ارتياح إسرائيلي لإجراءات عباس لمنع هبة مسلحة

ارتياح إسرائيلي لإجراءات عباس لمنع هبة مسلحة

14 مايو 2017
تحاول السلطة منع الاحتكاك بين المتظاهرين والاحتلال (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

بخلاف الحملة الممنهجة التي يشنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ووزراؤه، فإن المستويات الأمنية والنخب الإعلامية في تل أبيب تكيل المديح للجهود التي تقوم بها السلطة الفلسطينية لتأمين العمق الإسرائيلي، وتقر بالدور الحاسم الذي تؤديه في تقليص فرص اندلاع هبة مسلحة ضد إسرائيل.

ويتبين من التقارير الإعلامية الإسرائيلية، أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة تتعاون مع الجيش الإسرائيلي في تصفية مركبات البيئة التي يمكن أن تساعد على تفجير هذه الهبة. ويتضح من تقرير نشره موقع "والاه" الإخباري، أمس السبت، واستند إلى مصادر أمنية إسرائيلية وفلسطينية، أن أجهزة السلطة الأمنية تقوم حالياً بحملة واسعة في أرجاء الضفة الغربية لتحقيق ثلاثة أهداف: جمع السلاح من كل الأشخاص الذين لا يعملون في الأجهزة الأمنية، بغض النظر عن انتمائهم التنظيمي، عبر شن عمليات مداهمة واسعة للبيوت، إلى جانب شن عمليات اعتقال واسعة ضد نشطاء حركة "حماس"، والقيام بإجراءات أمنية تحول دون حدوث احتكاكات بين الشباب الفلسطيني وقوات الاحتلال، خصوصاً أثناء الاحتجاجات الجماهيرية الفلسطينية المساندة لإضراب الأسرى والمناوئة للأنشطة الاستيطانية.

وفي تقرير بعنوان "السلطة صادرت المئات من قطع السلاح في الضفة"، أشار معلق الشؤون العربية في "والاه"، آفي سيخاروف، إلى أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة قامت بتقسيم الضفة إلى مناطق، وتم استهداف كل منطقة بحملة خاصة هدفت إلى جمع السلاح. وأشار إلى أنه حسب المعلومات المتوفرة لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فقد تمكنت أجهزة السلطة من جمع كمية كبيرة من السلاح، خصوصاً من الأسلحة التي يتم تصنيعها محلياً، وعلى وجه الخصوص رشاش "الكارلو"، وهو السلاح الذي استخدم في تنفيذ معظم عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية.

وحسب المعطيات، التي يوردها سيخاروف وأثارت ارتياح الأمن الإسرائيلي، فإن حملات الاعتقال التي تشنها الأجهزة الأمنية، والتي تستهدف أشخاصاً تدور شكوك حول نواياهم بتنفيذ عمليات، لا تطاول المنتمين إلى حركة "حماس" فقط، وإن كانوا هم الغالبية، بل تستهدف أيضاً عناصر ينتمون إلى أطر تنظيمية أخرى. وحسب سيخاروف، فإن ما يدلل على الجدية التي تتسم بها إجراءات السلطة الفلسطينية، حقيقة نجاح أجهزتها الأمنية في إحباط العديد من العمليات التي كان من المفترض أن تضرب أهدافاً إسرائيلية داخل الضفة الغربية، وفي عمق الخط الأخضر. وأشار إلى أن أجهزة السلطة تمكنت من تفريق تظاهرات جماهيرية نظمها الشباب الفلسطيني للاحتجاج على الاحتلال، ومنعها من الوصول إلى نقاط احتكاك مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في أرجاء الضفة. ووفق المعلومات التي بحوزة إسرائيل، والتي يستند إليها سيخاروف، فإن رئيس حكومة السلطة، رامي الحمد الله، يشرف شخصياً على تنفيذ الحملة الأمنية، بناء على قرار واضح بالعمل على منع تفجر الأوضاع الأمنية في الضفة. لكن سيخاروف يشرح، في مقال آخر نشره "والاه"، أول من أمس، أن أهم الدوافع وراء زيادة السلطة إجراءاتها الأمنية لمنع انفجار الأوضاع، والحملة الكبيرة ضد حركة "حماس" في قطاع غزة، ومؤشرات انفصال السلطة عن قطاع غزة، تأتي في إطار توجه رئيس السلطة، محمود عباس، لاسترضاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقطع الطريق أمام نتنياهو لاستغلال العلاقة مع الإدارة الجديدة في واشنطن لمحاصرة السلطة. وتحت عنوان "أبو مازن موديل 2017: ينفصل عن غزة ويهاجم حماس ومرغوب في البيت الأبيض"، أشار سيخاروف إلى أن وسائل الإعلام التابعة للسلطة، أو تلك التي تديرها حركة "فتح"، باتت تبدي حساسية كبيرة إزاء أي مظهر يمكن أن يفسر على أنه تحريض ضد إسرائيل.

إلى ذلك، ينقل المعلق السياسي في صحيفة "معاريف"، بن كاسبيت، عن محافل في الإدارة الأميركية قولها إنه تبين من خلال اللقاء الذي جمع ترامب برئيس السلطة، واللقاءات التي يجريها المبعوث الأميركي، جيسون غرينبلات، مع كبار مسؤولي السلطة، أن عباس "جاهز لتحقيق تسوية سياسية للصراع". وفي مقال نشره موقع الصحيفة أمس، أشار كاسبيت إلى أن عباس يعمل وفق توجيهات الملياردير اليهودي الأميركي، رون لاودر، الأكثر تأثيراً على ترامب، وهذا ما جعله يعلن من دون تردد موافقته على لقاء نتنياهو من دون شروط مسبقة، وضمنها شرطه السابق بوقف الاستيطان والأنشطة التهويدية. من ناحيته، يرى المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن العقوبات التي فرضها عباس على قطاع غزة لا تهدف بالضرورة إلى انفصال القطاع عن السلطة "بل إلى توفير الظروف أمام إمكانية اندلاع انتفاضة جماهيرية ضد حماس في القطاع". ولفت هارئيل، في مقال نشرته الصحيفة، إلى أن الكثير من المسؤولين الإسرائيليين يشاركون أبو مازن الأمل في أن تندلع مثل هذه الانتفاضة، مستدركاً أن التقديرات الإسرائيلية تستبعد حدوث هذا الأمر في النهاية.