يهود أوروبا يرفضون دعوة نتنياهو وينتظرون الثمن

يهود أوروبا يرفضون دعوة نتنياهو وينتظرون الثمن

18 فبراير 2015
خيبة أمل لدى الجاليات اليهودية من مواقف نتنياهو (الأناضول)
+ الخط -

"إنّه مخطئ عندما يعتقد بأنّ كلّ اليهود يحددون هويّتهم بالعلاقة مع إسرائيل، وهو مخطئ عندما يتجاهل كلّ الفخر والنجاح والاندماج الذي حقّقه يهود الشتات في أوطانهم الأم". بهذه الكلمات، ردّ رئيس تحرير صحيفة "أخبار يهودية" البريطانية، ريتشارد فرير، على تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي دعا يهود أوروبا للهجرة الجماعية إلى إسرائيل، هرباً من الأعمال الإرهابية، على خلفيّة هجمات كوبنهاغن الدامية، في وقت دعا فيه رئيس تحرير صحيفة "جويش كرونيكل" البريطانية، ستيفن بولارد، نتنياهو إلى "التوقّف عن توظيف فزاعة الإرهاب ومعاداة السامية في حملاته الانتخابيّة".

بمثل هذه المواقف وأكثر منها، واجه أغلبية قادة الرأي وممثلو الجالية اليهودية في أوروبا، دعوات نتنياهو. وفي حين أعرب الحاخام الرئيسي في الدنمارك، يائير ملكيئور، عن خيبة أمله من دعوة نتنياهو، ردّ المتحدّث باسم الجالية اليهودية في الدنمارك جيب جوهل قائلاً: "ممتنّون جداً لنتنياهو على قلقه، ولكن مع ذلك، نحن دنماركيون. نحن يهود ولكننا دنماركيون، ولن يكون الإرهاب هو السبب الذي يجعلنا نذهب إلى إسرائيل".

قوبلت دعوات رئيس الوزراء الإسرائيلي بالاستهجان في الصحف البريطانية الرئيسية، إذ وصفتها صحيفة "فايننشال تايمز" بـ "المفاجئة والمثيرة للشقاق". وبعدما استعرضت الصحيفة الأعمال الإرهابيّة، التي استهدفت اليهود في عدد من المدن الأوروبيّة خلال الأسابيع الماضية، أشارت في افتتاحيتها، يوم أمس، إلى أنّ "كل هذا لا يشكل مبرراً لدعوات رئيس الوزراء الاسرائيلي إلى هجرة جماعيّة لليهود من أوروبا الى إسرائيل". وأفادت بأنّ نتنياهو غير قادر على إدراك أن الحالة التي يواجهها يهود أوروبا هي "حالة عابرة"، وغير قادر على "إدراك الدعم القوي الذي تقدّمه جميع الحكومات الأوروبية للجالية اليهودية في أوروبا".

من جهتها، رأت صحيفة "الفايننشال تايمز"، أنّ "استهداف اليهود في هجمات باريس وكوبنهاغن الأخيرة، ومع أنه يثير القلق، لكنّه ينبغي الانتباه إلى أنّ المتطرفين الإسلاميين استهدفوا غير اليهود أيضاً، في الهجوم على مقرّ صحيفة "شارلي إيبدو"، والذي قتل فيه شرطي مسلم أيضاً"، موضحة أنه "من الطبيعي أن يشعر اليهود بالحساسية من تنامي العداء لهم في أوروبا، بعد 70 عاماً من المحرقة".

وينكر نتنياهو بتصريحاته، وفق الصحيفة، الجهود التي بذلتها المجتمعات الأوروبيّة في بناء علاقات مع اليهود، لافتة إلى أنّ "الحكومات الأوروبية مطالبة بحماية مواطنيها من الإرهاب من خلال تمتين العلاقات بين المسلمين واليهود والمسيحيين، والملحدين الملتزمين بحريّة التعبير". ويوحي نتنياهو بتصريحاته، بحسب "الفايننشال تايمز"، بأنّ "فئة واحدة من المجتمع الأوروبي مهدّدة من قبل المتشددين، وهذا غير صحيح، ويؤدي إلى الضرر".

وذهبت صحيفة "الاندبندنت"، في افتتاحية بعنوان "صفارة إنذار"، إلى مواجهة ومقاومة دعوات نتنياهو، وقالت إنّها "تتناقض مع ما يقوله دائماً من ضرورة عدم الاستسلام للإرهاب، لأنّ دعوة يهود أوروبا للهجرة إلى إسرائيل هرباً من الأعمال الإرهابية، إنما هو الاستسلام بعينه". ولفتت إلى أنّ الدعوة "تقلل من شأن ما بذلته المجتمعات الأوروبية من جهود لاحتضان الجالية اليهودية، بل وتقوّض هذه الجهود".

ولن تمرّ مواقف الجالية اليهودية في أوروبا، والرافضة لدعوات نتنياهو وانتهازيته، بلا ثمن أو جائزة سيتعيّن على الحكومات الأوروبية تقديمها للجالية اليهودية، لا سيّما وأنّ قادة هذه الجالية دأبوا منذ هجوم "شارلي إيبدو" على المطالبة بتعزيز الإجراءات الأمنيّة لحماية المدارس والمعابد اليهودية في أوروبا، الى جانب سعيهم المستمر لاستصدار تشريعات وقوانين أوروبيّة تجرّم "اللاسامية". وينطلق هؤلاء من مطالبهم هذه من زيادة الاعتداءات "اللاسامية"، التي تتعرّض لها الجالية اليهوديّة، أفراداً ومؤسسات وأماكن عبادة ومقابر.

وفي هذا الصدد، أوصت لجنة برلمانية بريطانية مطلع الشهر الحالي، بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الزيادة في الأعمال المعادية للسامية في بريطانيا، بما في ذلك إجراءات لمعالجة "الكراهية الإلكترونيّة" المتزايدة على صفحات التواصل الاجتماعي. وأكدت توصيات النواب على ضرورة قيام الحكومة والشرطة والادعاء العام بما "يضمن حصول الطوائف اليهوديّة على الحماية اللازمة من التهديد الإرهابي الذي تواجهه". ومن بين 34 توصية رفعها النواب، دعت إحداها إلى إنشاء صندوق حكومي لتمويل الأمن عند المعابد، وإقامة مجلس مستقل لمراقبة اتجاهات معاداة السامية.

دلالات

المساهمون