3 مكاسب لـ"الوفاق" الليبية من وراء الاتفاق مع تركيا

3 مكاسب لحكومة "الوفاق" الليبية من وراء الاتفاق مع تركيا

05 ديسمبر 2019
جنت حكومة فايز السراج مكاسب من وراء الاتفاق(لي فوغل/Getty)
+ الخط -
في وقت يستعر فيه الخلاف الدولي بشأن الاتفاق الأمني والبحري بين حكومة "الوفاق" الليبية والحكومة التركية، تلتزم "الوفاق" الصمت حيال ذلك، في وقت تراجع فيه اهتمام الرأي العام بالخلاف الأميركي الروسي وإمكانية تأثيره بالجهود الدولية في مؤتمر برلين المرتقب، والرامية للتوصل إلى حل سياسي، بل تلاشى الحديث عن الدور الألماني، في ظل انجرار الملف الليبي إلى ساحة الخلافات الإقليمية بعيداً عن ساحة الحرب، ليطرح سؤال بشأن المكاسب التي جنتها حكومة فايز السراج من وراء الاتفاق.

وسبّب الاتفاق الأمني البحري الموقّع بين رئيس حكومة "الوفاق" والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء الماضي، بعض الخلافات الإقليمية مجدداً، وإحياء التحالفات القديمة، أبرزها الخلاف التركي الفرنسي، والتحالف المصري السعودي الإماراتي. 

ويبدو أنّ صمت حكومة "الوفاق" عن تفاصيل مذكرة الاتفاق لن يصمد طويلاً. فبعد الضغوط اليونانية على الحكومة بضرورة الإفصاح عن تفاصيل الاتفاق، طلب الاتحاد الأوروبي، في بيان له أمس الأربعاء، كلاً من تركيا وليبيا ضرورة إطلاعه على مضمون الاتفاق المتعلق بترسيم حدود مناطق النفوذ في البحر الأبيض المتوسط، مقابل إصرار الحكومة على أحقيتها في توقيع مذكرات تفاهم مع أي دولة، ودعم المجلس الأعلى للدولة لها، الذي أكد أنّ الاتفاق "يحمي مصالح الدولة الليبية ويعزز حدودها البحرية وأمنها".

ورغم أنّ الاتفاق يتطلب تصديق برلمانَي تركيا وليبيا، إلا أنّ حكومة "الوفاق" من جانبها لا تزال تلزم الصمت حيال الرفض الكامل من قبل مجلس النواب في طبرق، في وقت تعاملت فيه مع مساعي رئيس المجلس عقيلة صالح، لسحب الشرعية الدولية عنها، بعد خطابين وجههما إلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، طالبهما بـ"إصدار قرار لسحب الاعتراف بحكومة الوفاق".

وقال مكتب الإعلام بوزارة الخارجية إنّ الوزير محمد سيالة، بحث، أمس الأربعاء، مع نظيريه الأردني والكويتي "محاولات بعض الدول للمساس بشرعية حكومة الوفاق"، وقبلها بيومين أجرى سيالة اتصالين في ذات الشأن مع نظيريه الجزائري والمغربي.

انشغال الدول لمؤيدة لحفتر عن دعمه

وقال الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق إنّ "الحكومة تمكنت من تحييد الخلافات الدولية وحدة تدخلها في الصراع القائم، ونقل معركة الخلافات إلى ساحة المتوسط، حيث تبدو فرنسا ومصر، أكبر حلفاء خليفة حفتر، منشغلتين تماماً بمنازعة تركيا في حدودها المائية".

واعتبر البرق، في حديثه لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "هذا الانشغال من شأنه أن يقلل الدعم المباشر من قبل الدولتين للجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وسيكون دخول تركيا على الخط مؤثراً في تقليل دعمهما السياسي"، مؤكداً أنّ "الحديث الإعلامي لدى الكثير من الدول الداعمة لحفتر عن معركة طرابلس تراجع كثيراً لمصلحة الحديث عن الأزمة التي فجرها الاتفاق في شقه البحري".

ورأى المتحدث ذاته أنّ ما جرى يمكن قراءته من جانبين: أولهما أنّ "الاتفاق ضربة حظ، ولم يكن قادة الحكومة يعتقدون أن تصل تداعيات الاتفاق إلى هذا الحد"، والثاني أنّ "الخطوة جاءت وفق تعليمات أو رأي من دولة كبرى ترى مصلحتها في نشوب هذا النزاع في منطقة المتوسط، كالولايات المتحدة الأميركية".


وتجلّى الانزعاج الفرنسي في عدة محطات، إذ تراجعت باريس عن قرار تسليم خفر السواحل الليبي التابع لحكومة "الوفاق" ستة قوارب، مساهمة منها في مكافحة الهجرة غير القانونية، كذلك فإنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صعّد، في كلمته خلال قمة حلف شمال الأطلسي بلندن، من لهجة خطابه باتهام تركيا بـ"العمل مع وكلاء تنظيم داعش" خلال تشديده على ضرورة توضيح تفاصيل الاتفاق التركي الليبي، بشأن ترسيم الحدود البحرية في المتوسط، وهو ما حدا الرئيس التركي إلى التأكيد أنّ الاتفاق مع ليبيا "قد يشكل إزعاجاً حقيقياً لفرنسا، لكننا نؤكد أن الاتفاق المبرم حق سيادي لتركيا وليبيا، ولن نناقش هذا الحق مع أحد".

الاستفادة من التوتر الأميركي الفرنسي

ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية خليفة الحداد، أنّ "الحكومة تسعى إلى الاستفادة من التحالف مع تركيا على وقع العلاقة الأميركية الجديدة التي تشير إلى تقاربها مع تركيا، وتوتر علاقتها مع فرنسا".

وقال الحداد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "دبلوماسية حكومة الوفاق أدركت أنّ واشنطن لا يمكن أن تنخرط في الملف الليبي مباشرةً، إذ لا مصلحة لها في ذلك، وبالتالي إنّ دخولها من البوابة التركية مكّنها من تحقيق مكاسب كبيرة، إذ نالت كما يبدو ود واشنطن، فضلاً عن تغيّر المشهد في علاقتها ببعض دول المتوسط، إذ ستؤثر ذلك على دعم تلك الدول لحفتر".

ولفت المتحدث ذاته إلى أن مجريات المعركة جنوب طرابلس، تشير إلى تراجع قوة حفتر بشكل كبير، ما يعني تراجع الدعم.

تراجع روسي

وفي السياق، قال الحداد إنّه "ربما هناك تراجع روسي أيضاً، لكن المؤكد أنّ القاهرة وحلفاءها في الخليج، وتحديداً الإمارات والسعودية، منشغلة تماماً بآثار الاتفاق وتداعياته في شقه البحري، وهي في حالة التفات كامل عمّا يجري جنوب طرابلس".

وأكد الحداد أنّ "حدة الخلافات الأميركية الروسية تلاشت وسط الاهتمام بتداعيات الاتفاق في شقه البحري"، لكنه حذر من "إمكانية رجوع تلك الدول إلى دعم حفتر مجدداً، وبقوة أكبر، في حربه على طرابلس، بهدف الاستيلاء على العاصمة، وبالتالي إنهاء وجود حكومة الوفاق التي تمثل الطرف الرئيسي الثاني في الاتفاق الذي يجري حوله كل هذا الجدل".