رباب المهدي لـ"العربي الجديد": إعادة الجيش المصري للثكنات مكلفة

رباب المهدي لـ"العربي الجديد": إعادة الجيش المصري للثكنات مكلفة

13 اغسطس 2016
رباب المهدي: هناك معارضة تربطها مصالح مع النظام(العربي الجديد)
+ الخط -
تعد أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، الدكتورة رباب المهدي، من أبرز الوجوه الأكاديمية المعارضة للنظام المصري الحالي، إذ كانت لها رؤية في 26 يونيو/حزيران 2013، عندما خرجت قبل 30 من الشهر والعام ذاتيهما بأيام قليلة، محذرةً خلال حوار تلفزيوني، آنذاك، أنها لا تفهم الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة سوى أنها دعوة إلى عودة المؤسسة العسكرية للحكم، لتتلقى بعدها مكالمة هاتفية من رقمٍ خاص يخبرها أنها لن تظهر في الإعلام مرة أخرى، لأنه لم يعد مقبولاً الحديث عن الجيش.

كسرت المهدي حاجز الصمت من جديد لتتحدث لـ"العربي الجديد" عن الوضع الراهن على كافة المستويات السياسية، والاقتصادية، والعلاقات الخارجية، إضافة لتقييمها للدعوات الخاصة بإيجاد بديل مدني من داخل المعارضة قبل انتخابات الرئاسة المصرية المقررة عام 2018، وكذلك الدعوات المجهولة المطالبة بتمديد فترة حكم الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، فكان معها هذا الحوار:

كيف ترين مستقبل النظام المصري الحالي قبل عامين من انتخابات الرئاسة المقبلة؟ هل يتجه نحو الاستقرار وفقاً لمبدأ الرضا بالأمر الواقع من جانب المصريين، أم إلى موجة جديدة من الغضب الشعبي؟

كل العوامل الموضوعية الواضحة تؤكد أن النظام لن يكون له استمرارية، بمعنى أننا نرى فشلاً على المستوى السياسي والاقتصادي، والغضب على المستوى المجتمعي لأسباب عدة؛ سواء بسبب أمور متعلقة بالأمن القومي، مثل التنازل عن السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، أو أمور متعلقة بالوضع الاقتصادي.

وهنا يجب أن نوضح أمراً هاماً، وهو أن استمرارية النظام لا تتوقف فقط على العوامل الذاتية للنظام نفسه؛ بل إن هناك عوامل أخرى متعلقة بالطرف المقابل وهو المعارضة، وهل لديهم استعداد للتحرك أم لا، وهذا ما يقلقني في إمكانية استمرارية هذا النظام. فنظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، على سبيل المثال، انتهى قبل سقوطه فعلياً بعشر سنوات. وما مدّ من عمره 10 سنوات هو أن المعارضة لم تكن قادرة على التحرك بشكل يدفع الجماهير للتحرك والالتفاف حولها لإسقاط هذا النظام، حينما حدث ذلك سقط النظام. نحن الآن أمام حالة مشابهة، إذ يتآكل النظام الحالي من داخله، لكن لم تتم بلورة الدفعة الأخيرة لإسقاطه.

ظهرت دعوات تسعى لإيجاد بديل سياسي مدني للنظام الراهن، كانت آخرها دعوة الدكتور، عصام حجي، هل المعارضة الحالية قادرة على خلق بديل مدني؟

النظام الحالي يسعى إلى إيصال المجتمع إلى مرحلة الموت السياسي، ويظهر ذلك واضحاً في قانون التظاهر الذي أطلقه، مروراً بمصادرة كافة المنافذ الإعلامية عبر رجال أعماله. لكن الحقيقة، والمستغرب في الأمر، هو قبول قوى المعارضة لهذه الحالة والتعامل معها على أنها أمر واقع لا مناص منه، لأنه من المفترض أننا نحن من نخلق واقعنا ونكون فاعلين، ولسنا مفعولاً به.

كتبت قبل دعوة عصام حجي بأسبوع أتساءل عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأنها فرصة للاشتباك، وطرحت أسئلة متعلقة بماهية خطة القوى السياسية. والغريب أن حجي لاقى هجوماً شديداً، وكأن المتوقع ألا يكون لدينا خطة بأي شكل، فلا بد أن يكون هناك حوار وخطة واضحة للخروج من حالة الموت السياسي الراهنة.

