شهيّة الهند للسلاح تضمن ازدهار الصناعات العسكريّة الإسرائيليّة

شهيّة الهند للسلاح تضمن ازدهار الصناعات العسكريّة الإسرائيليّة

22 ديسمبر 2014
الهند دولة مركزية في استيراد السلاح الإسرائيلي (فرانس برس)
+ الخط -

شكّلت الرسالة الجوابية التي بعث به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رداً على رسالة التهنئة غير المسبوقة التي أرسلها رئيس الوزراء الهندي، نيردندا مودي، لإسرائيل و"الشعب اليهودي" لمناسبة حلول عيد "هحانوكاه" (الأنوار)، فرصة لبعض الصحافيين الإسرائيليين للتندّر في تغريدات على حساباتهم على موقع "تويتر"، بعدما اختار نتنياهو أن يرد على الرسالة باللغة الهندوسية، تماماً كما أرسل مودي رسالته باللغة العبرية.

وبمعزل عن الجانب الرمزي لهذه المجاملات، فإن التوقعات بأن يفضي فوز حزب "بهراتا جناتا"، اليميني المتطرف، في الانتخابات الهندية، إلى تعزيز العلاقات مع إسرائيل، قد تحققت بوتيرة أسرع ممّا كان متوقّعاً، لدرجة أن التطور السريع في هذه العلاقات بات يهدد مصالح دولة حليفة للطرفين، وهي الولايات المتحدة.

فعلى الرغم من تعبير الإدارة الأميركية عن امتعاضها الشديد، إلا أن الحكومة الهندية أوقفت تعاونها مع الشركات الأميركية المصنّعة للصواريخ، وقررت التعاقد أخيراً مع شركة إسرائيلية لشراء كمية ضخمة من الصواريخ المضادة للدروع من إسرائيل.

ووقّعت الهند على صفقة مع شركة "تطوير الوسائل القتالية"،(رفائيل)، التابعة للحكومة الإسرائيلية، بقيمة نصف مليار دولار، لشراء صواريخ "سفيك". وكشف موقع "إسرائيل ديفنس" عن أن الانزعاج الأميركي من الصفقة وصل إلى حد قيام وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بالتدخل لدى الحكومة الهندية ومطالبتها بالعدول عن شراء الصواريخ الإسرائيلية.

ووفق التقرير الذي نشره الموقع، فإن كيري لفت نظر القيادة الهندية إلى أن الصاروخ الأميركي "جابلين" يُعدّ بديلاً أفضل من "سفيك" الإسرائيلي.

ولفت الموقع إلى أن محاولات واشنطن اليائسة لم تقف عند هذا الحد، بل إن قيادة الجيش الأميركي عرضت على قادة الجيش الهندي أن يتم إشراك الهند في الأبحاث الهادفة لتطوير صاروخ جديد مضاد للدروع.

وتُعزى الحساسية الشديدة التي أبدتها واشنطن تجاه الصفقة الإسرائيلية ـ الهندية إلى قرار إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تقليص الموازنة العسكرية الأميركية بشكل كبير، ما جعل هذه الإدارة معنية بعمل كل ما في وسعها من أجل توفير عمل للصناعات العسكرية الأميركية. لكن جهود الأميركيين ذهبت سدى، إذ تزعم محافل عسكرية إسرائيلية أن الهنود لم يعودوا يثقون بمنظومات الصواريخ الأميركية.

وتحوّلت الهند إلى دولة مركزية في كل ما يتعلق بتصدير السلاح الإسرائيلي. ويقول عمير رايبوبورت، المعلّق العسكري في صحيفة "ميكور ريشون" الإسرائيلية، إن مجمّع الصناعات الجوية الإسرائيلي يدين ببقائه إلى الهند، بفعل حجم الصفقات التي تُوقّعها نيودلهي مع الشركة، لدرجة أن القائمين على مصنع "ملام"، التابع للشركة، وضعوا على بوابته اقتباساً من التلمود، ذُكرت فيه الهند.

وفي تقرير نشرته الصحيفة الإسرائيلية أخيراً، أشار رايبوبورت إلى أن إسرائيل تأمل في دفع مجالات التصدير العسكري للهند إلى مجالات أخرى، مثل بيع تقنيات تضمن دقة الإصابة وتقنيات متعلّقة بالحرب الإلكترونية وغيرها. وتسمح عوائد التصدير العسكري للجيش الإسرائيلي بتغطية كلفة الأبحاث التي تُجرى على تطوير السلاح، والوسائل القتالية التي يستفيد منها الجيش ذاته، وبعد ذلك يتم السماح بتصديرها، بشرط ألا تؤدي إلى المسّ بالتفوّق العسكري الإسرائيلي في المنطقة.

وفي الوقت ذاته، فإن إسرائيل تراهن على تصدير السلاح كمصدر للعملات الصعبة، إذ تبلغ عوائد بيع السلاح سنوياً 6 مليارات دولار. وما يُغري الإسرائيليين بالانقضاض على سوق السلاح الهندي هي التوقعات بتعاظم النمو الاقتصادي لشبه القارة الهندية.

فقد أشارت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى أن الاقتصاد الهندي هو سابع أكبر اقتصاد في العالم، مشيرة إلى أن هناك ما يدل على أن الهند ستحلّ في غضون سنوات معدودة بين أكبر أربعة اقتصاديات في العالم، إلى جانب الولايات المتحدة والصين واليابان.

ولفتت الصحيفة إلى أن الموازنة العسكرية الهندية للعام 2014 تبلغ 36 مليار دولار، في الوقت ذاته، فإن الصناعات العسكرية الهندية أبعد ما تكون عن تغطية حاجات البلاد، ما يعزز من مكانة إسرائيل في سوق السلاح الهندي.

وحسب "هآرتس"، فإن الهنود لم يكتشفوا فقط الصناعات العسكرية الإسرائيلية، بل الصناعات والتقنيات ذات الاستخدام المدني، لا سيما في كل ما يتعلق بالزارعة، التي أحدثت تحولاً نوعياً في واقع الزراعة الهندية بشكل واضح، حسب زعم الصحيفة.

وقد بلغ الحماس بوزير الدفاع ووزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، موشيه أرنس، إلى حد العرض على إدارة الصناعات الجوية الإسرائيلية العودة إلى مشروع تطوير الطائرة المقاتلة الإسرائيلية "لبيا"، وهو كان قد أدى دوراً مهمّاً في طرحه قبل 27 عاماً، وذلك لتعزيز قدرة إسرائيل على التنافس في سوق السلاح الهندي.

وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، ذكر أرنس أن الهند مستعدة حالياً للتوقيع على عقد بقيمة 10 مليارات دولار لاستيراد طائرات مقاتلة، وهذا يدل على الطاقة الهائلة الكامنة في السوق الهندي.

ورأى أن ما يشجع كلاً من الهند وإسرائيل على التقارب والتعاون الاستراتيجي حقيقة أن هناك تشابهاً كبيراً بين خارطة التهديدات التي تواجه البلدين. وأشار إلى أنه تماماً مثل إسرائيل، فإن الهند تضم أقلية مسلمة كبيرة، وهي في حالة عداء مع دولة إسلامية تهدد وجودها (باكستان)، علاوة على أنها مهددة من قبل تنظيمات "إرهابية".

واعتبر أرنس أن إسرائيل يمكنها الاستفادة من التحولات في الهند، ليس فقط أمنياً واقتصادياً، بل أيضاً دبلوماسياً.