هكذا تم استقبال حفتر في إيطاليا... وهذا مضمون لقاءاته

هكذا تم استقبال حفتر في إيطاليا... وهذا مضمون لقاءاته

27 سبتمبر 2017
إيطاليا دعت السراج للتخلي عن العمل العسكري(فيليب يوجازر/فرانس برس)
+ الخط -
يختتم اللواء خليفة حفتر زيارته إلى روما، اليوم الأربعاء، وقد وصلها أول من أمس تلبية لدعوة رسمية بحسب وزارة الخارجية الإيطالية، والتقى خلال الزيارة عددا من مسؤولي الحكومة وقادة الجيش الإيطالي، بعد أعوام من التوتر في علاقات الطرفين.

وحسب وسائل إعلام إيطالية، فإن حفتر التقى عددا من مسؤولي الحكومة على رأسهم وزير الداخلية ماركو مينيتي، ووزيرة الدفاع روبرتا بينوتي، بالإضافة إلى رئيس الأركان الجنرال كلاوديو غراتسيانو، لكن اللافت في هذه الزيارة أنها اقتصرت على نشر الصور، دون أن يكون هناك مؤتمرات صحفية للحديث عن نتائجها، ولا سيما أنها أول زيارة له لإيطاليا.

وأشارت وسائل الإعلام إلى أن اللقاءات انحصرت في مناقشة ملفات أمنية تتعلق بالمصالح الاقتصادية الإيطالية، بالإضافة للملف الأهم لإيطاليا، وهو ملف الهجرة غير الشرعية.

غير أن صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية كشفت ما هو أكثر من ذلك، حيث ذكرت أن روما استقبلت "الرجل الذي أراد قصف البحرية الإيطالية في ليبيا، بالقليل من مرتبة الشرف، ولكن مع قدر كبير من الواقعية السياسية".

وذكرت الصحيفة أن وزيرة الدفاع "التقت حفتر قائد المليشيات الذي يسيطر على شرق ليبيا، واجتمع سرا مع وزير الداخلية ماركو مينيتي"، مشيرة إلى أنه استقبل أيضا من قبل سكرتير المخابرات الأجنبية ألبرت ماننتي، الذي يطلق عليه الليبيون اسم "تاجوري" لأنه ولد في تاجورا، وهي منطقة من طرابلس، عندما كانت أسرته لا تزال تقيم في المستعمرة الإيطالية السابقة.

واتسمت العلاقة الايطالية بالطرف السياسي والعسكري في شرق البلاد بالتوتر طيلة السنين الماضية وارتفعت وتيرة التوتر بعد إعلان روما عن توقيع مذكرة تفاهم مع حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، بهدف إرسال بعثة عسكرية لدعم حرس السواحل الليبية لمكافحة مهربي البشر، وهو الإجراء الذي اعتبرته حكومة البرلمان وحفتر انتهاكا للسيادة الليبية، ودفعها إلى الإعلان عن صدور أوامرها باستهداف أي قطعة بحرية إيطالية تقترب من سواحل ليبيا.

وبحسب الصحيفة، فإن "حفتر لن يختار أبدا الرغبة في التقدم عسكريا لقهر طرابلس، وسرقة الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة (حكومة الوفاق)، إذ ليس لديه القوة ولن تتاح له الفرصة".

وقال ضابط إيطالي من وزارة الداخلية للصحيفة، إنه بعد زيارة الوزير منيتي إلى طبرق في 28 أغسطس / آب، لم تختف الاختلافات بين إيطاليا وحفتر، لكن روما في هذه المرحلة فضلت الاعتراف بأن "الرجل مهم في ليبيا، وأن الهدف البدء من جديد في المفاوضات السياسية وهذا أكثر أهمية من جدلنا السياسي".

وبلّغ كل من بينوتي ومينيتي رسالة مهمة لحفتر أنه "إذا كان يريد أن يطرح نفسه على قيادة البلاد فيجب عليه أن يختار مسار السياسة. وأن يواجه سلميا، وأن يتخلى عن العمل العسكري ضد حكومة السراج أو ضد الفصائل السياسية المعادية الأخرى".