وهنا أوضح أمراً في غاية الأهمية، وهو الالتباس الشديد بين ما يمسّ النظام الثوري والنظام السياسي وكأنهما أمران منفصلان. فالعمل السياسي له أشكال مختلفة بدءاً من خوض الانتخابات إلى مقاطعتها، وحتى ترتيب تظاهرات تزيد حجمها حتى تسقط النظام بثورة. وما أتحدث عنه هو وجود مثل هذه الخطة سواء على صعيد الحشد والتعبئة في صندوق أو الحشد والتعبئة في الشارع، لكن للأسف هذه الخطة غائبة.





هل غياب الخطة يرجع لارتباط بعض أطراف المعارضة بمصالح مع النظام الحالي، أم بسبب رفض أطراف أخرى التعاطي مع النظام الحالي حتى لا يكون ذلك اعترافاً بشرعيته؟

نحن أمام المشهدَين، لكن يجب أن نفهم شيئاً هاماً، وهو أن الشرعية ليست أمراً أملكه كفصيل أو مجموعة، وإعطاؤها أو سحبها ليست أمراً مرتبطاً بالاشتباك السياسي مع النظام الحاكم من عدمه في انتخابات. وبالعودة لأسباب الحالة الراهنة، فإننا أمام مجموعة تؤمن أنها تملك الشرعية بشكل مطلق وتتعامل معها كرصيد وضعته في بنك، وهي الوحيدة التي لها الحق فيه. وهناك مجموعة أخرى ترتبط مع النظام بمصالح وهو ما يتمثل في المعارضة الكرتونية. وهناك مجموعات ثالثة متراجعة بسبب حالة الإحباط التي تسيطر عليها بعد فشلها. وهناك مجموعات أخرى تبحث عن بديل، وهذه الأسباب هي التي تدفع دائماً إلى التراجع عن فكرة الاشتباك السياسي مع النظام.

على المستوى الرسمي، هل هذا النظام الحالي لا يزال يتمتع بالشرعية أمام داعميه؟

مسألة الشرعية تحمل كلاماً كثيراً؛ فهذا النظام منذ اللحظة الأولى له وهو فاقد الشرعية عند مجموعة من المصريين، لكن استمراريته من عدمها ليست مبنية على فقدان شرعيته عند هذه المجموعة. لكي نقول إن النظام فقد شرعيته عند داعميه يجب أن تتم ترجمة ذلك في عمل ما. فما دام النظام مستمراً، وعلاقته جيدة بالخارج، ومع وجود انتقادات خارجية في أحيان كثيرة، إلى أنّه غير محاصر كما حدث مثلاً مع نظام الرئيس العراقي، صدام حسين، بمعنى أنه طالما لم تتم ترجمة فقدان شرعيته بأفعال على أرض الواقع، فليس من الأهمية أن أؤكد من وقت لآخر بأن هذا النظام فاقد الشرعية.

كيف تفسرين موقف الغرب حالياً وتعاونه مع النظام، إضافة إلى حجم صفقات التسليح الكبيرة التي يعقدها النظام المصري مع بعض القوى الغربية، وهل يتعاملون مع السيسي من منظور الرئيس الضرورة؟

الغرب لديه أولويات في هذه المنطقة من العالم، أهمها الاستقرار وعدم تدافع اللاجئين منها نحو أوروبا، والحفاظ على تدفق البترول، وضمان أمن إسرائيل، وهذه ثوابت بالنسبة لهم. وفي حال بحثت الدول الغربية عن بديل، يجب على الأخير أن يضمن الحد الأدنى للحفاظ على هذه المصالح. الغرب ليس مهتماً بحقوق الإنسان، فهي بالنسبة له كماليات من باب الوجاهة السياسية. لم نرَ الغرب، على مرّ التاريخ، يأخذ مواقف لإسقاط أنظمة لمجرد أنها قمعية أو فاسدة، وتعامله مع السيسي من باب الضرورة.

أما بالنسبة لصفقات الأسلحة، التي يحصل عليها السيسي على الرغم من الاقتصاد المصري المتدهور وأزمة العملة الصعبة، فهي محاولة من النظام المصري لتأبيد المصالح بينه وبين هذه الأنظمة الغربية ليضمن استمراريته، بما يشبه دفع فواتير للمجموعات الاقتصادية الكبرى لضمان بقائه.

