المستشارون الأميركيون يحيون سجال التدخل البري في سورية

المستشارون الأميركيون يحيون سجال التدخل البري في سورية

01 نوفمبر 2015
تتكرّر الانتقادات لسياسة أوباما حيال سورية (علي السعدي/فرانس برس)
+ الخط -
تحولت سياسة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في ما يتعلق بالملف السوري، وتحديداً الشق العسكري منه، إلى مدعاة للسجال بين المطالبين بتدخل بري "ساحق" ومعارضي "التورط" في الشأن السوري على حد سواء. 
وجاء قرار الإدارة بإرسال 50 جندياً أميركياً من جنود القوات الخاصة إلى سورية، يوم الجمعة، ليزيد السجال اشتعالاً حول جدوى هذه السياسة التي يصفها بعضهم بأنها غامضة وبعض آخر بأنها "ساذجة"، فيما يصفها آخرون بأنها حذرة ومترددة، ويتفق الجميع على عدم رضاهم عن هذه السياسة التي تتخذ مسارين؛ الأول سياسي، وقد بلغ هذا المسار مرحلة جديدة خلال الأيام الماضية بعد جولتي المحادثات المكثفة التي عقدت في فيينا خلال الشهر الماضي حول الملف السوري وآخرها يوم الجمعة، أما المسار الثاني فهو عسكري، ويعد أوضح أشكاله إن من خلال القرار الأميركي الجديد بشأن إرسال المستشارين الأميركيين أو من خلال الغارات التي تستهدف منذ أشهر تنظيم "داعش" في سورية والعراق.

اقرأ أيضاً الخطة الأميركية الجديدة: قوات خاصة بريّة وطائرات ودعم "الأصدقاء"

ومن بين من أبدى سخريته من سياسة أوباما السيناتور الجمهوري توم كوتون، والذي قال لمحطة "سي أن أن" الإخبارية، إن أوباما "يدرك جيداً حجم المشكلة وخطورة العدو، وقد حدد هدفه بشكل جيد وهو تدمير تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق، لكن عندما ننظر إلى الوسائل التي يلجأ إليها أوباما لتحقيق الهدف فإن إرسال 50 جندياً لن يحقق مثل هذا الهدف الكبير". وأضاف السيناتور الجمهوري "عندما أسمع أوباما يتحدث عن القوات القتالية مقابل عمليات غير قتالية، فإنه يبدو وكأنه يصف شيئاً من روايات جورج أورويل". وتابع كوتون "لدينا حالياً قوات على الأرض موجودة في أماكن قريبة من عدونا، وقد فقدنا الأسبوع الماضي جندياً شجاعاً هو الرقيب جوش ويلر. وأعتقد أنه ينبغي علينا جميعاً إدراك أن أي قوات تتواجد بالقرب من أماكن وجود العدو فهي قوات مقاتلة، ويمكن أن تلتحم مع الخصم في أي لحظة. والحل الأسلم هو الانخراط في قتال على نطاق واسع أما إرسال 50 جندياً فهو قرار جاء متأخر جداً".
ولمح كوتون إلى أن البيت الأبيض ربما أفصح عن العدد من أجل التهوين من شأن العملية برمتها، مضيفاً "أنا لا أريد أن أعلق على مستوى القوة نظراً لحساسية ذلك على أمن جنودنا، ولكن في النهاية، إذا كانت هذه هي الاستراتيجية فإنها غير مطابقة لما يمكن أن يحقق الهدف".
وكشف "أنه حتى في العراق ليس هناك ما يكفي من القوات الأميركية على الأرض لتقديم المشورة والمساعدة للعراقيين وقوات البشمركة الكردية في شمال العراق. وليس هناك ما يكفي من الطائرات لشن غارات كافية وفعالة"، وتساءل: "إذا كنا نريد هزيمة الدولة الإسلامية، فلماذا لا نستخدم مواردنا لتحقيق هذا الهدف؟". واتهم كوتون، في حديثه، أوباما "بأنّ لديه عادة سيئة هي تحديد عدد الجنود الأميركيين بعيداً عن التشاور مع القادة العسكريين الميدانيين، سواء في أفغانستان أو العراق والآن في سورية، وطالبه بأن يمنح القادة الميدانيين ما يطلبونه من أدوات لتحقيق الهدف المناط بهم وعدم حصرهم في إطار ضيق لا يستطيعون الحركة من خلاله".
وإذا كان إرسال أعداد محدودة من الجنود إلى أرض المعركة لم يرضِ الجمهوريين الساعين لخوض معركة برية شاملة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، فإن التورط المحدود في حد ذاته يثير غضب الطرف المناوئ للحرب، والذي يعتبر أن تصويت أوباما ضد حرب العراق ساعده في التفوق على هيلاري كلينتون خلال التنافس الانتخابي بينهما على من يكون مرشح الحزب الديمقراطي أمام جورج بوش في عام 2008، كما ساعده لاحقاً على التغلب على جورج بوش نفسه الذي اتخذ قرار الحرب. لكن أوباما، وفقاً للمعترضين، سيغادر البيت الأبيض وبلاده متورطة بحروب في ثلاث دول هي أفغانستان والعراق وسورية بدلاً من دولتين فقط. وهو ما يعتبر بمثابة انقلاب على أجندته الانتخابية ونكوص بالوعود.
ويتفق الكاتبان الأميركيان أوستين رايت وليغ مونسيل على أن قرار أوباما بإرسال جنود إلى شمالي سورية لم يترك أحداً سعيداً في واشنطن.
وتتكرر الانتقادات والتساؤلات التي يطرحها الجمهوريون على سياسات أوباما بشأن سورية فيما يلتزم المشرعون الديمقراطيون في معظمهم بالصمت في أحسن الأحوال، إن لم يساهموا في توجيه الانتقادات. ولم يعد يبرز للدفاع عن موقف أوباما بحماسة سوى المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، والذي كثيراً ما يتعرض للإحراج عند استماعه لأسئلة المراسلين الصحافيين الملغمة بالانتقادات الساخرة.
ففي معرض رده يوم الجمعة الماضي على سؤال عن مدى اعتقاده بجدوى إرسال 50 جندياً أو أقل إلى سورية وهل بإمكان هذا العدد أن يحدث أي تغيير في موازين القوى، قال إرنست "لا يمكن أن نقلل من شأن قدرات قواتنا الخاصة والرئيس بالفعل يتوقع أن بإمكان هذا العدد أن يحدث تغييراً ضد تنظيم الدولة الإسلامية".
وأكد إرنست أن مهمة القوات الخاصة ستتمثل في "تدريب وإرشاد ومساعدة القوات المحلية للمعارضة المعتدلة"، بحسب التعبير الذي تستخدمه الإدارة الأميركية من وجهة نظرها في تقييم الفصائل السورية المقاتلة. وأضاف "أعتقد أننا لو كنا نهدف لتنفيذ عملية قتالية فلربما كنا سنرسل أكثر من 50 جندياً على الأرض". وأكد أن "أوباما لا يزال عند قناعته بأنه لن يكون هناك حل عسكري في سورية. هناك حل دبلوماسي".
وعلى الرغم من الاعتراضات الواسعة على سياسات أوباما المتعلقة بشأن سورية، فإن هناك من يجد له مبرراً للتخبط في سياساته، من بينهم السفير الأميركي السابق لدى سورية روبرت فورد، والذي شغل هذا المنصب بين 2011 و2014.

