"النصرة" التي غدرت بالفارس

"النصرة" التي غدرت بالفارس

24 نوفمبر 2018
لم يشارك عناصر "النصرة" بمراسم التشييع(محمد حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -


لم يكن للعملية التي نفّذت هذه المرة بحق الناشطين رائد الفارس وحمود جنيد، سوى هدف وحيد هو موتهما، بحيث لا يترك لهما أي مجال للنجاة. فكل الدلائل والمؤشرات تشير إلى أن من قام بهذه العملية هو تنظيم قام بالتخطيط والتنفيذ، بحيث لا يدع مجالاً لأي احتمال آخر غير الموت، سواء لناحية مكان أو توقيت العملية، التي تمت في أحد الشوارع الضيقة والمتطرفة من مدينة كفرنبل، ما يعني عملية رصد دقيقة لتحركات الناشطين الفارس وجنيد. كما أن السلاح الذي استُخدم في تنفيذ الجريمة هو طلقات من عيار خمسة ملليمتر الخارقة التي تستعمل فقط في عمليات الاغتيال المنظم.

وقبل الحديث عن الجهة التي نفّذت تلك العملية، فإن المسؤول الأول عن تمكّن مرتكبي هذه الجريمة من تنفيذها أولاً، والتمكن من الفرار ثانياً، هو تنظيم "هيئة تحرير الشام" الإرهابي، الذي تشكل "جبهة النصرة" عموده الفقري، وذلك كون "الهيئة" هي التي تحكم المنطقة، أمنياً وقضائياً وإدارياً. وبالتالي، فبغض النظر عن مرتكب الجريمة، فإن هناك تواطؤاً من "النصرة" في تنفيذها والتستر على مرتكبيها.

أما لو بحثنا عن الجهات التي من الممكن أن تكون لها مصلحة في قتل الفارس وجنيد، فنجد أن هناك أربع جهات لديها مصلحة من هذا الاستهداف، تأتي في مقدمتها "جبهة النصرة"، وذلك بسبب التأثير المباشر للفارس ورفاقه في فضح ممارسات ذلك التنظيم العصابة الذي يعيث فساداً في محافظة إدلب. فالنظام، وتنظيم "داعش"، وبقايا "جند الأقصى" هم أطراف من الممكن أن يستهدفوا الفارس ورفاقه، إلا أن الظرف الحالي لهذه الجهات، بالإضافة إلى الظرف المكاني للجريمة، يجعل من احتمال الاستهداف من قبلها ضعيفاً، أمام احتمال الاستهداف من قبل "جبهة النصرة" التي تكنّ عداءً علنياً لكل القوى ذات التوجهات المدنية بشكل عام، ولرائد الفارس خصوصاً، إذ حاولت اغتياله قبل ذلك واعتقلته أكثر من مرة، وتم الإفراج عنه بسبب الضجة التي أثارتها عملية اعتقاله. إضافة إلى أنه لم يصدر عن "النصرة" أي بيان حتى الآن بشأن العملية، كما لم يشارك أي من عناصرها من أبناء البلدة في مراسم التشييع أو العزاء، الأمر الذي يجعل من حثالات "النصرة" المتهم الأول في الجريمة، والمسؤول الأول عن التخطيط لها وتنفيذها.