كيف تتابعين المفاوضات الجارية بين النظام المصري وبعثة صندوق النقد الدولي لحصول مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار لسد عجز الموازنة؟

الطريقة، التي يُدار بها الاقتصاد المصري، تعد مؤشراً على استمرار الفشل، وستأخذنا إلى منطقة أكثر سواداً مما نحن فيه حالياً، وسندفع ثمنها حتى لو سقط هذا النظام. فنحن نتحدث عن حالة لن تنتهي باختفاء النظام الحالي من المشهد، يجب أن نعلم ونحن نتحدث عن القرض أن النظام الراهن قام برفع حصته في صندوق النقد الدولي العام الماضي، ليكون قادراً على الاستدانة بمبلغ كبير، لأن القواعد تنص على أن الدولة من حقها استدانة ما يعادل ثلاثة أضعاف حصتها، وهذه النسبة تساوي حالياً، وفقاً لحصة مصر، 12.9 مليار دولار. والنظام يتفاوض على 12 مليار دولار، وهذا يعني أنك تستدين بأقصى قدرة لك. للأسف لا يفكر هذا النظام سوى بالاستدانة كلما تعرض لضائقة، من دون وجود خطة أو سياسة اقتصادية واضحة.

وهنا يجب الإشارة إلى أمر هام هو أنه لن نستدين فقط 12 مليار دولار، بل هناك مبالغ أخرى سيقترضها النظام من مؤسسات دولية أخرى غير صندوق النقد، وهذا حجم استدانة رهيب، يعد الأكبر من حجم الاستدانة التي قامت بها الأرجنتين في التسعينيات، وأدى لانهيار اقتصادها عام 2001، وتعافت بعد أكثر من 10 سنوات من تداعيات القرض.

بالنسبة لمسألة جزيرتَي تيران وصنافير، هل كانت أسباب الاتفاقية اقتصادية تتمثل في حصول النظام على مساعدات من السعودية أم هناك أمور أخرى؟

من المؤكد أنّ أي عمل يحدث في منطقة سيناء ومحيطها الجغرافي تتدخل فيه أطراف دولية أوسع بكثير من الأطراف الظاهرة. وبالتأكيد مسألة تنازل مصر عن سيادتها على تيران وصنافير ليس من أنواع رد الجميل للسعودية مقابل التمويلات والمعونات فقط، بل هو ترتيب أوسع لبلورة شكل جديد لإسرائيل في المنطقة العربية. فهو تعبير عن شراكة أكبر يدخل فيها الجانب الإسرائيلي، وإعادة ترسيم للعلاقات في المنطقة التي يوجد فيها لاعبون آخرون مثل تركيا وإيران.

كيف يتم إنتاج بديل مدني بعيداً عن محاولات التشكيك في أي مبادرة تظهر للنور؟

عندما كتبت عن ضرورة الاشتباك مع الانتخابات الرئاسية المقبلة، تفاعل معي كثيرون خلال ثلاثة أيام، وبعضهم اتصل بي وقال لي إنهم يجهزون لحملة بعنوان "اختر رئيسك 2018"، وطلبوا مساعدتي، كما تفاعل معي عدد كبير من النشطاء المستعدين للجلوس والبحث عن بديل.

هل تدفع الظروف الاقتصادية الراهنة والحديث عن رفع للدعم في إطار شروط قرض النقد الدولي قطاعاً عريضاً من المواطنين للانتفاض أو الثورة ضد النظام؟

الشعب ليس شيئاً جامداً، عندما نتحدث عن تحرك الشعب من عدمه يجب أن يعرف أولاً ما المعطيات المتاحة أمامه، بمعنى أنه في حال عدم وجود بديل أو خطة تحرك على الأرض، أو في غياب قيادة، فكيف يتحرك هذا الشعب لتغيير الأمر الواقع؟ الأمر مرتبط بتوفير بدائل وقيادات تملك مصداقية، وبعد ذلك نحكم هل هذا الشعب سيثور ضد الظلم أم لا.