بحسب فورد، فإن أوباما يفتقد إلى الدعم القوي من قبل الكونغرس فيضطر إلى اتخاذ قرارات تتسم بالحذر الشديد والتردد. ويلفت فورد إلى أنّ "أعضاء الكونغرس يريدون من الرئيس أن يتورط، بينما هم يرفضون اتخاذ أي قرار من جانبهم". بدوره، يشير الكاتب في موقع بولتيكو الإخباري، نيك غاس، إلى أن "العمليات الدائرة في العراق وسورية مضى على بدئها أكثر من عام وحتى الآن لم يصدر من الكونغرس تفويض يحدد الهدف منها وفقاً لوجهة نطر الكونغرس المعني دستورياً بإعلان الحرب وتمويلها".
يشار إلى أن الرئيس الأميركي قدم في فبراير/ شباط الماضي اقتراحاً للكونغرس على هيئة مشروع قانون يقضي بتفويض القوات المسلحة الأميركية بمواجهة تنظيم "داعش" في العراق وسورية، لكن قادة الكونغرس اختلفوا على صياغة المشروع.
ولا يزال السيناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا، تيم كاين، يدعو زملاءه في مجلسي الشيوخ والنواب إلى نقاش شامل حول المسألة، قائلاً إنه من الخطأ أن يظل الكونغرس صامتاً ولا يتخذ أي إجراء، في حين أنه قد تم إرسال 3500 جندي إلى العراق منذ بداية الغارات الجوية حتى الآن. وكانت الغارات قد بدأت بتفويض مؤقت من الكونغرس بأثر رجعي، لكن المجلس لم يصدر حتى الآن تفويضاً شاملاً بخوض حرب برية على تنظيم الدولة الإسلامية.

اقرأ أيضاً فيينا السوري: ترحيل الخلافات وتكليف الأمم المتحدة بوقف النار

المساهمون