مساومات المنطقة الآمنة: أردوغان يتوعد بمرحلة مختلفة وإسبر يهدد

مساومات المنطقة الآمنة: أردوغان يتوعد بمرحلة مختلفة وإسبر يهدد بمنع التوغّل الآحادي

07 اغسطس 2019
إسبر: أمير ستمنع أي توغل أحادي الجانب (ليزا-ماري ويليامز/Getty)
+ الخط -
فيما كانت مفاوضات تشكيل المنطقة الآمنة في شرق سورية، بين الوفدين الأميركي والتركي منعقدة أمس الثلاثاء في مقر وزارة الدفاع التركية في أنقرة، لليوم الثاني على التوالي وسط حرص على إحاطتها بقدر كبير من السرية، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتوعّد بمرحلة مختلفة في شرق الفرات قريباً، وباستخدام بلاده القوة إذا ما تطلب الأمر للدفاع عن مصالحها القومية، في مواصلة لسياسة التصعيد والضغط على واشنطن التي تعتمدها تركيا، سعياً للتوصّل إلى اتفاق يرضيها حول مسألة المنطقة الآمنة وعمقها الذي يختلف الطرفان بشأنه.
وسبقت التهديدات التركية، أمس، تحذيرات أميركية عبر وزير الدفاع مايك إسبر الذي أكّد على أنّ أي عملية تركية في شمال سورية ستكون "غير مقبولة"، وأنّ الولايات المتحدة ستمنع أي توغل أحادي الجانب فيها، في وقت تحدّثت فيه وكالة "سانا" التابعة للنظام عن دخول 200 شاحنة دعم أميركي للأكراد شمالي سورية.
وجاءت هذه التصريحات في وقت قال مصدر تركي لـ"العربي الجديد" إن المفاوضات تجري بسرية شديدة ولا يمكن القول بحصول تفاهم أو لا، لأن الطرفين يدرسان الأفكار. وأشار إلى أن التركيز ينصب على بحث العرض الأميركي بخصوص المنطقة الآمنة، لكن تمت إضافة ملف منبج بطلب تركي. ولفت إلى أن المناقشات تتضمن أبعاد المنطقة الآمنة من ناحية العمق والطول، فضلاً عن مناقشة سحب السلاح الثقيل من الوحدات الكردية وتشكيل المجالس المحلية. وأضاف: تجري مساومات كبيرة.

كما أوضح أن من ضمن الحديث موضوع الدوريات المشتركة في المنطقة ومن سيتولاها، لافتاً إلى وجود حرص من الطرفين على التوافق لأنهما لا يرغبان بالتصعيد والاصطدام.
وكان أردوغان، أكد في خطاب أمام سفراء أتراك في أنقرة أمس الثلاثاء، أنّ خطوات تركيا بخصوص شرق الفرات في سورية ستدخل مرحلة مختلفة "قريباً". وقال "سندافع عن مصالحنا القومية عبر الحوار وعناصر القوة الناعمة، وأحياناً عبر الضغط الدبلوماسي، وإذا ما تطلب الأمر فباستخدام القوة الفعلية". وأضاف "مع التزامنا بالحوار والاتفاق، تمتلك تركيا الحق في اتخاذ التدابير كافة للقضاء على التهديدات التي تستهدف أمنها القومي، سواء كان ذلك مع حلفائها أو بدونهم". وتابع "تجفيف مستنقع الإرهاب بشمال سورية هو القضية الأكثر أولوية بالنسبة لبلادنا، ولا يمكن لتركيا أن تشعر بالأمان ما لم يتم القضاء على ذلك الكيان الذي ينمو كالخلايا السرطانية على حدودنا الجنوبية عبر الأسلحة الثقيلة المقدمة إليه من قبل حلفائنا"، في إشارة إلى الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية التي تتخوّف أنقرة من سعيها إلى إقامة إقليم ذي صبغة كردية على حدودها تقول إنه يهدد أمنها القومي.


