الحريري "متفائل": محاولة جديدة لتأليف الحكومة في لبنان

الحريري "متفائل": محاولة جديدة لتأليف الحكومة في لبنان

03 أكتوبر 2018
توافق تام على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة (الأناضول)
+ الخط -


على عكس المرة الأولى التي دخل فيها رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، سعد الحريري، إلى قصر الرئاسة في بعبدا، وخرج بعد لقاء رئيس الجمهورية، ميشال عون، متجهم الوجه، دخل الحريري للمرة الثانية منذ تكليفه بتأليف الحكومة وخرج بعلامات تفاؤل على وجهه وفي حديثه، رصدها من كان حاضراً في القصر.

من دون أن يحمل معه لائحة بأسماء حكومية، دخل الحريري والتقى عون على مدار نحو ساعة تخللتها، بحسب مصادر مطلعة، جولة في أفق الأوضاع الاقتصادية والأمنية، وكانت نتيجتها التوافق التام على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة، فقدم الحريري تصوره الثاني، وكما دخل متفائلاً خرج متفائلاً على الرغم من أن الولادة الحكومية لا تزال تنتظر مزيداً من المشاورات.



وعلم "العربي الجديد" أن الحريري قدم أفكاراً لا تخرج عن سياق ما قدمه في المرة الأولى، وهي بمثابة تعديلات طفيفة على تصوره الأول، ويمكن أن تشكل حلاً للأزمة، وذلك استناداً إلى مشاورات ولقاءات واتصالات خاضها على مدار الأيام الماضية، وتحديداً منذ ما قبل سفر عون إلى نيويورك لتمثيل لبنان في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

وبعد اللقاء اكتفى الحريري بالإشارة إلى أنه "متفائل"، وإلى أنه اتفق مع عون على "وجوب الإسراع في تشكيل الحكومة بسبب الوضع الاقتصادي، والأجواء إيجابية، وسيكون هناك لقاء ثان قريبًا".

اتصالات مكثفة حصلت في الأيام الأخيرة؛ أولاً بعد الجلسة التشريعية، بناءً على المعطيات الاقتصادية وإقرار جملة من القوانين المتعلقة بمؤتمر "سيدر" لدعم لبنان اقتصادياً، وسط مخاوف جدية من تدهور الوضع في حال لم يتم الدفع قدماً من أجل الحصول على الأموال المرصودة في المؤتمر، وذلك لا يمكن أن يحصل في ظل الفراغ الحكومي. وثانياً بعد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من الأمم المتحدة، الذي تضمن تهديداً واضحاً باستهداف "حزب الله" ولبنان، بعد أن اتهم الحزب بتخزين أسلحة في مواقع الى جانب مطار رفيق الحريري الدولي، ما فرض تواصلاً مباشراً بين الأركان السياسية التي أجمعت على خطورة وجدية التهديدات، وتالياً ضرورة الرد عليها، عبر إخراجٍ تولى وزير الخارجية جبران باسيل تنفيذه.


وأشارت مصادر سياسية متابعة عبر "العربي الجديد" إلى أن هذه الاتصالات فتحت ثغرة في الجدار الحكومي الموصد منذ أشهر، خصوصاً أن الجميع لا يخفي دقة وخطورة الوضع، اقتصادياً، وسياسياً وأمنياً أيضاً، بالتزامن مع العقوبات الأميركية ضد إيران، والمخاوف من انعكاسها على لبنان بطريقة أو بأخرى، نتيجة الترابط اللبناني – الإيراني عبر "حزب الله".

وتلفت المصادر إلى أن طرح عون بتأليف حكومة أكثرية في حال لم تفلح محاولات تأليف حكومة وحدة وطنية، أدى الى فتح خطوط التواصل مباشرة بين بعبدا – وبيت الوسط. وعلى الرغم من سقوط الاقتراح، إلا أن الحريري، ومنذ اللقاءات الأخيرة مع الحزب التقدمي الاشتراكي و"القوات اللبنانية" قبل سفر عون إلى نيويورك، كان يحاول العمل على أكثر من تصور يشكل، بحسب المصادر، تأميناً لأرضية جيدة يمكن البناء عليها، خاصة في الحصص الحكومية، ونوعية الوزارات التي يمكن أن تمنح لكل طرف، من دون أن تؤدي إلى استفزاز أحد، أو اعتبار أنه "مغبون".

وعلم موقع "العربي الجديد" أن الحصص في الحكومة، وفق تصور الحريري، باتت أمراً شبه محسوم ومتفقاً عليه، على أن تكون حصة "التيار الوطني الحر" ورئاسة الجمهورية 10 مقاعد وزارية، مقابل 6 مقاعد لتيار "المستقبل"، و4 لـ"القوات اللبنانية"، و6 للثنائي الشيعي أي حركة "أمل" و"حزب الله".

وتلفت المصادر إلى أن العقدة المسيحية، هي التي لا تزال تؤخر التأليف، خصوصاً أن العرض الحالي المقدم هو أن تنال "القوات" 4 وزارات، من بينها نيابة رئاسة الحكومة، ووزارة دولة، إضافة الى حقيبتين. وتشير المصادر الى أن النقاش الحالي يدور حول ماهية الحقيبتين، خصوصاً أن ما طرح على "القوات" من حقائب ليس من بينها أي حقيبة "دسمة" وفق التعبير اللبناني.

وإضافة إلى انتظار رد "القوات"، فإن طبيعة الحقائب لا تزال مدار بحث بين أكثر من طرف، خصوصاً مع تيار "المردة" الذي كان يطالب بوزارة الأشغال، فيما "التيار الوطني الحر" يطالب بها أيضاً، وسط محاولة بحث عن مخارج تساعد في حلحلة هذه العقدة، بعد أن تراجعت العقدة الدرزية نتيجة المرونة التي أبداها جنبلاط، مشيراً إلى إمكانية القبول بوزير ثالث مقرب منه وليس محسوباً مباشرة على حزبه، وكذلك عقدة تمثيل سنة "8 آذار"، بعد أن بات محسوماً أن مقعداً وزارياً سنياً سيكون من حصة رئيس الجمهورية، مقابل وزير ماروني من حصة تيار "المستقبل".

عموماً، تركت زيارة الحريري أجواء إيجابية، خصوصاً أنه سبقها موقف لرئيس مجلس النواب نبيه بري أكد فيه أن "هناك بصيص أمل"، وسبقتها أيضاً حلحلة سياسية في العراق دفعت البعض الى توقع أن يقابل هذه الحلحلة حلحلة في لبنان، بما أن الترابط والتشابه والتداخلات الخارجية كلها عوامل متطابقة بين لبنان والعراق. لكن عادة ما تنتظر الاستحقاقات الدستورية في لبنان ربع الساعة الأخير، حتى لو كان التوافق كاملاً، ودائماً ما تحضر المفاجآت، ما يتطلب دوماً إبقاء باب جميع الاحتمالات مفتوحاً، وهو ما تؤكده المصادر بإشارتها الى أن الأجواء ايجابية لكن لا شيء يبدو محسوماً، بانتظار إطلالة الحريري التلفزيونية غداً، وإطلالة باسيل يوم الجمعة المقبل.