فرانسوا فيون... صوت معسكر الأسد وإسرائيل وبوتين في فرنسا
لم يجذب رئيس الوزراء الفرنسي السابق، فرانسوا فيون، مرشح اليمين الفائز بالدور الأول في الانتخابات التمهيدية، والمرشح الأوفر حظاً للفوز في دورتها الثانية، الأحد المقبل، في مواجهة ألان جوبيه، كثيراً من الاهتمام بخصوص مواقفه من السياسة الخارجية، وتحديداً أفكاره بما يخص الأزمة السورية والتدخل الروسي. ذلك أن الاهتمام كان منصباً بالأساس على مواقف منافسيه نيكولا ساركوزي وجوبيه. والواقع أن فيون يتميز بشكل جذري عن منافسيه في المعسكر اليميني، ويدعو بكل بساطة إلى التحالف مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وحليفه الإيراني والدفاع عن نظام، بشار الأسد، ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وضد المعارضة السورية.
ويعتبر فيون، أن فرنسا والدول الغربية الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، مخطئة في تقدير الأوضاع في سورية. وقال، في تصريح الشهر الماضي، "منذ سنوات تأمل واشنطن وحلفاؤها الغربيون في قلب نظام بشار الأسد، وهم يعتبرون أن الأزمة السورية هي ثورة شعبية بدل الاهتمام بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية". ويعتبر فيون أن "الأمور أكثر تعقيداً في سورية، ولا يتعلق الأمر بثورة شعبية ضد النظام، لكون الأسد يحظى بدعم قوي من طرف شريحة واسعة من السوريين، ومنهم المسيحيون، وهذا ما لا يريد الغربيون فهمه". ويتابع رئيس الوزراء السابق خلال ولاية ساركوزي الرئاسية السابقة إن "الغرب سجين نظرة أخلاقية ومثالية عمياء راهنت على انهيار الأسد مثلما انهار (زين العابدين) بن علي في تونس و(حسني) مبارك في مصر و(معمر) القذافي في ليبيا، والجميع يقول، إن على الأسد أن يرحل. لكن لا أحد يتساءل من سيعوض الأسد؟".
وخلال المناظرة التلفزيونية الأخيرة، كان لافتاً ربط فيون بين مسيحيي الشرق وإسرائيل. وقال إن "تنظيم داعش" يريد تدمير المسيحيين في الشرق وطرد اليهود من إسرائيل". وفي فبراير/شباط الماضي، قال فيون، خلال مداخلة في ندوة نظمها "المجلس التمثيلي للجمعيات اليهودية في فرنسا"، "ليس لدي دروس لأقدمها إلى إسرائيل فأنا لا أعيش هناك. أنا لست ضد إسرائيل لكنني أعتقد بضرورة إقامة دولة فلسطينية من أجل السلام في المنطقة". والواقع أن فيون كان ينتقد دوماً رفض إسرائيل إقامة دولة فلسطينية، ما جر عليه كثيراً من الانتقادات من طرف المنظمات اليهودية في فرنسا، غير أنه في المقابل أعرب عن رفضه حركة المقاطعة العالمية للمنتجات الإسرائيلية، وانتقد بشدة القرارات التي أصدرتها منظمة "يونيسكو" بخصوص الهوية الإسلامية للحرم القدسي، معتبراً أن الحكومة الفرنسية ارتكبت خطأ كبيراً بعدم معارضتها تلك القرارات. أيضاً كان لفيون تصريح مفاجئ في البرلمان أخيراً، حين أعلن دعماً مفاجئاً لحزب الله اللبناني لم يسبق لأي نائب يميني أن اتخذه، ودعا إلى "دعم حزب الله في الحرب التي يشنها ضد تنظيم الدولة في سورية".
واللافت أن فيون في كل هذه المواقف يرتكز على أيديولوجية يمينية لها قراءة خاصة للتاريخ، تؤمن بتفوق المسيحية البيضاء وإيجابيات الاستعمار، فهو يعتبر أن فرنسا "من خلال تاريخها الاستعماري قامت بعمل حضاري، وساهمت في نشر ثقافتها في المستعمرات السابقة"، وهي "لم ترتكب أي ذنب اتجاه شعوب هذه المستعمرات في أفريقيا والشرق وآسيا". وذهب فيون إلى حد الدعوة لإعادة كتابة التاريخ الفرنسي وطرق تدريسه، والتركيز على دوره الإنساني في نقل الحضارة والثقافة إلى شعوب العالم، وهذه نقطة أخرى أساسية يتقاسمها فيون مع اليمين المتطرف الذي يدعو باستمرار إلى تمجيد التاريخ الاستعماري الفرنسي.