جولة تاسعة للمفاوضات بين واشنطن و"طالبان" واستعداد أميركي لاختتامها

جولة تاسعة للمفاوضات بين واشنطن و"طالبان" قد تبدأ غداً واستعداد أميركي لاختتامها

21 اغسطس 2019
خليل زاد يتوجه إلى الدوحة لاستئناف المفاوضات (Getty)
+ الخط -
بعدما أعلن المبعوث الأميركي الخاص للمصالحة الأفغانية، زلماي خليل زاد، أمس الثلاثاء، التوجه نحو قطر كمحطة أولى لجولته من أجل السعي لاختتام المفاوضات مع "حركة طالبان"، قال مصدر مقرب من المكتب السياسي للحركة في الدوحة، اليوم الأربعاء، إن الجولة التاسعة من الحوار بين "طالبان" وأميركا قد تبدأ غداً، الخميس، وستستمرّ يومين.

وأضاف المصدر أن "طالبان" جمعت كلمتها بعد التشاور في ما بينها، وستقدم ما اتفق عليه من النقاط الخلافية المتبقية بين الطرفين، خلال الجولة القادمة، لافتاً إلى أنّ خليل زاد سيتوجه إلى كابول، بعد الحوار مع "طالبان"، وقبل التوقيع على الاتفاقية، إذا ما توصل الطرفان إليها، لمناقشتها مع القيادة الأفغانية وتحديداً مع الرئيس الأفغاني. وتوقع انعقاد الحوار الأفغاني في النرويج بعد توقيع الطرفين على الاتفاقية، إن حصل.

وأعلن المبعوث الأميركي، الثلاثاء، أنّ واشنطن "مستعدة" لاستكمال المفاوضات مع حركة "طالبان" التي ستستأنف في الأيام المقبلة من أجل التوصل إلى اتفاق يتيح للرئيس دونالد ترامب بدء سحب الجنود الأميركيين من أفغانستان بعد وجود دام 18 عاماً.

وقال خليل زاد عند مغادرته واشنطن متوجهاً إلى الدوحة حيث تجري المفاوضات مع "طالبان"، "سنحاول استكمال" المحادثات "حول القضايا المتبقية" التي يجب حلها للتوصل إلى اتفاق. وأضاف "نحن مستعدون لذلك وننتظر لنرى ما إذا كان مقاتلو طالبان مستعدين كذلك".

وكان الطرفان اللذان باشرا منذ عام حواراً مباشراً وغير مسبوق، قد تحدثا عن "تقدم ممتاز" في جولتهما السابقة للمفاوضات في العاصمة القطرية، التي انتهت قبل عشرة أيام.

وكتب خليل زاد في تغريدة على تويتر: "أسبوع مثمر في واشنطن. أطلعت الإدارة على المرحلة التي بلغناها وعلى الخطوات المقبلة. ها أنا عائد مرة أخرى. المحطة الأولى في الدوحة حيث سنحاول اختتام" المفاوضات حول "القضايا المتبقية".


لكن إدارة ترامب لا تخفي أنها تأمل في أن تكون الجولة المقبلة من المفاوضات الأخيرة، وأن تسفر عن اتفاق تاريخي مع "طالبان". وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس الثلاثاء، إن "المحادثات تجري بشكل جيد".

ويجري الحديث عن اختراق ممكن وشيك منذ بداية أغسطس/آب.


في الأثناء، انتقد الناطق باسم المكتب السياسي لـ"طالبان" في الدوحة، سهيل شاهين، في تغريدة له على "تويتر"، الحكومة الأفغانية لعدم تمكنها من إعلان أسماء المفاوضين معها، مؤكداً أن هذا يدلّ إما على وجود خلافات داخلية، أو أن جهة ما تريد السطو على الفريق. وأضاف شاهين أن مثل هذا الفريق لا تكون لديه صلاحية التفاوض، ولا يُعتبر جهة تمثل جميع الأطراف السياسية، مطالباً الجهات السياسية المختلفة بإبراز موقفها.