وأوضح مسؤولو الحكومة الإيطالية أن "عملية التفاوض التي قادها مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة قد استؤنفت للتو، ونحن نؤيد هذه العملية، ويجب على الجميع في ليبيا دعم المفاوضات السياسية، وعدم استخدام الأسلحة للقيام بالسياسة".

وتتوازى الدعوة الإيطالية لحفتر مع مساعٍ أممية حثيثة للملمة الشتات الليبي عبر رعاية مفاوضات جديدة لتعديل الاتفاق السياسي ضمن خارطة طريق لإنهاء الأزمة في غضون سنة، ورغم الانفتاح الإيطالي الجديد على حفتر، إلا أن روما قدمت دعوة لرئيس الأركان المعين من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عبدالرحمن الطويل قبل قدوم حفتر، في إشارة لاستمرار دعمها لحكومة الوفاق حليفها في الغرب الليبي.

وقال المحلل السياسي الليبي، جمعة الحداد لـ"العربي الجديد"، إن "ايطاليا شريك استراتيجي لليبيا في جملة ملفات أهمها مكافحة الهجرة والاقتصاد، ومن مصلحتها دفع التسوية السياسية للأمام".

 وعن توجهها لفتح آفاق مع حفتر، أوضح الحداد أن "المجلس الرئاسي لم يهتم بشكل كبير بالترتيبات الأمنية المرافقة لتطبيق الاتفاق، وكانت إيطاليا تولي أهمية كبيرة لهذه حتى إنها عينت لها جنرالها باولو سيرا، ولذلك هذا الأمر أغضب إيطاليا وجعلها فيما يبدو تتجه لحفتر".

وتابع الحداد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تأخر إيطاليا بفتح تواصل مع حفتر كان بسبب علاقته مع باريس، لكنها اليوم اضطرت للتواصل مع حفتر سيما بعد أن نجح في السيطرة على صبراته القريبة من مجمع مليتا للغاز معقل مصالحها في البلاد"، مشيرا إلى أن "اقتراب حفتر من مليتا شكل ضغطا كبيرا على روما في التوجه لحفتر".

لكن مصدرا مقربا من وزارة خارجية حكومة الوفاق كشف عن إبلاغ روما لحكومة الوفاق من خلال اللواء الطويل خلال زيارته السبت الماضي أنها مستمرة في التواصل مع حكومة الوفاق ودعمها، مؤكدة أنها "لا تثق بشكل كبير في حفتر الذي لا يزال يركن لخصومها سيما باريس والقاهرة".

ولم يعلن الجانبان (حفتر وروما)، حتى الساعة عن نتائج هذه الزيارة التي أعلنت عنها الخارجية الإيطالية قبل أسبوع من تنفيذها، لكنها تحولت لزيارة غير رسمية وأحيطت بشيء من السرية فيما بعد، مما يفتح الباب للأسئلة حول شكل العلاقة بين الطرفين ومستقبلها، سيما في ظل التسويات السياسية التي تجري حاليا برعاية أممية.

جلسات الحوار تتواصل في تونس

في هذه الأثناء، تتواصل جلسات الحوار بين ممثلين عن مجلس الدولة في طرابلس وبرلمان طبرق، وذكرت تسريبات أن الطرفين اتفقا على طريقة العمل التي سيتم اعتمادها خلال الأيام القادمة للتقدم في مسار تعديل الاتفاق السياسي.

وتذكر وثيقة مسربة، أنه ستعقد جلسات يومية بمقر بعثة الامم المتحدة من الساعة العاشرة إلى الثانية ظهرا، ويتم الاتفاق على النقطة التي سيتم التداول فيها من الغد، ليعود كل فريق إلى الجهة التي يمثلها ويبحثها مع فريقه.

وتشير الوثيقة إلى أنه يتم اتخاذ القرارات داخل لجنة الصياغة الموحدة بالتوافق، على أن يتم إصدار بيان صحفي يومي يقتصر على ذكر النقاط التي تم التباحث فيها. ويبدو أن "هيكلة السلطة التنفيذية ومهامها" ستكون مادة اليوم المطروحة للنقاش.