ماذا نجني من استقبال بن سلمان؟

ماذا نجني من استقبال بن سلمان؟

25 نوفمبر 2018
تونس لم تدع بن سلمان وإنما رضخت لمشيئة سعودية(الأناضول)
+ الخط -

هل يمكن أن تكون المبادئ معياراً واقعياً في النظام العالمي الجديد، الذي طرأ عليه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بكل معاوله ودباباته؟ وهل تكون المبادئ مسألة طفولية في واقع يسيطر عليه الدولار، والمتمسك بها شاعر جاء من زمن ولى منذ دهور، وانقضت أسسه ومبرراته؟

تطرح هذه الأسئلة على تونسيين كثر هذه الأيام، وهم يستعدون لمجيء ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى بلادهم، من دون إذن منهم ولا ترحيب لغالبيتهم، باستثناء فرادى خبِرنا منذ سنوات سريرتهم، ورأينا كمّ الدمار الذي يخلفونه وراءهم كلما مروا في مكان، ولا همّ لهم إلا مصلحتهم الشخصية. ليست القضية مع هؤلاء، لكنها مع ذلك مسألة على قدر كبير من الأهمية، تتعلق بما تغيّر في الدبلوماسية التونسية بعد الثورة، أي بعد أن استعاد التونسيون بلادهم وقرارهم وظنوا أنهم تحرروا من كل شيء، من وزر الحسابات وثقل التبعات حتى أصبح قرارهم مرتهناً فقط بما يرونه صالحاً ويعتقدون أنه متلائم مع شخصيتهم الجديدة، الحرة والشفافة، المتصالحة مع القيم والمبادئ.

غير أن ما حدث أصاب الكثيرين بالذهول، إذ إن دعوة الرئيس الباجي قائد السبسي ولي العهد السعودي بشكل مفاجئ، أربكت غالبية التونسيين، كما توضحه المواقف المتتالية. لكن الحقيقة أن تونس لم تدع بن سلمان وإنما رضخت لمشيئة سعودية، إذ لا يتاح للدبلوماسية التونسية أن تقول لا، بسبب تعقيدات العلاقات التاريخية من ناحية، وبسبب عدم قدرة القرار التونسي على التحرر بشكل حقيقي وفعلي أمام الظروف الداخلية الصعبة من ناحية أخرى، وأخيراً بسبب حسابات حول ملفات داخلية أيضاً. وليست القضية مع السعودية في هذه الحالة، وإنما هي مع بن سلمان وما يمثله اليوم وما يحمله من أفكار تتعارض مع كل شيء في التونسي الجديد. وحتى إن كان الأمر يتعلق بالمصلحة، فما الذي قدمته المملكة ومن ورائها الإمارات للبلد الذي يعرف جميعاً صعوباته وهي ليست خافية على أحد، باستثناء محاولات التدخل في شؤونه وفرض أجنداتها عليه وإملاء شروط سياسية يعرفها الجميع مقابل استثمارات بسيطة لدفع الحرج لا أكثر. من كل الزوايا، وكيفما قلّبتها، لا تجد مبرراً لهذه الزيارة ولا تفسيراً يقنعك بأن تونس ستستفيد بأي شيء منها، عدا أنها لم تخرج بعد إلى دبلوماسية المبدأ ولم تتخلص من دبلوماسية المصلحة، ولا مصلحة في هذا أيضاً.