صحيفة: كوشنر يتحمل مسؤولية رهان ترامب على بن سلمان

"واشنطن بوست": كوشنر مسؤول عن رهان ترامب على بن سلمان

15 أكتوبر 2018
صفقة القرن في صلب تقرب كوشنر من بن سلمان(Getty)
+ الخط -
يتهاوى اسم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بسرعة قياسية، في الإعلام الغربي، وهو الذي كان العام الماضي، "الأمير الطموح" و"عرّاب مشروع التغيير" في المملكة، وذلك على خلفية قضية اختفاء الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في إسطنبول، لدى زيارته مقرّ قنصلية بلاده هناك.

وإذا كانت قضية خاشقجي قد سلطت الضوء بشكلٍ فاضح، على نهج بن سلمان القمعي بحق معارضيه، الذي وصل بحسب ما يرشح من معلومات إلى درجة من العنف والوحشية أثارت الرأي العام العالمي، إلا أنها أيضاً أعادت الحديث إلى مربعه الأول، حول العلاقات التي تمكن الأخير من نسجها مع إدارة دونالد ترامب، وكيفية تمكنه من التغلغل داخلها، ولا سيما من خلال بناء رابط قوي مع صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، الذي رأت صحيفة "واشنطن بوست" أنه وبن سلمان يتشابهان بكونهما "أميرين"، كلّ بحسب موقعه، "نهمين على السلطة"، وبـ"قليل من الخبرة".

وكتبت الصحيفة، التي تواصل إفراد مساحةٍ هامة من صفحاتها وعلى موقعها لقضية اختفاء خاشقجي، الذي كان مساهماً في صفحة الرأي فيها، أن ترامب عندما اختار الرياض لتكون محطته الخارجية الأولى العام الماضي، كان يراهن عليها، وهو رهان يقف وراء صهره جاريد، الذي أقنعه بتلك الزيارة، وذلك بعدما بنى علاقة قوية وقريبة من محمد بن سلمان، مروجاً إياه كـ"إصلاحي" هدفه دفعه المملكة إلى الحداثة.

ورأت الصحيفة أن العلاقات الأميركية – السعودية، وبين محمد بن سلمان وكوشنر، مهددة اليوم بسبب قضية اختفاء خاشقجي، وهي القضية التي أثارت غضباً عالمياً، ودعوات لفرض عقوبات قاسية على الرياض.

وبحسب الصحيفة، فإن كوشنر أشار إلى أنه لا نية لديه بإدارة الظهر لمحمد بن سلمان. أما ترامب، فهدد بـ"عقوبات قاسية" إذا ثبت تورط السعودية بقتل وتقطيع جثة خاشقجي، كما يتسرب يومياً من معلومات، لكنه في الوقت ذاته دافع عن حق بلاده في الحصول على عقود السلاح من السعودية، وشكك في فعالية العقوبات عليها.

وبحسب مسؤولين في الإدارة الأميركية، فإن كوشنر وعمه يريان أن الشراكة مع السعودية – بن سلمان، أفضت إلى عقود بمليارات الدولارات، كذلك فإنها بحسبهما تكتسب أهمية قصوى، بسبب موقع السعودية كحليف عربي، في مواجهة إيران والإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.

وكان كوشنر قد أشاد بخطوات محمد بن سلمان لـ"تحديث" المملكة واقتصادها، كما أنه بحسب الصحيفة، يرى "أم بي إس"، وهو الاسم المختصر الذي يستخدمه الغرب للإشارة إلى ولي العهد السعودي، صوتاً مؤثراً وحكيماً في العالم العربي، وهو يأمل أن يقدم له دعم المملكة في خطته للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، التي باتت تعرف بـ"صفقة القرن".

وكتبت الصحيفة أن أزمة خاشقجي أصبحت لحظة الحساب لكوشنر.


