بعد تسريب مذكراته... ما مصير السفير البريطاني لدى واشنطن؟

بعد تسريب مذكراته... ما مصير السفير البريطاني لدى واشنطن؟

08 يوليو 2019
ترامب يودّ بشكل واضح أن يحزم داروك حقائبه(أليكس وونغ/Getty)
+ الخط -
استجدّت في الساعات الأخيرة أزمة على خطّ العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا؛ فبعد ساعات على تسريب صحيفة "ذا ميل أون صنداي" مذكرات سريّة للسفير البريطاني لدى الولايات المتحدة كيم داروك، وصف فيها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"الخرقاء"، شنّ الأخير هجوماً على داروك، وقال: "لم يخدم المملكة المتحدة جيداً" وإنه وإدارته "ليسا من كبار المعجبين" به.
في هذا الوقت، وبينما أعلنت لندن فتح تحقيق بالمسألة، أكد المتحدث باسم رئيسة الوزراء تيريزا ماي أنّ وظيفة السفراء هي تقديم آراء صادقة وصريحة، لكنّ ماي التي أكدت ثقتها الكاملة بداروك، لا توافق مع تقييمه الأخير. وأشار إلى أنّ التسريب غير مقبول إطلاقاً، وقد تواصلت الحكومة مع البيت الأبيض في هذا الشأن.
أمّا وزير الخارجية جيريمي هنت، فأعلن أنه لا يوافق على التقييم الذي صدر عن داروك. وأشاد بالإدارة الأميركية معتبراً أنها "فعالة للغاية".
بدوره، أعلن وزير التجارة البريطاني وليام فوكس أنه سيعتذر لابنة الرئيس الأميركي إيفانكا ترامب، بسبب المذكرات التي وصف فيها السفير البريطاني الإدارة الأميركية بأنها "لا تؤدي واجباتها كما ينبغي" و"تفتقر للكفاءة". فوكس، الذي يزور الولايات المتحدة ومن المرتقب أن يلتقي إيفانكا، قال: "التسريبات الخبيثة من هذا النوع غير مهنية ولا أخلاقية ولا وطنية وقد تؤدي حقاً إلى إلحاق ضرر بهذه العلاقة وتؤثر بالتالي على مصلحتنا الأمنية الأوسع".

وكان داروك قال في المذكرات إنّ ترامب "يشع اضطراباً"، ونصح المسؤولين في لندن بأنهم إذا أرادوا التعامل معه بفاعلية، فعليهم طرح أفكارهم بفظاظة.

ونسبت الصحيفة إلى داروك قوله في إحدى المذكرات: "لا نرى حقاً أن هذه الإدارة ستصبح أكثر طبيعية وأقل اختلالاً وأقل تقلباً وأقل تمزقاً بالخلافات وأقل حماقة وانعداماً للكفاءة من الناحية الدبلوماسية". وحذّر السفير المسؤولين البريطانيين في الوقت نفسه من تجاهل ترامب، قائلاً إن هناك فرصة "يُعتد بها" لفوزه بفترة ثانية في الرئاسة. ولفت إلى أن الرئيس الأميركي قد يخرج من وسط النيران متضرراً لكن سليماً مثل الممثل أرنولد شوارزنيغر في المشاهد الأخيرة من فيلم ذا ترمينيتور".

وفي هذا السياق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن المنتظر من السفراء هو "تزويد الوزراء بتقييم صادق من دون مواربة للسياسة في البلد الذي يعملون فيه". وأضاف: "آراؤهم ليست بالضرورة هي آراء الوزراء أو الحكومة. لكننا ندفع لهم رواتب ليكونوا صريحين. من المهم أن يتمكن سفراؤنا من تقديم النصيحة وأن تظل سرّية".

هل تنتهي مهمة داروك بعد التسريبات الأخيرة؟

تطرح صحيفة "ذا غادريان" البريطانية تساؤلاً حول إمكانية استمرار داروك في عمله كسفير للولايات المتحدة الأميركية حتى انتهاء ولايته في نهاية العام، بعد تسريباته بشأن ترامب. وتشير إلى أنّ الرئيس الأميركي قد عبّر عن استيائه، ويودّ بشكل واضح أن يحزم داروك حقائبه، وبالتالي مغادرة منصبه.
وترى الصحيفة أنّ الرحيل المبكر للسفير يُعتبر واقعياً، إلا أنّه سيُعدّ انتصاراً للمسربين، ويعكس سوء فهم للدور الدبلوماسي. وتقول إن السفير السابق لدى لبنان، والمُقرّب من السلك الدبلوماسي الحالي، توم فلتشر، عكس إصراراً على الدفاع عن داروك، بالتغريد عبر "تويتر": "طبعاً في المملكة المتحدة والولايات المتحدة مصلحة لاحتواء الضرر الذي خلفته التسريبات.
يعرف القادة الجادون أنّ من واجب الدبلوماسيين الإبلاغ عن الأمور بصراحة. أن يهاجم رئيس شخصياً سفير حليفه بهذه الطريقة أمر محزن. السفير لا يستطيع الإجابة والدفاع عن نفسه، لكن على الوزراء القيام بالأمر".


في المقابل، انتقد زعيم حزب "بريكست" البريطاني، نايجل فاراج، تعليقات داروك، معتبراً أنّ الأخير "غير مناسب تماماً لعمله"، قائلاً: "الأفضل هو مغادرته لمنصبه في أسرع وقت ممكن". وأضاف أن شخصيات مثل داروك لن تكون موجودة إذا اختار أعضاء حزب المحافظين وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، وهو أحد مرشحَين يسعيان لخلافة ماي في رئاسة الوزراء.

من هو السفير كيم داروك؟
وُلد داروك في مقاطعة دورهام عام 1954، ودرس علم الحيوان في جامعة دورهام.
خلال 42 عاماً من العمل الدبلوماسي، تخصص في قضايا الأمن القومي وسياسة الاتحاد الأوروبي.
في عام 2007، خدم في بروكسل كممثل دائم للمملكة المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي.
وبين عامَي 2012 و2015، عمل كمستشار رئيس الوزراء للأمن القومي، وتعامل مع قضايا عدة كصعود تنظيم "داعش" في العراق وسورية، وضم روسيا لشبه جزيرة القرم، فضلاً عن الملف النووي الإيراني، وانهيار السلطة في ليبيا.
أصبح داروك سفيراً لدى الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني 2016، قبل أشهر من وصول ترامب إلى الرئاسة.