أي حل سياسي لليبيا؟

أي حل سياسي لليبيا؟

14 نوفمبر 2019
بأي شكل سيتم وقف إطلاق النار؟ (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

أصبحت ليبيا جزءاً من الترف السياسي الدولي الذي لا يقود إلى حلول عملية وواقعية لأزمة البلاد. فآخر التصريحات الدولية صدرت عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتضمنت دعوة إلى "وقف فوري غير مشروط لإطلاق النار".

غير أن دعوات إحياء العملية السياسية، التي لم يتوقف هؤلاء القادة عن المناداة بها، تعني أنها الهدف بعد فرض وقف إطلاق النار. لكن أي عملية سياسية يعنيها بوتين فيما لا يزال رصاص قناصة مرتزقة يتبعون لشركة أمنية مقربة من الكرملين يقتل الليبيين في محيط طرابلس إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر. 

لقد نجح حفتر في إفشال الحلول التي أتت بها العملية السياسية والقضاء على آخر أمل اتفق حوله وعليه الليبيون، في منتصف إبريل/ نيسان الماضي في غدامس، تحت مرأى ومسمع من العالم بل وبمباركة منه. فما الذي أدى بتلك الدول للعودة إلى الحديث عن العملية السياسية، وبين من ومن؟


اليوم أصبح جلياً أن من كان سيجلس حول طاولة غدامس من المشجعين لأحد الطرفين، فهل أعادت حرب العاصمة اختزال الأزمة في قادة الطرفين، حفتر ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج، وبأي شكل سيتم وقف إطلاق النار؟ 

بات جلياً، بحسب مراقبين، أن الدعوات للحل السياسي مجرد "كلام سياسة"، وأن داعمي حفتر لا يزالون يضغطون من أجل إفساح الوقت له لحصد مكاسب أكبر على الأرض، أيّ أنّ المجتمع الدولي لم يدرك أن خلافاته السبب فيما يجري في ليبيا من تناحر.


أزمة البلاد أصبح الواقع يؤكد أنها صراع دولي، لا توجد أسباب محلية واقعية لإذكائه، فداعمو حفتر أجبروا خصومه على اللجوء إلى حلفائهم، ليتحول الصراع بالوكالة. لكن الوكلاء يبدو وراءهم وكلاء آخرون، فآخر تقارير خبراء الأمم المتحدة يتحدث عن تورط الإمارات والأردن وتركيا في تسليح طرفي الصراع، لكنه غضّ النظر عن أدلة أقوى للوجود الفرنسي والروسي. يشير أحد مراقبي الوضع في ليبيا إلى أن أحد فصول الصراع الدولي في ليبيا سيمرّ عبر التضحية بهذه الدول التي ذكرها التقرير الأممي، قبل أن يصل الكبار إلى تفاهم بينهم حول قضايا الصراع الكبيرة حول العالم التي تتجاوز ليبيا. فهل بالفعل ستصل أزمة البلاد إلى مستوى الحديث عن حل سياسي عبر "وقف إطلاق النار"، وماذا يعني أن يكون التوقف "غير مشروط"، بدون الحديث عن انسحاب المعتدي، إلا بقاء طرفي القتال في مواقعهما، جنوب طرابلس، التي لا يفصلها عن بعضها سوى مرمى حجر؟ الأمر لا يحتاج إلى اجتهاد كبير للعلم أن التوقف سيكون مؤقتاً وإمكانية عودته راجحة، في انتظار توافق الكبار حول مصالحهم.

المساهمون