الأمر الآخر، أن الأنظمة لا تسقط فقط بالموجات الثورية، لكن على مدى التاريخ تسقط بأشكال عدة، من الحروب إلى الانتخابات حتى التظاهرات والموجات الثورية. لكن هل هذا المجتمع ينبض بالحياة والمقاومة بشكل كافٍ تمكنه من تغيير النظام. أنا متأكدة أنه نعم في حال وفّرنا له الشروط التي تساعده على ذلك.





هل تتوقعين حدوث انفجار وغضب شعبي عشوائي؟


بالطبع، لكن في الحقيقة الانفجار بشكل عشوائي في الوقت الراهن ستكون تبعاته سيئة، دعنا نتعلم مما حدث في 25 يناير/كانون الثاني 2011، فعدم وجود اتفاق على قواعد اللعبة في 25 يناير بين القوى السياسية، وعدم تبلور الرؤى، نتج عنهما في النهاية انتصار الثورة المضادة. وإذا كنّا نراهن على انفجار شعبي، فيجب أن نكون مستعدين له كمعارضة.

هل يمكن إعادة الجيش المصري للثكنات وإبعاده عن الحياة السياسية وتكرار ما حدث في تركيا؟

نتحدث عن وضع شديد التعقيد توجد فيه المؤسسة العسكرية داخل هيكل الحكم، ونحن في هذه الحالة نحتاج لتغييرات هيكلية على مدى طويل، والثمن كبير لكي نستطيع تغيير شكل هذا الهيكل، وبالتالي تغيير وضعية القوات المسلحة من داخله. لا نستطيع أن ننظر إلى تركيا الآن ونقول إنها نجحت في ذلك. لا يجب أن نغفل تاريخ المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية التركية، وكيف تغير هذا الوضع على مدى 40 سنة، فهذا ليس نتاج الرئيس التركي الحالي، رجب طيب أردوغان. المَخرج الوحيد لنا نحو دولة مدنية حديثة هو خروج المؤسسة العسكرية من السياسة، وهذا قابل للتحقيق لكنه يحتاج إلى وقت وثمن كبيرين.

الدستور الحالي يشترط إتمام ما يسمى بالعدالة الانتقالية التي ستقود إلى مصالحة نظرياً مع جماعة الإخوان المسلمين، هل هذا ممكن وهل النظام الحالي قادر على ذلك؟

حديث المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين يثيره النظام المصري من وقت لآخر ليس فقط لمخاطبة الغرب، بل لتأجيج المشاعر الشعبية ضد أعضاء الجماعة، ليظل هذا النظام يظهر في صورة حائط الصد ضد الإخوان. فهو في الحقيقة يستخدم "كارت" الإخوان طوال الوقت لتبرير فشله وسياسته القمعية.

هل يعني ذلك تباعاً أن المصالحة لن تحصل بين الإخوان والمعارضة المدنية على المدى القريب؟

من ناحية النظام لا أعتقد أنه ستكون هناك مصالحة مع الإخوان، لأن "الكارت" الوحيد للنظام لبناء شرعية وهمية هو فكرة أنه يحارب الإخوان والإرهاب، ولا توجد لديه أمور أخرى لا اقتصادية أو سياسية يعوّل عليها.

أما على المستوى الشعبي، فيجب أن نعترف أن هناك أمراً إيجابياً حدث وهو كسر حالة شيطنة الإخوان، إذ كان المجتمع المصري في حالة من الفاشية دفع بعضهم لمهاجمة أقاربهم وإبلاغ الأجهزة الأمنية عنهم، أما الآن فأصبحت هناك مساحة شعبية لانتقاد السيسي، وعدم إلصاق كافة الاتهامات بالإخوان. لكن للأسف طالما أنّ الإخوان متمسكون بأنّهم لم يخطئوا وأن الجميع يتآمر عليهم، فهذا يصعّب حالة القبول المجتمعي.

في 14 أغسطس الذكرى الثالثة لمذبحة رابعة العدوية، ماذا تغير حتى الآن، وهل يمكن أن تكون هناك نقطة تلاقٍ بين الإخوان والمعارضة السياسية من جديد؟

خريطة القوى السياسية خلال السنوات الثلاث الماضية تغيرت، حتى أن الإخوان لم يصبحوا هذا التنظيم الذي يتحرك كجسم واحد، وظهرت انشقاقات عدة، ولا توجد لديه قيادة موحدة أو خطة واضحة، وهذا ينطبق على القوى السياسية. فعلى سبيل المثال، الدكتور محمد البرادعي، أين هو الآن؟ وهناك أمثلة كثيرة. نحن في مرحلة تتشكل فيها قوى سياسية جديدة، والحديث عمن يتوحد مع من وفقاً للمعادلة القديمة، في الواقع لا يوجد.






