع التدخل الخارجي، نحن تيار سياسي لا نؤمن بالعنف وندعو إلى حل سياسي يفضي إلى الانتقال إلى دولة ديمقراطية، ونعتبر أن أية مخاطر يمكن أن نتعرض لها في الداخل هي أقل سوءاً مما قد نتعرض له في الخارج".

وفيما لم يُعرف من أسماء ممثلي الفصائل العسكرية سوى ممثل حركة "أحرار الشام"، لبيب النحاس، تم تحديد 4 ممثلين للجبهة الجنوبية، وأربعة للجبهة الشمالية، وممثل واحد لكل من "جيش الإسلام"، إضافة إلى حركة "أحرار الشام".

وأوضح نائب رئيس الائتلاف الوطني، هشام مروة، لـ"العربي الجديد"، أن جميع الحاضرين في الاجتماع قد وقعوا على البيان الختامي، بمن فيهم ممثلو الفصائل العسكرية، مضيفاً أن البيان الختامي يجسد تطلعات الثورة السورية.

وحول الوفد المفاوض، أوضح مروة أن الوفد سيتم تشكيله من الشخصيات المعارضة السورية على أساس الكفاءة والقدرة، وليس شرطاً أن تكون الشخصيات، التي يتم اختيارها في الوفد، من ضمن الهيئة العليا، مردفاً أن الوقت كاف لإعداد الوفد، والتحضير للمفاوضات مع النظام السوري، التي تبدأ مطلع العام المقبل، مشيراً إلى أن الائتلاف يعمل على موضوع المفاوضات منذ زمن بعيد، وهناك تحضير لعدة ملفات بهذا الشأن. وشدد مروة على أنّ أهمية استئناف المفاوضات كانت من الموضوعات، التي تم التوقف عندها في اجتماعات جنيف 2014.

اقرأ أيضاً: هيئة التنسيق السورية ترفض الرياض مقرا لهيئة التفاوض