جنازة زعيم "البوليساريو" والقمة العربية عنوانا أزمة مغربية موريتانية

جنازة زعيم "البوليساريو" والقمة العربية عنوانا أزمة مغربية موريتانية

19 يونيو 2016
مشاركة موريتانيا بجنازة زعيم البوليساريو أزعجت المغرب(فاروق بطيش/فرانس برس)
+ الخط -
يعود الحديث مجدداً عن وجود أزمة دبلوماسية صامتة بين المغرب وموريتانيا، بعد ورود تقارير صحافية موريتانية ومغربية تفيد بأن سلطات المملكة قررت تأخير استقبال دعوة رسمية حملها وزير الخارجية الموريتاني، إسلكو ولد أحمد ازيد بيه، إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، لحضور القمة العربية في موريتانيا.

وتؤكد صحف موريتانية في الآونة الأخيرة أن الملك محمد السادس لا يزال يرفض استقبال وزير الخارجية الموريتاني الذي وصل الرباط منذ أيام للمرة الثانية وعاد أدراجه مقرراً مواصلة المسيرة إلى دول عربية أخرى من أجل إيصال الدعوات الرسمية لحضور القمة العربية.

ويعزو البعض "تأخر" استقبال المغرب لدعوة نواكشوط من أجل حضور القمة العربية إلى كون الرباط لا تنظر بعين الرضا لمشاركة موريتانيا بوفد رسمي في جنازة زعيم جبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، أخيراً. لكن وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، نفى، رداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، صحة الأخبار المتداولة بشأن وجود أزمة دبلوماسية جديدة بين البلدين، كما نفى وزير الاتصالات، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، وجود أزمة دبلوماسية، في مؤتمر صحافي أعقب اجتماع الحكومة يوم الخميس الماضي. 

كذلك، أفاد وزير الثقافة والناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، محمد الأمين ولد الشيخ، بأن سحب رخص العمل من عمال مغاربة في الشركة الموريتانية المغربية للاتصالات "موريتل" لا علاقة له باستهداف المغرب، ولا يمس العلاقات الثنائية، مؤكداً جودة هذه العلاقات.

ومن المقرر أن تستضيف موريتانيا القمة العربية في دورتها السابعة والعشرين، في العاصمة نواكشوط، بعدما قدم المغرب اعتذاره عن استضافتها، بسبب أن "القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية في حد ذاتها أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع مناسباتي"، بحسب ما ورد في بيان سابق للخارجية المغربية.

ويقول رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، الدكتور عبد الرحيم منار اسليمي، إن "العلاقات المغربية الموريتانية تشهد تحولات غير عادية تتجه بها نحو أزمة ذات طبيعة جيوسياسية"، مشيراً إلى أن الرئيس الموريتاني الحالي، محمد ولد عبد العزيز، الذي كان يعتقد أنه قريب من المغرب، بات يكسر كل الموروث التاريخي والدبلوماسي المرتبط بهذه العلاقات".


ويفيد اسليمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن الرئيس الموريتاني "يغير التحالفات الإقليمية بتقاربه الكبير مع الجزائر، المنافس الإقليمي للمغرب، كما أنه بات يتجاوز قاعدة الحياد التي كانت تتبعها موريتانيا في نزاع الصحراء بدعمه المعنوي والدبلوماسي الضمني لجبهة البوليساريو". ويعزو اسليمي هذا السلوك الملحوظ لموريتانيا منذ صعود ولد عبد العزيز إلى عوامل متعددة، منها محاولة ضغطه على المغرب لطرد شخصيات موريتانية موجودة في المغرب، ينعتها بالمعارضة، وانزعاجه من العلاقات المغربية مع دول ما وراء موريتانيا مثل السنغال وساحل العاج ومالي والغابون".

ويضيف الخبير نفسه أن "المتابع لسلوك النظام الموريتاني الحالي اتجاه المغرب سيلاحظ أنه ظل يبعث رسائل سلبية يتمثل آخرها في قرار الحكومة الموريتانية طرد موظفي شركة مورتيل المغاربة عن العمل"، مشدداً على أن "الأمر يتعلق بقرار تصعيدي خطير من شأنه رفع درجة الأزمة بين الدولتين". ويعتبر اسليمي أن "هذا السلوك الموريتاني بات مدعوماً أكثر من قبل الجزائر في صراعها مع المغرب، الأمر الذي سيكون له تأثير خطير على موريتانيا نفسها في المستقبل، لكون المغرب هو الدولة الوحيدة التي لها القدرة على حماية الأمن الموريتاني من التهديدات المحيطة به". 

ويشرح الخبير في الشأن السياسي والأمني بأن "المغرب هو الدولة الأكثر ارتباطاً وفهماً للمجتمع والنظام السياسي الموريتاني"، مضيفاً أن "التحول نحو الجزائر ستكون تكلفته مرتفعة، لكون موريتانيا قد تكون الورقة الجديدة التي تسعى الجزائر لاستخدامها ضد المغرب" على حد تعبيره.