واستعادت "واشنطن بوست" ما نشرته سابقاً عن اعتراض الاستخبارات الأميركية لاتصالات بين مسؤولين سعوديين يعدّون خطة لاستدراج خاشقجي إلى السعودية واعتقاله، بأمر من بن سلمان. ولكن بحسب ما نقلت عن مصدرين على اطلاع على الموضوع، فإن السعوديين لم يطلعوا كوشنر مسبقاً على خطتهم قبل اختفاء خاشقجي. ويقول المنتقدون للإدارة الأميركية الحالية إن كوشنر كان ساذجاً بشكل خطير لجهة ثقته بمحمد بن سلمان، وسمح لنفسه أن يتم التلاعب به من أحد أفراد العائلة الحاكمة في السعودية، الصاعد إلى السلطة الذي يلجأ إلى محاولة جذب الغرب، رغم أنه استخدم قبضةً من حديد وبلا رحمة، لتدعيم حكمه في المملكة.

ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين أميركيين كانوا يراقبون بحذر صعود بن سلمان إلى السلطة حتى قبل أن يصبح ولياً للعهد، بعدما أطاح ابن عمه محمد بن نايف، تقييمهم للأمير السعودي الشاب بأنه "ساذج وقليل الخبرة ومبتدئ طموح، لم يكن مؤهلاً لموقع بهذا الحجم". وقالوا إنهم رصدوا صدىً لمحمد بن سلمان في كوشنر. هنا أيضاً، أي في ما يتعلق بكوشنر، يوجد "أمير متعطش للسلطة، من دون أن يملك أي رصيد سابق في الحكم".

واستعادت الصحيفة بداية تقارب محمد بن سلمان وكوشنر، عندما نسجا صداقتهما خلال حفل غداء في البيت الأبيض في آذار/ مارس 2017، ولاحقاً عبر اتصالات هاتفية، أثارت دهشة مسؤولين استخباريين كبار، بسبب غياب مسجلي التقارير حول مضمون الاتصالات، عن أغلبها، وذلك بحسب مصادر عديدة على اطلاع بالموضوع. حتى إن مستشاراً لترامب وصف عدد المكالمات التي يجريها الرجلان بـ"المجنونة"، التي يبقى محتوى بعضها "سرّاً"، بحسب الصحيفة الأميركية.

وارتفعت حدة القلق لدى الاستخبارات حين علمت أن مسؤولين في أربع دول أجنبية على الأقل، ناقشوا سراً، طرقاً للتلاعب بكوشنر، عبر استغلال أعماله التجارية، ومصاعبه المالية، وقلة درايته في السياسة الخارجية، بحسب مسوؤلين أميركيين حاليين وسابقين، علماً أن إحدى هذه الدول، كانت الإمارات الحليف الوثيق للسعودية.

وقال مسؤول رفيع في الاستخبارات الأميركية، إن كوشنر "وقع تحت تأثير نظرة بن سلمان المبسطة لديناميات القوة في الشرق الأوسط"، التي تقوم على أن "إيران هي العدو الوحيد والمعرقل الوحيد للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط".

وإذا كان الواقع في الشرق الأوسط أكثر تعقيداً، بحسب "واشنطن بوست"، إلا أن كوشنر، بحسب المسؤولين الأميركيين، بدا غير مهتم بدراسة الخيوط الرفيعة التي تلعب بين المعضلات الأمنية في المنطقة، وهو غاب عن بعض تقارير الاستخبارات، التي كانت تقدم قبل مفاوضات عالية وحساسة.

ورأت الصحيفة أن كوشنر باع لترامب، ومسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية، فكرة أن محمد بن سلمان يشبهه، لجهة أنه "إصلاحي" يسعى "لتغيير تحالفات قديمة، واجتثاث الفساد داخل بلده". كما أنه حاجج لأشهر العام الماضي، بأن ولي العهد السعودي سيكون أساسياً لصوغ "صفقة القرن"، لجهة أن مباركة بن سلمان للخطة، ستدفع أكثرية الزعماء العرب للحاق به.

وذكرت الصحيفة أن أول خلاف بين كوشنر ووزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون، كان حول المحطة الأولى لجولة ترامب الخارجية العام الماضي. فبينما ضغط صهر الرئيس الأميركي لتكون الرياض، رفض تيلرسون الخبير في التفاوض مع السعوديين، ذلك.

وبحسب مسؤول سابق في الإدارة الأميركية، فإن محمد بن سلمان لأسبابه الخاصة، أعطى الإدارة الأميركية انطباعاً بأنه سيفعل أكثر بكثير مما اعتقد أنه بإمكان السعودية أن تفعله، في إشارة تحديداً إلى "صفقة القرن".