السودان: اختبار هدنة العسكر والمعارضة

السودان: اختبار هدنة العسكر والمعارضة

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
26 ابريل 2019
+ الخط -
مع استمرار التفاف الشارع حول المعارضة السودانية، ونجاح الأخيرة في الحفاظ على وحدتها على الرغم من كل الأنباء المثارة حول خلافات بين أركانها، استطاعت هذه المعارضة دفع المجلس العسكري الانتقالي للتجاوب مع مطالبها، لتدخل في "هدنة" معه، تبقى أمام اختبار نجاح الطرفين في التوصل لاتفاقات تحقق رؤية المتظاهرين والمعارضة في سلطة مدنية وإبعاد كل رموز نظام عمر البشير عن السلطة ومحاكمتهم، وذلك فيما برز أمس الخميس تحذير رئيس حزب "الأمة" القومي الصادق المهدي من انقلاب مضاد في حال عدم الاتفاق بين الطرفين.
وتبقى المعارضة الممثلة في "تحالف الحرية والتغيير" متسلحة بالشارع، الذي يواصل اعتصامه أمام مقر قيادة المؤسسة العسكرية في الخرطوم منذ 6 إبريل/نيسان الحالي، بل تنضم إليه أعداد إضافية، ليؤكد عبر مسيرته "المليونية" أمس تصميمه على تحقيق مطالبه وعدم التراجع عنها.

وفي ظل هذه الضغوط، أعلن المتحدث باسم المجلس، شمس الدين الكباشي، في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز": أنه "سيكون المجلس العسكري الانتقالي له السلطة السيادية فقط دون ذلك مستوى رئاسة مجلس الوزراء والحكومة المدنية وكل السلطة التنفيذية هي مدنية بالكامل"، لكنه لم يقدم مزيداً من الإيضاحات. وينتظر أن تحدد الصلاحيات، متى ما تم الاتفاق، بمراسيم.

واعتصم آلاف السودانيين أمس أمام مقر قيادة الجيش، استجابة لدعوة "تحالف الحرية والتغيير" لتنظيم مليونية جديدة، لفرض مزيد من الضغط على المجلس العسكري ودفعه تلبية مطالبه من أجل تسليم السلطة لهيئة مدنية تتكوّن من مجلس سيادي مدني ومجلس وزراء ومجلس تشريعي. وحمل بعض المتظاهرين لافتات كُتب عليها "لا للحكام العسكريين"، فيما كانت أعداد جديدة من المتظاهرين من أنحاء الخرطوم انضمت إلى الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش، وخصوصاً من ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض. وكان مئات المحتجين الوافدين من مدينة مدني (وسط البلاد) انضموا الأربعاء إلى المتظاهرين في العاصمة، وذلك بعد وصول المئات الثلاثاء من عطبرة للمشاركة في اعتصام الخرطوم. وللمرة الأولى منذ انطلاق الحراك، انضم القضاة السودانيون إلى الاعتصام أمس، وذلك "دعماً للتغيير ولسيادة حكم القانون ومن أجل استقلال القضاء"، كما أعلنوا في بيان لهم. وكان "تحالف الحرية والتغيير" دعا في بيان "جميع جماهير شعبنا إلى الحضور والمشاركة في مليونية السلطة المدنية". وأكد أن الاعتصام أمام مقرّ قيادة الجيش سيستمر "لحماية ثورتنا" وضمان تحقيق كل المطالب.


وجاءت مسيرة الأمس بعد اتفاق المجلس العسكري وقوى "تحالف الحرية والتغيير" على تشكيل لجنة مشتركة لتحديد الخطوات المقبلة. وعُقد في وقت متأخر الأربعاء اجتماع بين المجلس العسكري و"تحالف الحرية والتغيير". وبعد انتهاء الاجتماع، قال المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين الكباشي الصحافيين "التقينا حول مختلف جوانب المذكرة التي قدّمها تحالف الحرية والتغيير". ولم يقدّم المتحدث إيضاحات حول المطلب الرئيسي بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، لكنه قال "لم تكن هناك خلافات كبيرة". وأعلن الكباشي، الاتفاق خلال الاجتماع على معظم جوانب المذكرة التي طرحها التحالف، لافتاً إلى أن نقاط الخلاف لم تكن كثيرة مقارنة بنقاط التوافق. وأعلن تشكيل لجنة مشتركة بين المجلس العسكري و"تحالف الحرية والتغيير" للنقاش حول النقاط الخلافية وتقديم مقترحات.

من جهته، قال المتحدث باسم "الحرية والتغيير" أحمد الربيع، إنه تم التأكيد على المسؤولية المشتركة بين الجانبين، منوهاً إلى أن اللجنة المشتركة ستنظر في نقاط الخلاف الخاصة بترتيبات الانتقال وصلاحيات الأجهزة والهياكل المختلفة خلال الفترة الانتقالية. وجاء لقاء قادة المعارضة والمجلس العسكري بعدما هدد التحالف المعارض في مؤتمر صحافي الأربعاء بإعلان إضراب شامل في حال عدم موافقة المجلس على حكومة مدنية.

