مشاورات بين "النهضة" و"النداء" والحكومة لحل أزمة الانتخابات المحلية

مشاورات بين "النهضة" و"النداء" والحكومة لحل أزمة الانتخابات المحلية

27 يناير 2017
"النهضة" قلقة من تأخير الانتخابات (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -

لا تزال الطبقة السياسية، وبالخصوص الممثلة في البرلمان، تبحث منذ يونيو/حزيران الماضي، عن التوافق حول مشروع تعديل قانون الانتخابات والاستفتاء، وإدراج الانتخابات المحلية والجهوية فيه.

وفيما لا تزال المواقف على حالها، بمعارضة الكتلة النيابية لـ"النهضة" لإشراك الأمنيين والعسكريين في الانتخابات المحلية، وبموافقة بقية الكتل، فإن مبادرات ''توحيد مواقف" بدأت تتحرك لجمع "النهضة" و"نداء تونس" والحكومة في سياق البحث عن صيغة توافقية قبل جلسة البرلمان، الثلاثاء المقبل، المخصصة للتصويت على مشروع القانون.

وعلى الرغم من أن البرلمان شهد، منذ عام 2014، تنسيقاً يكاد يكون دائماً بين الكتلتين الأغلبيتين ("النهضة" و"النداء")، ما سهل تمرير العديد من مشاريع القوانين، فإنها تعدّ من المرات النادرة التي لا يتطابق فيها الموقف بين الكتلتين.


ونتيجة لغياب التوافق حول الفصل السادس من مشروع قانون تعديل قانون الانتخابات والاستفتاء، المتعلق بإشراك الأمنيين والعسكريين في الانتخابات المحلية والجهوية، تتواصل عملية تقاذف المشروع بين الجلسة العامة ولجنة التوافقات، اللتين عجزتا عن الخروج بحل داخل الإطار البرلماني. بذلك تنتقل المهمة إلى ردهات الحزبين والحكومة في إطار حوار نهائي يحسم المسألة التي امتدت لأكثر من ستة أشهر، طالب خلالها رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار، في تصريحات عديدة، بالتعجيل في المصادقة حتى يتسنى إجراء الانتخابات المحلية قبل نهاية سنة 2017.

وفي حين تقدم كلتا المجموعتين النيابيتين تبريرات منطقية لموقفيهما، فإن تساؤلات عدة تطرح حول صاحب المصلحة في تعطيل إجراء الانتخابات المحلية، فبينما يرى مراقبون أن لا مصلحة لـ"النهضة" في ذلك، ولا سيما أنها انطلقت، منذ أكثر من سنة، في الإعداد للمحطة الانتخابية المحلية، وأن بقية الأحزاب غير جاهزة لوجستياً وسياسياً، فإن "النداء" ومن وقف  بجانبه يحمّلها مسؤولية التأجيل المستمر للمصادقة على المشروع، فيما يواصل الطرفان التعنت في المواقف. 

ولا تزال حركة "النهضة" مصرّة على موقفها المتعلق بعدم إعطاء القوات الحاملة للسلاح حق المشاركة في الانتخابات المحلية والجهوية، وإرجائها للانتخابات القادمة، لعدة اعتبارات، أهمها "معارضة القيادات الأمنية والعسكرية لذلك، ورفضها إقحام القوة المسلحة في اللعبة السياسية"

في المقابل، يبرر المدافعون عن مشاركة باقي حَمَلَة السلاح بأن "حق التصويت يمثل تعبيرا عن المواطنة، يمكن أن تحظى به القوات المدنية الحاملة للسلاح (الأمن)"، فيما تختلف المواقف حول مشاركة العسكريين. 

وفي هذا السياق، أفاد عضو الكتلة والمكتب التنفيذي لـ"النهضة"، بدر الدين عبد الكافي، "العربي الجديد"، بأن المكتب التنفيذي للحزب، الذي عقد اجتماعا لبحث المسألة، عبر عن قلقه من تأخير الانتخابات، وتعهد بأن يقوم بالمشاورات مع حكومة الوحدة الوطنية والأحزاب الداعمة لها، للوصول إلى مقترح توافقي. 


ولفت في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "بقية أحزاب الائتلاف الحاكم هي التي نقضت اتفاقاتها في أكثر من مناسبة، كان أولها في يونيو/حزيران الماضي، حينما تم الاتفاق على تمكين الأمنيين من حق المشاركة في الانتخابات المحلية خلال الدورة النيابية المقبلة، لا الدورة الحالية. ثم اتفاقها الأخير على الصيغة المقدمة من وزير التنمية المحلية والبيئة، والتي تراجعت عن التصويت عليها في الجلسة العامة للثلاثاء الماضي، لأنها مخالفة لتوقعاتها، رغم أن النهضة تعهدت بالتصويت لصالح المشروع برمته، وتمريره بغض النظر عن مآل الفصل 6 الذي تتوفر نظرياً الأغلبية لدى الطرف المقابل لتمريره، لكنه أحجم عن ذلك قبل التصويت بلحظات"

وأضاف المتحدث ذاته أن قيادة "النهضة" انطلقت في مشاورات متعدددة، سيتم عرضها خلال اجتماع الشورى نهاية هذا الأسبوع. 

أما من خارج الائتلاف الحاكم، فإن المعارضة أبدت استغرابها مما اعتبرته "مهزلة البحث عن توافق"، حيث قال رئيس كتلة "الجبهة الشعبية"، أحمد الصديق، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع لم يعد يتحمل أي تأخير في المصادقة على المشروع، وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم بالتصويت عليه بما يراه كل طرف مناسبا له دون التعلل بالتوافق". وأشار إلى أن "الخلاف ظل محصورا بين النهضة وبقية الكتل، وأن الصيغة المقدمة من الوزير سمحت بتمرير القانون حتى بسقوط الفصل 6، وهو ما ينفي أي عذر لأي طرف في عدم المصادقة عليه، فالأمر يتعلق بمسؤولية تاريخية في استكمال البناء الديمقراطي".