وأوضح أردوغان "إذا لم نقم بما يلزم اليوم، سندفع ثمن ذلك باهظاً في المستقبل لا قدر الله، وسيدخل المسار الذي بدأناه عبر عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون مرحلة مختلفة قريباً، وبالتالي سنكون قد أسسنا ممر سلام يتيح لأشقائنا السوريين العيش في طمأنينة ورخاء وأمان". واستطرد: "ننتظر من الولايات المتحدة، حليفتنا في حلف شمالي الأطلسي، وشريكتنا الاستراتيجية، اتخاذ خطوة في الملف السوري تليق بالحليف الحقيقي"، وأكد أن تركيا "لا تأخذ زمام المبادرة من أجل مستقبلها فقط، ولكن لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة برمتها أيضاً". وتابع: "لقد أظهرت لنا تجاربنا الأخيرة في سورية مرة أخرى، حقيقة أنّ من لا يكون في الميدان لا يستطيع أن يكون على الطاولة". كما دعا الولايات المتحدة إلى وقف تسليح الأكراد وتسليم بلاده قيادات منظمة "الخدمة" التابعة لفتح الله غولن التي تصنفها أنقرة منظمة إرهابية.

ولفت أردوغان إلى أنّ بلاده تهدف من خطواتها في سورية "إلى انقاذ نفسها وإنقاذ أوروبا من ضغط المهاجرين غير النظاميين، وتسريع عملية عودة المهاجرين السوريين إلى بلادهم"، مشيرا إلى أنّ "الوفاء بالتعهدات المقدمة إلى تركيا فيما يتعلق بالمهاجرين السوريين يحظى بأهمية بالغة بالنسبة لبلاده، إلا أنه لم يتم الوفاء بها حتى الآن".
كذلك أعرب أردوغان، عن أمله بأن يواصل نظيره الأميركي دونالد ترامب موقفه الصائب بخصوص منظومة الصواريخ "إس -400" الروسية الصنع، وألا يسمح بتأثير هذه المسألة على الوضع بالحدود المشتركة بين تركيا وسورية.
وسبق تصريح أردوغان تشديد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، على أنّ أي عملية تركية في شمال سورية ستكون "غير مقبولة" وأنّ الولايات المتحدة ستمنع أي توغل أحادي الجانب فيها. وأضاف إسبر للصحافيين المرافقين له، في زيارة إلى اليابان: "نعتبر أنّ أي تحرك أحادي من جانبهم سيكون غير مقبول"، مشيراً إلى أنّ "ما سنفعله هو منع أي توغل أحادي من شأنه أن يؤثر على المصالح المشتركة للولايات المتحدة وتركيا وقوات سورية الديمقراطية في شمال سورية".
وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت، أمس الثلاثاء، عن بدء اليوم الثاني من مفاوضات تشكيل المنطقة الآمنة في شمال شرق سورية مع الوفد العسكري الأميركي، استكمالاً لمباحثات الإثنين. وأفاد الحساب الرسمي للوزارة عبر "تويتر"، بأنّ "اجتماع اليوم (أمس) هو القسم الثاني من الاجتماع التركي الأميركي لتنسيق تشكيل المنطقة الآمنة في شمال سورية، المخطط لها مع المسؤولين العسكريين الأميركيين".
وانطلقت اجتماعات الوفدين، الاثنين، بعد تصاعد التهديد التركي بالبدء بعمل عسكري في شرق الفرات.

في الأثناء، ذكرت وكالة "دمير أوران" التركية الخاصة أنّ مدينة تل أبيض الواقعة قبالة ولاية شانلي أورفا التركية، شهدت إنزال أعلام ورايات وحدات الحماية الكردية اعتباراً من ساعات بعد الظهر تزامناً مع اجتماع الاثنين، وفق ما شوهد من الأراضي التركية، من دون رفع أعلام أخرى، فيما ربطت أطراف محلية هذا التطور بالمحادثات التي تجري في أنقرة.
ووسط هذه التطورات والتهديدات، ذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري أنّ "عشرات الشاحنات والعربات العسكرية التابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، دخلت إلى مدينة القامشلي السورية، آتية من إقليم كردستان العراق، ومحمّلة بالدعم اللوجستي لقوات سورية الديمقراطية (قسد)" في الشمال السوري.