اجتماعات موسكو وتطورات الميدان تضبط التحضيرات للمفاوضات السورية

اجتماعات موسكو وتطورات الميدان تضبط التحضيرات للمفاوضات السورية

10 مارس 2017
واصل النظام قصفه على مناطق عدة بالبلاد (محمد الضاهر/الأناضول)
+ الخط -

تواصلت التحضيرات لعقد المزيد من جولات التفاوض الخاصة بسورية في أستانة وجنيف، مع طغيان الصراعات الإقليمية في المشهد السوري، التي تجلّت في زيارتي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المتزامنتين تقريباً إلى موسكو، لبحث القضية السورية مع المسؤولين الروس، تحديداً "الوجود الإيراني" في سورية. وبعد أن قدّم عرضاً أمام مجلس الأمن لنتائج جولة جنيف الأخيرة من المفاوضات بين وفدي النظام السوري والمعارضة، أعلن المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، مساء الأربعاء، أن "جولة خامسة من المفاوضات ستعقد في جنيف في 23 مارس/آذار الحالي". وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقده في نيويورك، أنه "أطلع مجلس الأمن في اجتماع مغلق على نتائج جنيف 4"، مشيراً إلى أن "المفاوضات في جنيف 5، وعلى غرار الجولة السابقة، لن تكون مباشرة".

وكان دي ميستورا قد ذكر أن "الجولة الرابعة من مفاوضات أستانة ستعقد في 14 الشهر الحالي"، موضحاً أنها "سوف تتناول على غرار الجولات السابقة، سبل تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وآليات مراقبة تنفيذ الاتفاق، اضافة إلى قضية مكافحة الإرهاب"، التي اتفق على أن يتم توزيعها على محطتي أستانة وجنيف. وتتناول الأولى التنظيمات المصنّفة إرهابية، بينما يتمّ في الثانية بحث "استراتيجيات مكافحة الإرهاب". وهو مفهوم أشمل يتعلق، وفق مصدر في المعارضة السورية، بتجفيف منابع الإرهاب والتصدي الفكري والاقتصادي لهذه الظاهرة، بما قد يشمل مسألة إعادة الاعمار، باعتبار ذلك في أحد جوانبه، يسهم في القضاء على الفقر ويفتح فرصاً للشباب للعمل، بدلاً من التوجه إلى التطرف والقتال.

كما أنه من المتوقع أن تتطرق مفاوضات أستانة، وفق تصريحات سابقة لدي ميستورا، إلى قضية المعتقلين في سجون النظام السوري والمقدر عددهم بأكثر من 200 ألف معتقل. وقال المبعوث الدولي في هذا الصدد، إن "وفد النظام السوري قدم خلال جولة جنيف الأخيرة مقترحات تتعلق بمبادلة المعتقلين، وأن هذا الأمر يمكن أن يناقش في أستانة".

من جهته، أفاد المستشار الإعلامي في وفد المعارضة، المفاوض وائل علوان، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "وفد أستانة هو وفد تقني، قوامه مندوبون عن الفصائل العسكرية مع بعض السياسيين الذين تعتمد عليهم الفصائل في بعض الأمور". وأعرب عن عدم تفاؤله بنتائج اجتماع أستانة "بسبب الازدواجية بين ما تصرح به الخارجية الروسية، وما تقوم به قاعدة حميميم على الأرض، خصوصاً أن جميع نتائج الاجتماعات السابقة لم تُترجم على الأرض". لكنه لفت إلى أنه "سيتم إجراء مزيد من النقاش مع الأتراك لأنهم فاعل رئيسي في أستانة، وسوف تتضح الصورة أكثر بعد اجتماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة".



فضلاً عن الأتراك، شملت مشاورات المعارضة مجموعة "أصدقاء الشعب السوري". وفي هذا السياق، اجتمعت الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري المعارض في إسطنبول، مع ممثلي وسفراء هذه الدول. ولفت مصدر في الائتلاف لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هذا الاجتماع، وكل الاجتماعات الأخرى في المرحلة الحالية هي ضمن إطارين، يتعلق الأول بتقييم الجولة الماضية من المفاوضات، والثاني التحضير للجولة المقبلة". وأوضح أن "قوى المعارضة تواصل تحضير ملفاتها للجولات المقبلة من التفاوض، سواء في أستانة أم جنيف"، مرجّحاً أن "تمثلها الوفود نفسها، مع مواصلة الجهود لتوحيد وفد المعارضة إلى جنيف، عبر التفاهم مع المنصات الأخرى، التي لا تختلف مواقفها كثيراً من ناحية الجوهر عن موقف وفد هيئة التفاوض، تحديداً بالنسبة لمنصة القاهرة".

من جانبه، ذكر المسؤول الاعلامي في الائتلاف أحمد رمضان لـ"العربي الجديد"، أنه "لن تكون هناك دعوات جديدة للجولة المقبلة من محادثات جنيف لأنها امتداد للجولة السابقة"، لافتاً إلى أن "هناك تواصلاً مباشراً ومستمراً مع المبعوث الخاص وفريقه، ويتم بحث جدول أعمال هذه الجولة، وتحديداً ما يتصل بعملية الانتقال السياسي، مثل الإجراءات الدستورية التي ترافق هذه العملية والمتضمنة في القرار 2254".

