مقاومة عرجاء

مقاومة عرجاء

13 أكتوبر 2015
لن تكتمل الانتفاضة ما لم يتغير الوقع الفلسطيني(نضال آشتيه/الأناضول)
+ الخط -
من دون الخوض في جدل توصيف ما تشهده الأراضي الفلسطينية من مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وإذا ما كان مجرد حراك شعبي عفوي أو أنها هبّة احتجاجية قد تتطور إلى انتفاضة شاملة، فالأكيد أن هذه الهبّة أو الانتفاضة ستُحرك المياه الراكدة منذ سنوات في بئر الصراع العربي الإسرائيلي الذي استقر في قاعه احتلال شرس وغاصب، في حين طفت على وجهه سلطة فلسطينية بلا سلطة. دماء الشهداء الذين ارتقوا في الأيام الماضية، قد تكون الحجر الذي يرميه الشعب الفلسطيني لتحريك المياه الراكدة، على طريق رفع الاحتلال الموغل في الدم الفلسطيني ضارباً بعرض الحائط كل المبادرات السلمية، غير قانع بكل التنازلات التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية، وماضياً في سياسات الاستيطان والتهويد والتنكيل وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية بالحواجز والجدران والحصار.

لكن من الموضوعي الاعتراف أيضاً، بأن دماء الشهداء لن تحقق طموحات الشعب الفلسطيني بالتحرر وبناء الدولة ما لم يُحدث الحجر الذي ترميه في المياه الراكدة هزة في الساحة الفلسطينية الداخلية المُثخنة بجراح الانقسام والفساد والترهل أو التكلس في كل المؤسسات السياسية التي لم تَعد تُعبر بأي شكل من الأشكال عن تطلعات الشعب الفلسطيني وطموحاته.
صحيح أن العدو الأول للفلسطيني هو الاحتلال الإسرائيلي، وصحيح أن كل مقاومة يجب أن تكون ضد الاحتلال ومستوطنيه، غير أن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي لا تقل أهمية. والحقيقة المُرّة التي لا بد من مواجهتها، أن كل مقاومة فلسطينية ستظل عرجاء وهي تتكئ على انقسام بين شطري الوطن، وتتنازعها أجندات فصائلية قاصرة وموتورة، وتحصد نتائجها نخبة سياسية انتهازية لم تقدم للشعب الفلسطيني إلا الخيبات المتتالية.

لن تكتمل الانتفاضة في وجه الاحتلال، ما لم يتغير وجه الواقع الفلسطيني الداخلي، وبموازاة كل حجر يُرمى في وجه عساكر الاحتلال، يُرفع حجر في بناء البيت الفلسطيني على أسس الوحدة الوطنية وبقيادة وطنية موحدة تعبر عن الإرادة الفلسطينية، وتقود الانتفاضة تحت سقف قرار وطني مستقل، وما دون ذلك سيكون مجرد تبرع مجاني بالدم، لن يستفيد منه إلا الاحتلال وغلاة المفاوضين، الذين عادوا لاحتلال شاشات القنوات الفضائية، وتلويث الهواء بخطاب خائب وخاوٍ، بينما دماء الشباب تطرق أبواب الحرية في شوارع القدس والمثلث والجليل والضفة الغربية، وخلف الحصار في قطاع غزة.