مقتل 5 متظاهرين بإطلاق نار بساحة الوثبة وسط بغداد

مقتل 5 متظاهرين في حادثة إطلاق نار مشبوهة بساحة الوثبة وسط بغداد

12 ديسمبر 2019
أعلن المتظاهرون براءتهم ممّا حصل (صباح قرار/فرانس برس)
+ الخط -
قُتل خمسة متظاهرين وجُرح زهاء عشرة آخرين، في إطلاق نار، اليوم الخميس، في ساحة الوثبة وسط العاصمة العراقية بغداد، نفّذه مسلّح جرى فيما بعد قتله وتعليق جثمانه على أحد الأعمدة، ما أثار موجة لغط واستنكار واسعة، وسرعان ما أصدرت تنسيقيات بغداد بياناً دانت فيه الواقعة وتبرأت من فاعليها.
وتعرّض المتظاهرون، صباح اليوم الخميس، إلى إطلاق نار كثيف من أحد المنازل القريبة أسفر عن مقتل وجرح عدد من الأشخاص، واستمرّ ذلك من دون أي تدخل لقوات الأمن العراقية التي تحيط بالساحة، وهو ما دفع بمجموعة كبيرة من المتظاهرين إلى اقتحام المنزل الذي حصل منه إطلاق النار، وملاحقة المسلّح الذي قُتل فيما بعد بظروف يؤكد متظاهرون أنهم لا يعرفون تفاصيلها، ولا من أمر بتعليق جثته على أحد الأعمدة.
وقال بيان لمتظاهري بغداد: "خرجنا سلميين من أجل الإصلاح، وحقن الدماء، ووضع المجرمين بيد القضاء، خرجنا من أجل إعادة لكل شيء وضعه الطبيعي، خرجنا من أجل أن نعيش بسلم وسلام، خرجنا ونحن رافعين شعار السلمية، وما حدث اليوم في ساحة الوثبة جريمة يدينها المتظاهرون وتدينها الإنسانية والأديان، ويعاقب عليها القانون".
وأضاف البيان أنه "وفقاً لشهود عيان من المدنيين والقوات الأمنية، قام أحد الاشخاص من سكنة منطقة ساحة الوثبة، وهو تحت تأثير المخدرات، بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين وقتل عدد منهم، من دون أي تدخل من القوات الأمنية، ما دفع البعض إلى مهاجمة منزله وحدث ما حدث، أمام رفض تام من قبل المتظاهرين السلميين لكلّ هذه الأفعال".
وختم بالقول: "لا يمكن أن نسمح بتشوية صورة ثورتنا البيضاء، لذلك نعلن براءتنا نحن المتظاهرين السلميين ممّا حدث اليوم صباحاً في ساحة الوثبة، ونعلن براءتنا أيضاً من أي سلوك خارج نطاق السلمية التي بدأنا بها وسنحافظ عليها حتى تحقيق آخر مطالبنا الحقة".


واستغلّت حكومة تصريف الأعمال الحادثة، وكذلك بعض المليشيات والأحزاب المرتبطة بإيران والمناهضة للتظاهرات، من خلال الترويج لوجود من تصفهم بـ"خارجين عن القانون" بتلك التظاهرات.
وقال المتحدث باسم الحكومة اللواء الركن عبد الكريم خلف، إن "مجاميع من المتظاهرين مسلّحة أقدمت على قتل مواطن وتعليق جثته وإحراق منزله بسبب مشادة كلامية"، من دون الإشارة إلى وجود قتلى من بين المتظاهرين بفعل إطلاق النار، من قبل المتحدث.
وبيّن، في تصريحات صحافية، أن القوات الأمنية لم تتدخل حتى الآن وهي بانتظار قرار من الجهات المختصة بذلك، خشية الاصطدام والاحتكاك بالعناصر غير المنضبطة بين تلك المجاميع، وفقاً لقوله، مؤكداً أنه "يجب اتخاذ قرار في دخول القوات المسلّحة إلى محيط ساحة التحرير لإنهاء الوضع المأساوي الذي يجري هناك بحجة التظاهر"، وفقاً لتعبيره، "بسبب الخسائر التي يتكبدها البلد جراء غياب سلطة الدولة".

وقالت آية عمران وهي ناشطة ومتظاهرة في ساحة الوثبة، لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل المسلّحة التي تقتل المتظاهرين في بغداد ومدن الجنوب، منذ شهرين، هي نفسها من ابتدعت الفيلم الذي عُرض اليوم، فهي التي دفعت إلى أن يُقتَل خمسة متظاهرين في ساحة الوثبة وهي التي قتلت القاتل، في سبيل حرف التظاهرات ومنع استمرارها"، مؤكدة أن "المتظاهرين في ساحات الاحتجاج في بغداد، يتعرضون للقمع، منذ شهرين، وهم يصرخون بأن احتجاجاتهم سلمية، وقد سقط المئات من القتلى وآلاف الجرحى، ولم يحدث أي تجاوز يخالف حقوق الإنسان، وإن الصاق تهم القتل والإعدام بهم، هي حركة بائسة ومشبوهة، وواهم من يعتقد أنه سيؤثر على المتظاهرين بهذه الطريقة".
أما أحد المنتمين للتيار الصدري، ضمن ما يُعرف بأصحاب "القبعات الزرق" الذين اختارهم مقتدى الصدر لحماية المتظاهرين، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "ما حدث اليوم كان خطأ كارثياً، ومن دون علم المتظاهرين، لأن المتظاهر السلمي الذي يتعرض للقمع منذ 50 يوماً لا يرتكب المخالفات، وهذه لعبة حزبية وفصائلية تقودها مليشيات تدعم الدولة"، مبيناً أن "جهات من خارج التظاهرات قامت بالتمثيل بجثة الشخص الذي استهدف المحتجين، وهي حركة بائسة ومفضوحة للإيقاع بالمتظاهرين، ومحاولة جرهم إلى العنف".

ويُعدّ هذا الحادث الثاني من نوعه، بعد قتل وسام العلياوي القيادي بمليشيا "عصائب أهل الحق"، الذي قتل حوالي 30 محتجاً من أهالي ميسان، وقد سجّلت ذلك اليوم، عدسات المتظاهرين ظهور العلياوي وهو يحمل سلاحاً ويستهدف المحتجين بطريقة أفقية، وأعقب ذلك خصومة سياسية بين زعيم المليشيا قيس الخزعلي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. واستغل الخزعلي أخيراً ما حصل في ساحة الوثبة، للإشارة إلى وجود مليشيات وصفها بـ"القذرة"، في إشارة إلى جماعة "القبعات الزرق" المنتشرين في ساحات الاحتجاج، متهماً إياهم بأنهم "القتلة".
وغرَّد الخزعلي عبر "تويتر" قائلاً: "إلى متى تستمرّ الفوضى وغياب القانون وضعف الأجهزة الأمنية وانفلات السلاح وانتشار المليشيات القذرة؟!".
من جهته، أشار المسؤول المحلي في مدينة بغداد سعد المطلبي إلى أن "الفوضى التي حصلت اليوم في ساحة الوثبة وقتل شخص، أمر مرفوض ولا ينسجم مع المطالب الحقيقية والسلمية للمتظاهرين منذ أكثر من شهرين، وهنا لا بد على المتواجدين في ساحات بغداد، من تنظيف صفوفهم من القتلة الذين يريدون توريطهم بملفات قتل وترهيب هم في غنى عنها"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "المتظاهرين على دراية كاملة بحجم التحديات التي يواجهونها، وبالتالي فإن أمامهم مسؤولية كبيرة لمنع أي خطأ يحدث".