قضية لولا تهزّ البرازيل: مؤامرة أوصلت بولسونارو للحكم

قضية لولا تهزّ البرازيل: مؤامرة أوصلت بولسونارو للحكم

12 يونيو 2019
تحرك أمام وزارة العدل البرازيلية يطالب بإطلاق لولا(فرانس برس)
+ الخط -
بعد أقل من ستة أشهر على وصول اليميني المتطرف جايير بولسونارو إلى سدة الحكم في البرازيل، بدأت الفضائح السياسية تطاول نظامه، بل تمتد حتى إلى ما قبل انتخابه رئيساً، وذلك عبر تسريب معلومات حول تآمر قضائي جرى لمنع الرئيس البرازيلي الأسبق، لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، من الترشح إلى الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2018، بينما كانت استطلاعات الرأي تظهره متقدّماً بفارق كبير على بولسونارو. ومما يزيد الاتهامات للرئيس الجديد، حقيقة أن من حكم على لولا في بداية المرحلة الابتدائية لمحاكمته عام 2017، هو القاضي السابق سيرجيو مورو، والذي عيّنه بولسونارو وزيراً للعدل في يناير/كانون الثاني الماضي، وهو ما أثار توقعات بأن تتحول هذه القضية إلى أكبر فضيحة في تاريخ الجمهورية البرازيلية إذا ثبتت الاتهامات بالتآمر.

وعادت قضية لولا، الذي يُعتبر أيقونة اليسار اللاتيني، إلى الواجهة من جديد، بعدما كشف موقع "ذا انترسبت" للتحقيقات الاستقصائية الأحد عن رسائل خاصة تم تبادلها بين المدعين العامين والقاضي مورو الذي كان مكلفاً بقضية الفساد التي اتُهم فيها لولا، وتكشف عن تآمر ضد الرئيس الأسبق الذي كرر مراراً أنّه بريء من الاتهامات وأنّه يتعرض لمكيدة سياسية تهدف إلى قطع الطريق أمام احتمال انتخابه مجدداً. ومنذ إبريل/نيسان 2018، ينفذ الرئيس الأسبق البالغ من العمر 73 عاماً، والذي حكم البلاد لولايتين بين 2003 و2010، حكماً بالسجن لثماني سنوات وعشرة أشهر، لاتهامه بالحصول على رشوة من شركة مقاولات، عبارة عن شقة من ثلاث طبقات في منتجع في ولاية ساو باولو، مقابل عقود مع مجموعة "بتروبراس" النفطية التابعة إلى الدولة، في القضية المعروفة بـ"الغسل السريع".

وكشف موقع "ذا انترسبت" الأحد، أنه اطلع على كمية كبيرة من الرسائل الخاصة التي تم تبادلها خصوصاً على تطبيق تلغرام بين المدعين والقاضي مورو، وحصل عليها من مصدر لم يكشف اسمه. وكتب الموقع: "بعدما أكدوا لفترة طويلة أن الدوافع غير سياسية وسببها هو مكافحة الفساد فقط، تآمر المدعون في قضية الغسل السريع، في ما بينهم حول وسائل منع عودة لولا وحزبه العمالي إلى السلطة". وأفادت المعطيات المسربة أنّ المسؤولين المتهمين بتنظيم "خداع ممنهج" وبـ"افتقار الحس المهني"، سعوا لمنع ترشح لولا دا سيلفا إلى انتخابات 2018. وكشفت رسائل أخرى بحسب الموقع أن المدعين أنفسهم كانت لديهم "شكوك جدية بشأن وجود أدلة كافية تدين لولا" في قضية الحصول على شقة كرشوى، وأرسلوه إلى السجن في نهاية المطاف ليمضي ثمانية أعوام وعشرة أشهر بعد تخفيف عقوبته أخيراً.

وكتب الصحافي الأميركي غلين غرينوالد، أحد مؤسسي موقع "ذا انترسبت"، في تغريدة عبر "تويتر"، أن الوثائق التي حصل عليها الموقع حول البرازيل "من الأهم في تاريخ الصحافة". وأضاف أنها "تحوي أسراراً خطيرة بشكل دردشات وتسجيلات صوتية وتسجيلات فيديو وصور ووثائق أخرى" حول النائب العام في قضية "الغسل السريع"، ديلتان دالانيول، والقاضي مورو و"عدد كبير من المسؤولين الذين ما زالوا يمارسون نفوذاً سياسياً واقتصادياً كبيراً في البرازيل ودول أخرى". وأعلن غرينوالد أن "تحقيقاتنا ليست سوى في بدايتها".
وبعد نشر هذه التسريبات، قررت المحكمة العليا في البرازيل إعادة فتح النقاش بشأن طلب الإفراج عن الرئيس الأسبق. ويثير هذا الطلب شكوكاً في نزاهة مورو الذي كان حكم على دا سيلفا في المرحلة الابتدائية عام 2017. من جهتهم، قال محامو لولا دا سيلفا: "لا شك أن الإجراءات ضد الرئيس الأسبق مشوبة بمشاكل خطيرة للغاية في ما يتعلق بانتهاك الضمانات الأساسية وحرمان الفرد من الحقوق"، مطالبين "بإطلاق سراحه فوراً، وأن تعلن المحاكم مرة واحدة وإلى الأبد أنه لم يرتكب أي جريمة". وكان المحامون قد استأنفوا في وقت سابق قراراً يرفض الإفراج عنه. وحصل الاستئناف على صوتين رافضين ضمن المحكمة العليا، قبل وقف التصويت بطلب من القاضي، جيلمار منديس. وقالت صحف محلية إنّ القاضي منديس سيقرر دراسة طلب استئناف جديد من قبل محامي الرئيس الأسبق.

وتعليقاً على هذه القضية، طالب مرشح حزب لولا للانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فرناندو حداد، بتحقيق معمّق حول ما يمكن أن يصبح "أكبر فضيحة مؤسساتية في تاريخ الجمهورية". وقال حداد الذي هُزم في الانتخابات أمام بولسونارو، إنه إذا كانت معلومات "ذا انترسبت" صحيحة "فيجب سجن كثيرين وإلغاء محاكمات وكشف مهزلة أمام العالم".

في المقابل، سعى المسؤولون عن التحقيق في قضية "الغسل السريع" لترويج براءتهم من أي خرق للقانون، والقول إنهم "مطمئنون" في مواجهة الاتهامات التي تتهمهم بالعمل خارج إطار القانون، معبّرين عن أسفهم لوقوعهم "ضحايا عمل إجرامي قام به قرصان مارس نشاطات بالغة الخطورة ضد النيابة والحياة الخاصة لأعضائها وأمنهم". أما القاضي مورو، الشخصية الأبرز في هذه القضية، فقد "أسف لعدم كشف المصدر المسؤول عن القرصنة الإجرامية للهواتف النقالة للمدعين"، ولأن الموقع "لم يتصل (به) قبل نشر المعلومات وهذا ما يخالف قواعد الصحافة". وأضاف مورو أن الرسائل التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني "أخرجت من سياقها". وحول المضمون، نفى مورو ارتكابه أي مخالفة خلال التحقيق الواسع الذي سمح بسجن مئات السياسيين والاقتصاديين خلال خمس سنوات، بتهمة الارتباط بشبكة واسعة للرشاوى في صفقات عامة لمجموعة النفط البرازيلية "بتروبراس".

(العربي الجديد، فرانس برس)

دلالات

المساهمون