كيف ترين المبادرات الأخيرة لزيادة الفترة الرئاسية للسيسي لتصبح 8 سنوات مثل مبادرة الـ40 مليون توقيع؟

تؤكد خبراتنا السابقة، بدءاً من حملة ترشح جمال مبارك قبل ثورة 25 يناير، ثم تمرد عام 2013، أن هذه الحملات تكون عادة مدعومة من أجهزة داخل الدولة لجسّ النبض أو تهيئة الرأي العام لتعديل دستوري. لكن هذه المبادرة تحديداً أرى أنها دليل على فشل السيسي، بمعنى أنها مؤشر على تخوفات داخل النظام حول إمكانية استمراره، وتراجع شعبية السيسي. فهذا الأخير يسعى إلى بلورة مناخ ووسيلة تمكنه من العودة لأسلوب التفويض من جديد، فلو كانت هناك حالة طمأنينة لدى السيسي لما لجأ إلى مثل هذه الوسائل.

يرى البعض أن الخارج هو اللاعب الأكبر في المعادلة الداخلية، فهل ما يحدث على صعيد المنطقة يصب لصالح النظام الحالي أم ضده؟

تصوُّر أن الأطراف الخارجية هي اللاعب الأهم في معادلة السياسة الداخلية المصرية، واستمرار النظام من عدمه وَهْم. الطرف الخارجي له مصالح لكن في النهاية لا يعنيه المسمى.
تغيُّر خريطة المنطقة ليس بالضرورة أن يكون لصالح استمرار النظام المصري الحالي، بمعنى أن النظام من مصلحته وجود تنظيم مثل "داعش"، واستمرار حالة الفوضى في المنطقة، لأنه يطرح نفسه على أنه حجر الزاوية في هذه المنطقة. لكن هل هذا ينفي أنه لو أنّ هناك بديلاً آخر يملك شعبية وتصوُّراً لإدارة العلاقات مع الخارج، سيكون هناك استماتة لبقاء السيسي؟ بالتأكيد لا. التغيرات في المنطقة حالياً تشي بأن شكل المنطقة المتعارف عليه منذ توقيع اتفاقية سايكس بيكو 1916 سيتغير. فمع حلول الذكرى المئوية للاتفاقية، سنكون أمام منطقة جديدة كلياً تتآكل فيها فكرة الدولة القومية.

على صعيد الانتخابات الرئاسية الأميركية، أي المرشحَين يفيد النظام المصري؟

بشكل عام، دونالد ترامب سيكون وبالاً على العالم، وهيلاري كلينتون قد تكون خياراً سيئاً لأنها تعبير عن عسكرة النظام الأميركي، الذي يمتد خارج حدود الولايات المتحدة. ترامب هو تعبير عن إرهاصات ظهور الفاشية في القرن الواحد والعشرين. هو حافة الجنون ويجعلنا أمام حالة شبيهة بأدولف هتلر، وبالتالي نحن لا نتمنى نجاح ترامب. لكن هل نجاح كلينتون فرصة أكبر لمصر؟ هنا يجب ألا ننسى أنها يوم 26 يناير/كانون الثاني 2011 خرجت تعلن دعمها لنظام مبارك، في حين أن المصريين كانوا في الشوارع ضده، كلينتون تدعم الجناح العسكري.

لكن في المقابل تلاحقها (كلينتون) اتهامات بأنها دعمت وجود الإخوان ووصولهم للحكم؟

هذه كذبة، هناك من يكذب ويريد أن يصدق الناس كذبته. لديّ نسخة من مذكرات هيلاري كلينتون، ولا يوجد شيء فيها من هذا القبيل. ما مكّن الإخوان من حكم مصر هو أنه لم يكن هناك بديل سياسي آخر منظّم غيرهم، ولو كان هناك دعم من أميركا لهم، فلن يختلف عن الدعم الذي حصل عليه نظام مبارك، ويحصل عليه نظام السيسي حالياً.


المساهمون