تقرير ميونخ للأمن: العالم يدخل عصراً يتسم بالفوضى

تقرير ميونخ للأمن: العالم يدخل عصراً يتسم بالفوضى

14 فبراير 2017
التنظيمات المتطرفة والحروب الداخلية يهددان الأمن (هيمن بابان/الأناضول)
+ الخط -
قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الدولي 53 للأمن في ميونخ الألمانية، أصدر المؤتمر تقريراً مفصلاً من 90 صفحة، أسهب فيه الشرح عن الوضع والاضطرابات التي تسود العالم حالياً، وأشار التقرير إلى أن العالم يدخل عصراً من شأنه أن يتسم بالفوضى، متوقعاً إمكانية حدوث فراغ في حال انسحاب الولايات المتحدة من المسرح العالمي، وتخوفاً من زيادة العنف والأعمال العسكرية حول العالم.

وفي الشأن الأوروبي لفت التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي يشهد تحدياً مع ارتفاع شعبية الفئات المناهضة لتكتله، وبلغت ذروتها مع تصويت البريطانيين بالخروج منه، وهذا ما جعل أوروبا تواجه مجموعة واسعة من التهديدات، وأن أفضل طريقة لمعالجتها تكون من خلال الردود الأوروبية المشتركة، والتعاضد في مواجهة التحديات؛ ليس فقط تلك المتعلقة بالأزمة مع روسيا في الشرق، أو هجمات إرهابية في المدن الأوروبية، ولكن أيضاً بشأن الشراكة الأمنية عبر الأطلسي، وحول التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي، مبيناً أن الاتحاد الأوروبي قادر أن يثبت لكل المشككين في أوروبا وخارجها أنه  قادر على أن يكون قوة فائقة، تؤمن بالتعددية والتعاون، وينظر إلى سياسة استراتيجية خارجية مشتركة مدعومة بقوة عسكرية على نطاق واسع، وهذا ما يعسكه الاتجاه إلى زيادة الإنفاق في العام 2017 على الأمن والدفاع في أوروبا.

وفي الشأن السوري لفت التقرير إلى أنه وبعد سقوط أكثر من 400 ألف قتيل، وتهجير الملايين من السوريين؛ وقفت أوروبا جانباً، وترددت الولايات المتحدة في الانخراط بشكل كامل، واتخذت الحكومة الروسية دوراً نشطاً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وادعت أنها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، وشنت في المقام الأول الحرب على المعارضة، ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان قصفت المستشفيات بانتظام وبشكل متعمد، مع المجاهرة مراراً بأنه لا يوجد حل عسكري للحرب في سورية، وتطرق التقرير إلى الأعمال والأحداث الوحشية التي قام بها النظام في سورية، مدعوماً من روسيا لدخول حلب، والتي هزت العالم وداست على كافة الأعراف والقوانين الدولية والقيم الإنسانية.

وفي ما خص أوكرانيا بين تقرير مؤسسة ميونخ للأمن أن روسيا انتهكت العديد من المبادئ الرئيسية التي تحكم الأمن الأوروبي، ورغم ذلك قد يتم تخفيض العقوبات عنها، ودون أي تقدم في تنفيذ اتفاق "مينسك"، إذا ما توصلت إدارة ترامب إلى اتفاق مهم مع موسكو، وهذا ما قد يكون مؤشراً مهماً على عهد جديد من القوى العظمى، وهو ما حذر منه العديد من القادة الأوروبيين الرئيس ترامب قبل تنصيبه، وأن ذلك سيضعف النظام الدولي القائم على القواعد التي اعتمد عليها الأمن في الغرب لعقود بحسب التقرير.


إلى ذلك أشار التقرير إلى زيادة التحديات التي تواجه الديمقراطية والليبرالية الاقتصادية، والتي من المتوقع أن تشهد تغييراً في قواعد اللعبة مع صعود الشعبوية في الداخل، والأنظمة غير الليبرالية في الخارج، والتي باتت تهدد بتقويض النظام الدولي الليبرالي القائم على الترابط بين الاقتصاد القائم على التجارة الحرة وشبكة من المؤسسات الدولية.

وقدم التقرير مجموعة متنوعة من التحليلات والبيانات والإحصاءات والرسوم البيانية والخرائط، مع شرح عن التطورات والتحديات التي تواجه السياسة الأمنية الدولية، واعتبر التقرير بمثابة حافز للمؤتمر المقرر عقده بين 17 و19 من الشهر الجاري؛ ليشكل الخلفية والقراءة الواضحتين للمشاركين في المؤتمر، وليكون الغرض منه إتاحة المناقشة في السياسة الخارجية التي تهم الرأي العام العالمي.

ومن بين الموضوعات التي تحدث عنها التقرير إضافة إلى أزمة النظام الدولي، والديمقراطيات الليبرالية، وسياسة الأمن والدفاع الأوروبية الإشارة إلى مجالات رئيسية أخرى بينها الجماعات الجهادية والدعاية والأخبار الكاذبة باعتبارها تحدياً أمنياً، وكذلك الوضع في منطقة المحيط الهادي والشرق الأوسط، ولفت التقرير إلى أن المعطيات الواردة جاءت نتيجة تعاون مع مجموعة معروفة من الشركاء؛ بينها مراكز أبحاث ودراسات مهتمة بمجموعة الأزمات الدولية؛ بينها "شاتام هاوس" و"المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" و"مبادرة التهديد النووي" و"كلية هيرتي للإدارة" و"ماكينزي آند كومباني".