حرب عفرين: منطقة آمنة في غضون 3 أسابيع

حرب عفرين: منطقة آمنة في غضون 3 أسابيع

22 يناير 2018
القوات السورية المعارضة بدعم تركي باتجاه عفرين(بولنت كيليتش/فرانس برس)
+ الخط -
حمل اليوم الثاني للعملية العسكرية التي تقودها تركيا باسم "غصن الزيتون" بمشاركة فصائل من الجيش السوري الحرّ، أجوبة عن بعض الأسئلة المتعلقة بأهداف المعركة عسكرياً ومواقف القوى السياسية الأجنبية المعنية بها، فتأكد ما سبق أن كشفته "العربي الجديد" عن أن هدف العملية العسكرية لا يشمل اقتحام مدينة عفرين، بل محاصرتها وإنشاء ما يشبه المنطقة الآمنة. وارتفعت وتيرة المعارك التي يفترض ألا تدوم أكثر من ثلاثة أسابيع في قرى المنطقة، وبدأ المقاتلون الأكراد يردون بقصف مناطق تركية، فقتل ثلاثة أشخاص، هم سوريان ومواطن تركي، وأصيب آخرون، مساء الأحد، بقصف مدفعي، نفّذته الوحدات الكردية على مدينة الريحانية، قرب الحدود السورية، جنوبي تركيا.

وتواكب تركيا حربها باستنفار داخلي وخارجي لإحباط أي اعتراض جدي على المعركة لاحت معالمه خصوصاً في طهران وباريس التي ربما تنقل قضية حرب عفرين إلى مجلس الأمن الدولي، وهو ما ردت عليه أنقرة باعتباره، لو حصل، دعماً لمن تسميهم تركيا بـ"الإرهابيين" البالغ عددهم في منطقة عفرين ما بين 8 و10 آلاف مقاتل. وتقدمت وحدات من الجيش الحر الحليف لتركيا بعض كيلومترات  باتجاه عمق الأراضي السورية، كمرحلة أولى من إنشاء المنطقة الآمنة بعرض 30 كيلومتراً بحسب ما كشفه رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم لدى تحديده الهدف النهائي للحرب. واعتماداً على كلام يلدريم، يظهر أن دخول مدينة عفرين ليس أحد أهداف الجيش التركي، إذ تبعد المدينة عن الحدود الشمالية التركية التي بدأ منها التوغل البري التركي، ما يقارب 52 كيلومتراً، وهي مسافة الطريق الواصل بين قرية شنكال التي بدأ منها التوغل ومروراً بقرية بلبل وناحية المشرفة ووصولا إلى عفرين. إضافة إلى ذلك يوجد الطريق الذي يمر من دير الصوان إلى مدينة عفرين بطول أكثر من 40 كيلومتراً. أما من الجانب الغربي، فيوجد طريقان من الحدود إلى عفرين، الأول الذي يمر بناحية جنديرس ويمتد لحوالي 32 كيلومتراً، والثاني هو طريق راجو الذي يمتد لحوالي 33 كيلومتراً. وما لم يقله يلدريم، أدلى به الرائد ياسر عبد الرحيم، وهو قائد فيلق الشام المشارك الرئيسي في القوات السورية المعارضة في عملية "غصن الزيتون"، الذي قال لوكالة "رويترز" إن مقاتلي الجيش السوري الحر "لا يعتزمون دخول مدينة عفرين ولكن فقط محاصرتها وإرغام وحدات حماية الشعب الكردية على المغادرة، كاشفاً أن نحو 25 ألفاً من قواته يشاركون في العملية العسكرية التركية.


وتسعى أنقرة لحسم سريع مستفيدة من افتقار الوحدات الكردية للغطاء الجوي، وهو ما يظهر في كثافة الغارات والقصف على مواقع في منطقة عفرين، أكان داخل المدينة أو في القرى الكثيرة التي تتضمنها المنطقة التي تزيد مساحتها عن الثلاثة آلاف كيلومتر مربع. وفي السياق، أعلن الجيش التركي تنفيذ 32 طائرة حربية قصفاً لـ45 هدفاً يوم الأحد في إطار عملية "غصن الزيتون". كما ذكر مراسل وكالة "الأناضول" في المنطقة، أن عربات مدرعة تابعة للقوات المسلحة التركية وقوات خاصة وقوات مشاة، تواصل التقدم في منطقة عفرين، وأن القوات المذكورة توغلت بعمق 5 كيلومترات تقريبًا داخل المنطقة، دون وقوع اشتباكات خطيرة أثناء التقدم. وقتل ثلاثة أشخاص، هم سوريان ومواطن تركي، وأصيب آخرون، مساء الأحد، بقصف مدفعي، نفّذته الوحدات الكردية على مدينة الريحانية، قرب الحدود السورية، جنوبي تركيا. في المقابل، تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومتحدث كردي محسوب على حزب الاتحاد الديمقراطي، عن مقتل ثمانية مدنيين في غارات تركية على منطقة عفرين.

وأكد النقيب سعد أبو الحزم القيادي في فصائل الجيش السوري الحر المشاركة في "غصن الزيتون" أن مقاتلي هذه الفصائل دخلوا بالفعل صباح الأحد إلى قرى شمال مدينة عفرين، مشيرا في تصريحات لـ "العربي الجديد" إلى أنه جرى تمهيد بالسلاح الثقيل قبل المعركة البرية.