لكنّ رئيسة شؤون العلاقات الخارجية في وزارة شؤون السلام الأفغانية، ناجية أنوري، أوضحت، في تصريحات صحافية، أن فريق التفاوض مع "طالبان" قد شُكّل بعد التشاور مع الجهات السياسية بشأنه، وأنه يحظى باتفاق جميع الأطراف السياسية، وستعلن عنه الحكومة قريباً.

من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة الأفغانية صديق صديقي، في تصريح صحافي، إن الحكومة الأفغانية تترقب الجولة القادمة من الحوار في الدوحة، وتتوقع أن تصل إلى نتيجة ما بشأن وقف إطلاق نار شامل، والحوار المباشر بين الحكومة الأفغانية وطالبان. وأَضاف صديقي "إننا ننتظر بداية تلك الجولة وماذا ستكون نتائجها".

خفض العنف

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الموفد الأميركي سيتوجه بعد الدوحة إلى كابول ليجري مشاورات جديدة مع الحكومة الأفغانية "لتشجيع" الاستعدادات لمفاوضات بين الأفغان.

ولم تستبعد الوزارة زيارات أخرى قد يقوم بها خليل زاد إلى شركاء أو دول مجاورة لأفغانستان لوضع اللمسات الأخيرة على التفاهم مع "طالبان".

وباتت الخطوط العريضة لاتفاق من هذا النوع معروفة.

ويفترض أن ينص أولاً على انسحاب عسكري أميركي كامل إلى حد ما مع جدول زمني لتنفيذ وعد الرئيس دونالد ترامب الذي تعهد منذ فترة طويلة بإنهاء "الحروب التي لا تنتهي" معتبرا أنها مكلفة جداً.

وقال ترامب، أمس الثلاثاء، مجدداً: "نحن هناك منذ 18 عاماً، إنه أمر مثير للسخرية".

والانسحاب الأميركي هو المطلب الرئيسي لـ"طالبان" التي تتعهد في المقابل بعدم السماح باستخدام الأراضي الواقعة تحت سلطتها من قبل منظمات "إرهابية". وستوافق الحركة على ما يبدو أيضاً وللمرة الأولى على بدء مفاوضات سلام مع حكومة كابول، يمكن أن تبدأ بسرعة في أوسلو.

ويفترض أن يتضمن النص أيضاً هدنة بين "طالبان" والأميركيين أو على الأقل "خفضاً للعنف"، ولكن وفي المرحلة الراهنة، لن يكون هناك وقف شامل لإطلاق النار لأنه مرتبط بالتقدم الذي يتحقق في أوسلو.

لكن طرق الانسحاب الأميركي وحجمه وبرنامجه كلّها نقاط ما زالت مجهولة، تثير مخاوف جزء من الطبقة السياسية والمراقبين في واشنطن الذين يخشون أن يؤدي تسرع من قبل ترامب في مغادرة أفغانستان قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2020 في الولايات المتحدة ويأمل في الفوز بولاية ثانية فيها، إلى تفاقم الحرب الأهلية وإحياء التهديد الإرهابي.


ورداً على سؤال عن إمكانية الإبقاء على قوة في أفغانستان في مواجهة تهديد تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، أكد ترامب، أمس الثلاثاء، أن الولايات المتحدة ستبقي "دائماً على وجود في أفغانستان". وأضاف "سنعيد جزءاً من قواتنا إلى البلاد لكننا سنبقي على وجودنا" هناك، بدون أن يوضح ما إذا كان الأمر يتعلق بقوات قتالية أو حدات استخبارات.

وكان الجيش الأميركي ينشر، أخيراً، 14 ألف جندي في أفغانستان وهو عدد تم تخفيضه إلى 13 ألفاً، حسب ترامب.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، لشبكة "سي أن بي سي"، أمس الثلاثاء: "نرغب في إيجاد الظروف الميدانية لنقوم بما وعد به الرئيس ترامب، أي خفض" عملية "تكلف دافعي الضرائب بين ثلاثين و35 مليار دولار سنوياً وكذلك أرواحا أميركية".

وأضاف "إذا استطعنا خفض العنف، سنفتح الطريق ليس لسحب الدعم الأميركي فحسب بل كذلك لقوات حلف شمال الأطلسي الموجودة هناك". وبدا أن بومبيو يربط بين رحيل القوات الأميركية وهدوء فعلي على الأرض.