وبعد هذا اللقاء، أعلنت قوى "الحرية والتغيير" فجر أمس الخميس، تأجيل إعلان أسماء مرشحيها للسلطة المدنية الانتقالية، للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام، وذلك سعياً للوصول إلى اتفاق شامل مع المجلس العسكري. وأوضحت في بيان أنها رأت اتخاذ خطوة تأجيل إعلان الأسماء المرشحة للسلطة المدنية الانتقالية "بناءً على المستجدات، والاتفاق حول الخطوات المقبلة مع المجلس العسكري". ولفت البيان إلى أن ذلك التأجيل يأتي سعياً للوصول إلى اتفاق شامل وكامل مع المجلس العسكري يمهد للإعلان عن كل مستويات السلطة الانتقالية المدنية. وذكر أن "الطرفين اتفقا على ضرورة العمل المشترك؛ من أجل الوصول بالبلاد للسلام والاستقرار والتحول الديمقراطي الحقيقي". وطالب البيان المجلس العسكري بإسقاط الأحكام في حق قادة الحركات المسلحة وإطلاق سراح الأسرى. وأشار إلى أن المجلس أكد أنه شرع فعلياً في هذه الإجراءات عبر لجنته القانونية التي ستفرغ من عملها خلال أيام. وكان "تحالف الحرية والتغيير" أجّل إعلان أسماء أعضاء مجلس رئاسي مدني الأحد إلى يوم أمس الخميس.

بالتوازي مع ذلك، أعلن المجلس العسكري ليل الأربعاء الخميس أن ثلاثة من أعضائه استقالوا، بينهم رئيس اللجنة السياسية المعنية بالتفاوض مع المعارضة. والأعضاء الثلاثة هم، رئيس اللجنة، الفريق أول ركن عمر زين العابدين، والفريق أول جلال الدين الشيخ الطيب، والفريق أول شرطة الطيب بابكر. وكانت المعارضة قد رفضت التفاوض مع هذه اللجنة.

في غضون ذلك، برزت أمس تحذيرات أطلقها زعيم حزب "الأمة" القومي الصادق المهدي من أن السودان قد يواجه انقلاباً مضاداً إذا لم يتوصل المجلس العسكري والمعارضة لاتفاق بشأن تسليم السلطة. وقال المهدي في حديث مع وكالة "رويترز" إن الأجنحة المتشددة في حزب "المؤتمر الوطني" الذي كان يتزعمه البشير، قد تنفذ انقلاباً بالتعاون مع حلفائها في الجيش إذا فشل المجلس العسكري والمعارضة في تحقيق تقدم في المحادثات. ولكنه عبّر عن اعتقاده بأن المجلس العسكري سيسلّم السلطة للمدنيين للخروج من المأزق الحالي. وقال عن قادة الجيش الذين أطاحوا بالبشير في 11 إبريل/نيسان الحالي "أعتقد أن نواياهم طيبة". وأضاف "ليسوا مهتمين بتشكيل حكومة عسكرية". من جهة أخرى، قال الصادق إنه سيدرس الترشح للرئاسة فقط في حال إجراء انتخابات وليس خلال الفترة الانتقالية.

ذات صلة

الصورة
أطفال سودانيون في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور في السودان (الأناضول)

مجتمع

أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنّ طفلاً واحداً على الأقلّ يقضي كلّ ساعتَين في مخيّم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان بسبب سوء التغذية.
الصورة
نازحون سودانيون في مدرسة في وادي حلفا 1 (أشرف شاذلي/ فرانس برس)

مجتمع

في فناء رملي لمدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء للنازحين في شمال السودان، يلعب أطفال بالكرة. من حولهم، ينتظر عشرات الأشخاص المنهكين الفارين من الحرب، منذ أشهر، تأشيرة دخول الى مصر.
الصورة
تشاد (مهند بلال/ فرانس برس)

مجتمع

فرّ مئات الآلاف من السودانيين من الحرب في بلادهم إلى تشاد، ووجدوا الأمان في أكواخ هشّة في مناطق صحراوية، لكنّهم باتوا أمام تحدٍّ لا يقلّ صعوبة وهو إيجاد الرعاية الطبية والأدوية للبقاء على قيد الحياة.
الصورة
مطار إسطنبول الدولي (محمت إيسير/ الأناضول)

مجتمع

استغاثت ثلاث عائلات مصرية معارضة لإنقاذها من الترحيل إلى العاصمة المصرية القاهرة، إثر احتجازها في مطار إسطنبول الدولي، بعدما هربت من ويلات الحرب في السودان عقب سبع سنوات قضتها هناك، مناشدة السلطات التركية الاستجابة لمطلبها في الحماية