ومن المفترض التئام الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري في إسطنبول يومي 15 و16 مارس/آذار الحالي، بغية إجراء مزيد من البحث والإعداد لمؤتمر جنيف، فيما تجتمع الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض يومي 17 و18 الحالي، للغرض نفسه أيضاً، قبل انعقاد جنيف 5 المقررة في 23 الشهر الحالي.

وقبل وصوله إلى موسكو، أمس الخميس، ذكر نتنياهو بأن "مباحثاته مع المسؤولين الروس ركزت على تحجيم الدور الإيراني في سورية"، في ظلّ ورود معلومات بأن "إسرائيل تسعى إلى أن تتضمن أية تسوية في سورية، خروج إيران ومليشياتها من هذا البلد".

وكانت مليشيا "حركة النجباء" العراقية قد أعلنت من طهران، منذ يومين، عن "تشكيل فيلق مجهّز بأسلحة استراتيجية"، بحجة تحرير الجولان السوري المحتل. وهو ما دفع مصادر إسرائيلية إلى توجه تحذيرات لإيران باستهداف مصالحها في سورية، وذلك في ظل مؤشرات عن مسعى إسرائيلي ـ أميركي، لإقناع موسكو بخطة لتحجيم الحضور الإيراني في سورية. وكان نتنياهو قد أجرى محادثة هاتفية، يوم الاثنين، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تركّزت وفق متحدث إسرائيلي على تنسيق المواقف بشأن إيران عشية زيارة نتنياهو إلى موسكو.

بدورها، ذكرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي، أن "بلادها تدعم محادثات السلام السورية التي تقودها المنظمة الدولية"، مشددة على "ضرورة ألا تبقى سورية ملاذاً آمناً للإرهابيين، وضرورة إخراج إيران ووكلائها من سورية"، فيما لم تجب عن أسئلة بخصوص ما إذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أنه من الضروري تنحي رأس النظام بشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران.



من جهته، نفى الكرملين تقارير إعلامية تحدثت عن موافقة موسكو على عمليات إسرائيلية ضد حزب الله من الأجواء السورية. وفي هذا السياق، شدّد المتحدث الاعلامي باسم الرئيس الروسي دميتري بيسكوف، على أنه "لا مكان لهذه المزاعم في الواقع على الإطلاق". وذكر أن "هذا الموضوع لم يطرح في سياق الاتصالات الروسية الإسرائيلية".

وتكتسي محادثات أردوغان مع بوتين اليوم، أهمية كبيرة، نظراً للدور الكبير الذي يقوم به البلدان في الساحة السورية. ويبحث الجانبان المسائل المتعلقة بتوفير الظروف المواتية لنجاح المفاوضات، سواء في أستانة أم جنيف، والتنسيق العسكري المباشر، والخطط العسكرية لهجوم جديد على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يستهدف معقله في الرقة، فضلاً عن المسائل المحورية لتسوية القضية السورية، ومنها مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومشاركة الأكراد في العملية التفاوضية.

في غضون ذلك، واصلت قوات النظام السوري تقدمها إلى الجنوب من مدينة الباب، في ريف حلب الشرقي، سعياً للوصول لأطراف مدينة الرقة. وقد سيطرت تلك القوات، أمس الخميس، على مطار الجراح العسكري القريب من بلدة الخفسة. كما سيطرت قوات النظام على قرى عدة في محيط بلدة الخفسة، كانت تحت سيطرة "داعش" وعلى جميع التلال المحيطة بها. وتمكنت قوات النظام من الوصول إلى نهر الفرات، وبدأت في تأمين المضخات وإجراء الإصلاحات اللازمة لإعادة ضخ المياه إلى مدينة حلب من محطة الخفسة.

بدورهم، ذكر ناشطون أن "التنظيم سحب معظم عناصره من مدينة مسكنة المجاورة إلى مدينة دير حافر، ومن ثم إلى البادية، مبقياً على 200 عنصر فقط داخل المدينة"، متوقعين سيطرة قوات النظام على مناطق الريف الشرقي لحلب بشكل كامل خلال أيام قليلة.

في مسكنة (100 كيلومتر شرق حلب)، قُتل 6 أشخاص وجُرح 19 آخرون، في قصف لطائرات حربية، يُرجّح أنها روسية. كما ارتكبت الطائرات الروسية أمس الخميس، مجزرة في مدينة كفرنبل، جنوب إدلب، راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، إثر استهداف الطائرات بالصواريخ سوق الخضرة وجامع الأربعين والأحياء السكنية في مدينة كفرنبل. ما أسفر عن مقتل 5 مدنيين بينهم أطفال، وإصابة 80 آخرين بجروح متفاوتة. كما قُتل مدنيان وجرح آخرون، بقصف جوي على قرية في جبل شحشبو، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً شمال غربي مدينة حماة، وسط البلاد، فيما قتلت امرأة وجرح ثمانية مدنيين من جراء قصف جوي طاول مناطق متفرقة في ريف حمص الشمالي.