تحالف "سائرون" و"الحشد": الصدر ينقلب على نفسه لمصلحة إيران

تحالف "سائرون" و"الحشد": الصدر ينقلب على مواقفه لمصلحة إيران

14 يونيو 2018
فاجأ الصدر بخطوته الجميع (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
فاجأ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الشارع العراقي بإعلان تحالف انتخابي طائفي لتشكيل الحكومة الجديدة، خلافاً للتصريحات والبيانات التي أصدرها طيلة الأشهر الماضية، والتي تعهّد خلالها بتشكيل تحالف عابر للطوائف. وتركزت حملته الانتخابية بشكل رئيسي على هذا الأساس وحقق تقدماً على منافسيه بالانتخابات بسبب ذلك، وهاجم في الوقت نفسه تحالف "الفتح" الذي اندمج معه ضمن تحالف أطلق عليه العراقيون اسم "تحالف الحنانة"، في إشارة إلى منطقة الحنانة بالنجف التي أعلن منها، ليلة الثلاثاء، التحالف من خلال مؤتمر صحافي جمع الصدر مع زعيم تحالف "الفتح"، ونائب قائد "الحشد الشعبي"، أحد أبرز المقرّبين من إيران. وفي الوقت الذي يتوقع أن يصدر بيان من الحزب الشيوعي العراقي، الشريك الرئيس للصدريين، يوضح موقفه من التحالف الجديد مع كتلة "الفتح"، الجناح السياسي لمليشيات "الحشد الشعبي" في العراق، يؤكد قيادي بارز في الحزب لـ"العربي الجديد"، أن "الشطر المدني بتحالف سائرون لا علم له بالخطوة ولم يستشر بها"، مبيناً أنه "تم خداع الشيوعيين والشارع المتطلع إلى مغادرة خانة الاصطفافات الطائفية والحكومات التي تباركها إيران".

ويُشكّل التحالف الجديد 101 مقعد برلماني، في وقت تؤكد مصادر سياسية لـ"العربي الجديد"، أن "الأقرب لهم هو تحالف الحكمة بزعامة عمار الحكيم (20 مقعدا)"، بينما تستمر المفاوضات مع الأكراد لضمهم إلى التحالف الجديد بدعم إيراني. وفيما يبقى موقف تحالف الوطنية بزعامة إياد علاوي (21) والنصر بزعامة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي (42) غير محسوم في الانضمام لهذا التحالف، فإن كتل العرب السنة السياسية منقسمة في مواقفها حيال إبقاء حالة التقارب مع الصدر أو نقضها بسبب تحالفه الأخير مع قائمة الفتح التي تتحفظ قيادات سنية بارزة على الاتفاق معها.

مقتدى الصدر، الذي قدم تعازيه للشعب العراقي منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، بإعلان تحالف رئيس الوزراء حيدر العبادي "قائمة النصر" مع هادي العامري، زعيم قائمة "الفتح"، واصفاً إياه بـ"التحالف البغيض والطائفي المقيت"، عاد اليوم للتحالف مع القائمة نفسها وهي "الفتح"، الممثلة لـ"الحشد الشعبي" والمرعية إيرانياً بشكل مباشر.

ووفقاً لعضو بكتلة الأحرار البرلمانية، التي أمر مقتدى الصدر بحلّها ومنعها من الترشح للانتخابات، فإن "التحالف مع قائمة الفتح بزعامة هادي العامري لم يكن برغبة صدرية بل بسبب ضغوط مورست على الصدر"، مبيناً أن "حرق مخازن مفوضية الانتخابات التي تحوي أوراق اقتراع جمهور التيار الصدري ومن قبلها تفجير مخزن سلاح في مدينة الصدر، فهم منها على أنها رسائل مباشرة لمقتدى الصدر". وأكد أن "الرجل (مقتدى الصدر) يتعرض لضغوط هائلة، وكان الخيار إما التحالف مع نوري المالكي أو هادي العامري لتشكيل الحكومة، واختار الأخير مضطراً"، وحول عودة التكتل الطائفي، قال "رغبة إيرانية".

