تظاهرات ضخمة في العاصمة الجزائرية وسط احتكاك مع الشرطة

تظاهرات ضخمة في العاصمة الجزائرية وسط احتكاك مع الشرطة

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
12 ابريل 2019
+ الخط -
احتشد الآلاف من المتظاهرين وسط العاصمة الجزائرية في الجمعة الثامنة للحراك الشعبي، رافعين شعارات تطالب برحيل رموز النظام، رغم محاولة السلطات منع وصول المتظاهرين القادمين من الولايات والمدن القريبة من العاصمة الجزائرية.

وتواصلت التظاهرات الشعبية في المدن والعاصمة الجزائرية، لليوم الـ49 منذ اندلاع الحراك في 22 فبراير/ شباط الماضي، وغصّت ساحة البريد المركزي وساحة أودان مبكراً بالمتظاهرين، الذين زاد توافدهم قبيل صلاة الجمعة على الساحات، قادمين من المناطق والأحياء القريبة وضواحي العاصمة الجزائرية.

وعلّقت في ساحة أودان لافتة عملاقة، تؤكد عدم تراجع الحراك الشعبي والمتظاهرين عن مطالبهم المركزية المتعلقة برحيل مجموع رموز النظام السابق، وخاصة رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، كما علّق بيان كتب على قطعة قماش كبيرة، تضمّن عبارة مركزية "الشعب يريد رفع اليد عن مُلكه"، ومطالب سياسية لمحاسبة الفاسدين.  

وتجمع عدد كبير من المتظاهرين والناشطين قرب مقر حزب التجمع، من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض في أول شارع ديدوش مراد، يهتفون بشعارات تطالب بالحرية والديمقراطية ورفض استمرار رموز النظام في الحكم.

وعلّقت قرب المقر لافتات عملاقة بها صور كبار الرموز الثورية من شهداء ثورة التحرير، وصور وشعارات مناوئة لبعض قادة أحزاب السلطة، كرئيس حزب تجمع أمل الجزائر عمار غول، الذي علقت بشأنه لافتة تقول "قريباً سيأتيك خبر عاجل من الشعب"، رداً على تصريحات مستفزة الثلاثاء الماضي ساند فيها الدعوة إلى إجراء سريع للانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو/ تموز المقبل.

ورفع متظاهرون تجمعوا أمام مقر حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يقوده رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، شعارات مناوئة للحزب، وحملوه وجبهة التحرير الوطني مسؤولية قيادة البلاد إلى الكارثة الاقتصادية والاجتماعية والأزمة السياسية الحالية، وإشاعة بيئة مساعدة على الفساد المالي، ونهب مقدرات الشعب والبلاد. وطالب المتظاهرون بحلّ الحزبين، ومنعها من النشاط السياسي. 

وقال الناشط السياسي محمد أزقي فراد لـ"العربي الجديد"، إن "استمرار رموز الحزبين في النشاط والظهور على الساحة وإطلاق تصريحات، هو جزء من استفزاز عام موجه ضد الشعب"، مضيفاً أن "قادة الحزبين ورموز السلطة كرئيس الدولة، الذي هو أمين عام سابق للتجمع الوطني الديمقراطي، ورئيس الحكومة الذي ساعد في جمع ستة ملايين استمارة مزوّرة لصالح ترشيح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، ما زالوا يعتقدون أن الحراك مجرد فسحة شعبية ستنتهي. لديهم أمل في البقاء في السلطة برغم كل التخريب الذي سببوه للشعب والبلاد، والفرص التي فوتوها على الجزائر لتحقيق اقتلاع حقيقي".

وبرغم بعض المخاوف من وجود تشدد أمني، في الجمعة الثامنة، أصرّت عائلات بأكملها على المشاركة في المسيرات، رفضاً لبقاء رموز النظام ولعدم تحقق المطالب الشعبية المرفوعة. 