وقسم يلدريم العملية على أربعة مراحل، تم البدء بالمرحلة الثانية منها، أي بالتدخل البري، بهدف إقامة منطقة آمنة على طول 30 كيلومتراً، موضحاً أنّ القوات التركية، عبرت الحدود من منطقة غول بابا التابعة لولاية كيليس الحدودية، نافياً وقوع أي جريح حتى الآن من الجانب التركي. من جهته، يرى المحلل العسكري السوري العميد أحمد رحال أن الجيش التركي تلافى كل الأخطاء التي وقعت خلال عملية "درع الفرات" ضد تنظيم "داعش" منتصف عام 2016، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنه "من الواضح أن لدى الجيش بنك أهداف واضحا وجاهزا في المناطق التي تسيطر عليها الوحدات الكردية في عفرين وريفها". وأشار رحال إلى أن تدمير الطيران التركي لأكثر من 100 هدف خلال ساعات حقق مبتغاه سريعا فبدأ الاقتحام البري بسرعة، معرباً عن قناعته بأن الجيش التركي يسعى لحسم عسكري سريع.

وتحدث رحال عن معلومات تفيد بأن عملية غصن الزيتون لن تكون مفتوحة زمنياً كما عملية درع الفرات، موضحاً أن أمام الأتراك ثلاثة أسابيع فقط للحسم، "وهذا يتطلب استخداماً مكثفاً للسلاح الجوي والاقتحام من أكثر من محور وهذا ما تم الشروع به يوم الأحد إذ تتم عمليات الاقتحام من الشمال والجنوب". وقال رحال إن الوحدات الكردية ليس لديها مقومات للصمود لأنها "تعتمد على الغطاء الجوي ومن دونه لا تستطيع أن تتقدم، وهي لا تملك هذا الغطاء من الروس أو التحالف الدولي". وأعرب عن اعتقاده بقدرة الجيش التركي وفصائل المعارضة على حسم المعركة والقضاء على الوحدات الكردية في غربي نهر الفرات، مضيفاً: "هناك احتمال تدخل أميركي لنقل مسلحي الوحدات الكردية إلى شرقي نهر الفرات".

في غضون ذلك، كشف رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني السوري أحمد رمضان ما قال إنها تفاصيل للمفاوضات حول معركة عفرين، بين الروس والأتراك، مشيراً إلى أن "التفاهم بين روسيا وتركيا حول معركة غصن الزيتون حُسم يوم الجمعة في 19 يناير/كانون الثاني الجاري". وأضاف رمضان، في سلسلة تغريداتٍ له على حسابه بموقع "تويتر"، أن "موسكو أبلغت قيادة حزب العمال الكردستاني رفع الغطاء عنه في تلك المواجهة، وإخلاء نقاط المراقبة الروسية"، لافتاً إلى أن "مصادر عسكرية توقعت انسحاب عناصر العمال الكردستاني من عفرين دون قتال فعلي". من جهته، كشف مسؤول التفاوض السابق مع الوحدات الكردية المعارض السوري ياسر الحجي، عن تفاصيل غير معلنة للمفاوضات حول عفرين، مشيراً في منشورٍ له على صفحته بموقع "فيسبوك" إلى أنه "تم الاتفاق على انسحاب المقاتلين من القرى الـ14 التي احتلتها الوحدات الكردية بعدما دمرها الطيران الروسي وتبييض السجون"، لكن "بعد ذلك، بدأت المماطلة (من جانب الوحدات الكردية) وانتهت بدون نتيجة". وتابع الحجي: حاولنا بكل جهدنا فعلاً الوصول إلى حل ولكنهم رفضوا معتمدين على دعم روسيا لهم، وها هم يدفعون الثمن وتتخلى عنهم روسيا".

وفي السياق، توقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمام انصاره في محافظة بورصة إنهاء الهجوم العسكري "في وقت قريب جداً"، متعهداً "القضاء على حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية بحيث لا يتبقى منهم أحد". كما حذر أردوغان أكراد تركيا من الخروج إلى الشوارع والتظاهر احتجاجا على العملية العسكرية. وقال إن "الذين يصغون إلى دعوات حزب كردي إلى التظاهر سوف يدفعون ثمناً باهظاً".
سياسياً، ردّ وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو على التهديد الفرنسي بنقل ملف حرب عفرين إلى مجلس الأمن، قائلاً إنه لو حصل ذلك "فيعني أن فرنسا تقف إلى جانب الإرهاب". وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان قد طالب أمس الأحد بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن بشأن سورية في أعقاب التوغل التركي. وأكثر ما كان لافتاً أمس، هو الموقف الأميركي  الداعي أنقرة إلى "ضبط النفس" في سورية وإبقاء عمليتها "محدودة"، في مقابل رفض إيراني للمعركة ودعوة لوقفها "فوراً" على حد تعبير المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، في مقابل رفض إيراني للمعركة ودعوة لوقفها "فوراً" على حد تعبير المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي. 

وقد ندد رئيس النظام السوري بشار الأسد بالهجوم التركي، معتبراً إياه امتداداً لسياسة أنقرة في دعم "التنظيمات الإرهابية" وفق قوله، خلال استقباله وفداً إيرانياً، في دمشق. كلام تلى نشر وكالة "الأناضول" التركية شبه الحكومية تقريراً قالت فيه إن النظام السوري "فتح الطريق أمام عناصر تنظيم الاتحاد الديمقراطي من حي الشيخ مقصود عبر بلدتي نبل والزهراء في مدينة حلب للتوجه إلى مدينة عفرين". وكان رئيس الوزراء التركي قد أكد تواصل تركيا مع النظام السوري عبر روسيا، مشيراً إلى أن لدى أنقرة "توافقاً مع موسكو في جميع المواضيع".