بدوره، أوضح عضو التيار المدني صلاح الشايع، لـ"العربي الجديد"، أن "التحالف الجديد سيحاول ضم كتل سنية وكردية اليه للإيحاء بأنه تكتل غير طائفي، غير أن الواقع هو أن الكتلة الأكبر سيبقى عنوانها طائفياً، ولا قيمة لأي تحالفات تكميلية أو تجميلية مع كيانات أخرى من طوائف ثانية، وهذا عكس ما وعد به مقتدى الصدر". وكشف عن "وجود انقسام حاد وصدمة داخل الوسط المدني، وهناك خلافات وصلت إلى حدّ الشتائم عبر الهاتف طيلة ليلة الثلاثاء ـ الأربعاء، التي أُعلن فيها التحالف الطائفي من النجف بين قيادات وكوادر الحزب الشيوعي وأطراف مدنية خارج العراق وداخله، حمّل معظمهم جاسم الحلفي وأحمد عبد الحسين ورائد فهمي مسؤولية ذلك، باعتبارهم عرابي التحالف الشيوعي مع الصدريين". وتابع "بات من غير المهم معرفة من سيكون رئيس الوزراء أو شكل الحكومة بالنظر لمعرفة التحالف الذي سيشكلها"، مشيراً إلى أن "اتفاق المبادئ السابق الذي تم قبل أيام مع علاوي والحكيم والصدر قد يكون انتهى عملياً مع إعلان الثلاثاء بالتحالف الأخير بين الصدر والعامري".

التحالف الجديد، وفقاً لمصادر سياسية عراقية، "جاء بترتيب وتنسيق إيراني لمنع اقتتال شيعي ــ شيعي كان يلوح بالأفق عنوانه الصدريون مع فصائل بمليشيات الحشد الشعبي". وقال سياسي بارز في بغداد لـ"العربي الجديد"، إنه "تحالف ضروري بإصرار إيراني، والطرفان غير متحابين"، في إشارة إلى مقتدى الصدر وهادي العامري ومساعده في تحالف "الفتح" قيس الخزعلي، مضيفاً أن "التوتر الأخير بلغ ذروته داخل البيت الشيعي، وتحقيق هذا التحالف كان ضمن اتفاقات وتعهدات مكتوبة بضامن إيراني".

وحول موقف واشنطن من التحالف، قال "أضعف من أن تنافس إيران في العراق"، مبيناً أن "التحالف الحالي كسر احتكار حزب الدعوة الإسلامية للسلطة، وقد تكون حكومة العبادي هي آخر منصب رئيس وزراء يتولاه حزب الدعوة". وهو ما أكده القيادي في تحالف "الفتح" كريم النوري، الذي أكد أن "التحالف بين قائمته والصدريين متناغم مع رؤية إيران وسيبعد شبح الحرب الأهلية".

وقال النوري في تصريح لتلفزيون "السومرية" العراقي، إن "تحالف الكبار والأقوياء هو تحالف لكتلتين تمتلكان قوة لا أحد يستطيع غيرهما تأزيم الأوضاع، وهو رسالة طمأنة للشعب العراقي قبل المضي بتشكيل الكتلة الأكبر برلمانياً المعنية بتشكيل الحكومة"، موضحاً أنها "رسالة للجميع لرفع الاحتقان والتوتر وإبعاد شبح الحرب الأهلية، مع استبعاد خيار إعادة الانتخابات ورفع دخان الحريق الذي خيم على نفوس العراقيين". وتابع أن "التحالف الجديد يتناغم مع رؤية إيران وأميركا، كما أنه تحالف يرضي المرجعية الدينية"، لافتاً إلى أن "هذا التحالف الجديد ليست له أي خطوط حمراء على أي كتلة أو طرف سياسي". وتوقع النوري "التحاق كتل سياسية أخرى بالتحالف خلال الأيام القليلة المقبلة".

من جانبه، قال القيادي بالتيار المدني والنائب بالبرلمان العراقي جوزيف صليوا، لـ"العربي الجديد"، إن "التحالف الذي أعلن عنه ما زال غير ثابت ولا نهائي وكل التحالفات قابلة للتحرك والتغيير، وهناك تحالفات عقدت وتفككت، لذا قبل المصادقة القضائية على نتائج الانتخابات لا يمكن التعويل على أي تحالف يبرز". وتابع "الشارع العراق مل من التخندق الطائفي والتكتلات والكانتونات المذهبية التي ظهرت بعد الاحتلال، لكن للأسف هناك قوى خارجية ما زالت تغذي هذا النفس والتفكير، وآمل أن يفهم الجميع أن الشارع كره ذلك لدرجة كبيرة". ورفض صليوا التعليق بشكل مباشر على تحالف الصدر مع الفتح، بالقول إن "الأمر ما زال غير واضح ولا نريد أن نحكم مسبقاً على هذا الأمر"، فيما علق عبد الكريم عبطان، القيادي في تحالف الوطنية، الذي يتزعمه إياد علاوي، بالقول "كنا نسمع الشعارات قبل الانتخابات ونتفاءل خيراً".