وقال حمدي سفيان، الذي يقطن في حي بلكور الشعبي وسط العاصمة الجزائرية، لـ"العربي الجديد"، إنه "سمعنا أمس كثيراً من الشائعات عن وجود تشدد أمني، لكن ذلك لم يخفنا، وهو مجرد محاولة لإخافة الجزائريين. الشعب تحرر من الخوف، وعلى السلطة أن تدرك ذلك"، وأضاف: "بنتاي تصرّان كل جمعة على الخروج إلى التظاهرات، لاحظت أنه في كل ليلة تسبق المسيرات تحضران الأعلام الوطنية ومعدّات التظاهر، وتنتظرانني صباحاً للخروج إلى الشارع".

ولوحظ منذ الليلة الماضية وجود تعزيزات أمنية كانت تسيّج وسط العاصمة، قبل أن تقرر السلطات سحب قوات الشرطة إلى شارع محمد الخامس المقابل لساحة أودان، لإفساح المجال للمتظاهرين، لكنها عادت بعد ذلك إلى وضع شاحنات نقل الشرطة ومدرعات في قلب شارع ديدوش مراد، وبالقرب من ساحة أودان، في خطوة وصفها الناشطون والمتظاهرون بـ"الحركة المستفزة"، وأدى ذلك إلى احتكاك بين المتظاهرين وقوات الشرطة، التي أطلقت بخاخات الغاز وخراطيم المياه لإبعاد المتظاهرين الذين حاصروا سيارات الشرطة.

وطالب المتظاهرون عناصر الشرطة بالانضمام إلى الحراك الشعبي، وعدم تطبيق أوامر يعتقد أنها صدرت للتشدد مع المتظاهرين بخلاف الجُمَع السبع الماضية، التي لم تشهد احتكاكاً بين الشرطة والمتظاهرين.  

وفي السياق، نجحت السلطات الجزائرية في الحدّ من تدفق المتظاهرين على العاصمة الجزائرية، بفعل سلسلة حواجز نصبتها عند مداخل العاصمة، حيث عطلت حركة السير ورفضت السماح بالمرور لعشرات الحافلات التي تقلّ متظاهرين قادمين من ولايات تيزي وزو وبجاية والبويرة شرقي الجزائر، والبليدة وعين الدفلى والشلف غربي الجزائر والمدية جنوبي العاصمة الجزائرية، وهي كلها ولايات قريبة من العاصمة الجزائرية.


وقال الناشط والإعلامي محمد ايوانغان لـ"العربي الجديد"، إنه من الواضح أن السلطة لديها مخاوف جدّية في مسيرات الجمعة الثامنة، ولذلك شددت مراقبة المنافذ إلى العاصمة الجزائرية: "أعتقد أن هناك ارتباكاً لافتاً في القرار الأمني، وهو متصل بارتباط في القرار السياسي، عندما تقدم السلطات على نشر قوات أمن وسط العاصمة ثم سحبها، ثم إعادة نشرها، وأيضاً هناك محاولة لاستدراج الحراك الشعبي إلى لحظة مواجهة، لكني أعتقد أن المتظاهرين متفطنون لذلك، ويرفضون الدخول في مواجهة مع الشرطة"، موضحاً أن "هناك سوء تقدير للأمر من قبل السلطة، لأنه ليس من مصلحة السلطة استفزاز المتظاهرين، لأن من الصعب التحكم في آثار ذلك لاحقاً".

وفي السياق، قامت السلطات الجزائرية بتعطيل كامل للنقل، بالقطارات التي تربط العاصمة الجزائرية بالضواحي والمدن القريبة، وأوقفت خدمة ميترو الأنفاق المؤدي إلى وسط العاصمة، وكذا خطوط الترامواي الذي يربط الضاحية الشرقية بوسطها، لكن العشرات من المتظاهرين تنقلوا من الضواحي مشياً على الأقدام.

ويتوقع أن يزداد تدفق المتظاهرين بعد نهاية صلاة الجمعة، ووصول موجات جديدة من المتظاهرين إلى العاصمة.​

ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.